مجتمع

لعنة الإيجارات السكنيّة تلاحق المؤجر والمستأجِر

أزمة تهدد بانفجار اجتماعي

تتوالى الأزمات في جميع القطاعات ومنها العقارات وخصوصًا الإيجارات، التي بدأت تشهد أزمات جرّاء انهيار اللّيرة اللّبنانية أمام الدولار وتدنّي قيمة الإيجار، ما دفع أصحاب العقارات إلى رفع بدل الإيجار للتّعويض عن خسائرهم، الأمر الذي وضع المواطنين المستأجِرين أو من يرغب بالاستئجار أمام أزمة حقيقيّة لافتقادهم القدرة الماديّة، خصوصًا أنّ الرواتب إمّا اقتُطِع منها جرّاء الأزمة أو لا زالت على حالهان وفي الحالتين تضاءلت قدرتها الشرائية.

نقيب الوسطاء والمستشارين العقاريّين وليد موسى أكّد في حديثه لـ “أحوال” أنّنا أمام مشكلة كبيرة في ما خصّ الإيجارات، فالعقود التي أُبرمت بعد عام 1992 تُبرَم لأجل معيّن، لثلاث أو ست أو تسع سنوات، ولا يزال المستأجر يدفع قيمتها على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية حتى الآن، كما أنّ معظم الدعاوى اليوم في المحاكم في ما خص دعاوى الإيجارات، يبت بها القاضي على أساس 1500 ل.ل، حتّى لو كان العقد المبرم بالدولار الأميريكي.

وأشار موسى إلى أنّ هذه العقود مدّتها قصيرة، ومجرّد أن ينتهي العقد تبدأ المشكلة في العقد الجديد، فالمؤجِّر أبقى على تسعيرة 1500 ليرة لبنانية، لكنّه لجأ إلى رفع تعرفة الإيجار، فالعقار الذي كان بدل إيجاره 500$ كان يساوي 750 ألف ل.ل، أما اليوم ال 500$ في سعر صرف السوق السوداء يساوي ستة ملايين ليرة، لكن المؤجِّر رفع بدل الإيجار إلى مليوني ليرة لبنانية وهو يعتبر أنه يؤجِّر عقاره بنسبة  30% من قيمة الإيجار، وفي جميع الأحوال المؤجِّر مظلوم والمستأجِر مظلوم، فالأول خسر من قيمة استثماره، أما الثاني فليس لديه القدرة المالية في ظل عدم زيادة الأجور في جميع القطاعات.

لا يوجد حل إلا بخطّة إسكانية من الحكومة المقبلة، لمساعدة الناس في الحصول على سكن، عبر تطوير منازل أو بنائها من قبل الدولة بمساعدة بعض الصّناديق الدوليّة التي تعنى بالإسكان والسّكن في العالم، لاستئجارها من قبل النّاس وفق ما لفت موسى، داعيًا إلى إلغاء وزارة المهجّرين واستبدالها بوزارة الإسكان والتخطيط، لوضع الخطط المناسبة واستحداث مساكن للمواطنين بأسعار مقبولة، لأنّ المشكلة القادمة كبيرة جدًّا في ظل انعدام فرص التّطوير العقاري بسبب أزمة انهيار الليرة، وهذه المشكلة ستؤدي حتمًا إلى انفجار اجتماعي بسبب عدم قدرة الشباب على تأمين المسكن وبالتالي عدم الإقدام على الزّواج.

ودعا موسى الدولة لدعم المستثمرين في القطاع العقاري عبر رفع نسبة الاستثمار في مناطق البناء، وإعفائهم من الضّرائب على مواد البناء، شرط أن يؤجّر أو يبيع بأسعار معقولة، وهنا تكون الدولة بَنَت بطريقة غير مباشرة، وكل هذا يحتاج إلى حكومة تأخذ هذه الخطط على عاتقها.

أزمة حقيقيّة في السّكن يشهدها لبنان، بعد كل هذا الانهيار الحاصل وتدهور العملة الوطنية، فلا المستأجِر قادر على دفع المزيد من المال بدل سكنه، ولا المؤجِّر قادر على تحمّل المزيد من الخسائر، كل هذا يتزامن مع توقف مؤسّسة الإسكان عن تأمين القروض السّكنية للمواطنين، ما يضع الحكومة المقبلة أمام تحدٍّ خطير، يضاف إلى عشرات التحدّيات.

 

منير قبلان

 

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى