بالأرقام: أطفال لبنان الأكثر تضررًا من الأزمة الراهنة
يعاني الأطفال في لبنان من وطأة أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم في الآونة الأخيرة، وذلك بحسب مسح أجرته “اليونيسف”، والذي أشار إلى أن الأزمات المتتالية التي تضافرت في تكوين الأزمة الكبيرة، بما فيها الإنهيار الإقتصادي الكامل، أدّت إلى جعل الأسر والأطفال في لبنان في حال يُرثى لها، وأثّرت تقريبًا على كل جانب من جوانب حياتهم، في ظلِّ شحّ الموارد وإستحالة الوصول واقعيًا الى الدعم الإجتماعي.
وفي هذا الإطار، أوضحت ممثلة اليونيسف في لبنان، يوكي موكو، أنه “في ظلِّ عدم وجود تحسّن في الأفق، يذهب المزيد والمزيد من الأطفال إلى فراشهم ببطون خاوية”، مشيرة إلى أن صحّة الأطفال ومستوى تعليمهم وكل مستقبلهم يتأثّر بهذا الواقع المأساوي، “فالأسعار تحلّق في شكل هائل ونسبة البطالة تستمر في الإرتفاع، كما يزداد عدد الأسر في لبنان التي تضطرّ إلى اتخاذ تدابير التأقلم السلبية لتتمكّن من الصمود، كإلغاء بعض وجبات الطعام توفيرًا لثمنها أو إرسال أطفالهم إلى العمل والذي يكون غالباً في ظروف عمل خطرة، أو حتى اللجوء إلى تزويج بناتهم القاصرات، أو بيع ممتلكاتهم”، بحسب قول موكو.
من جهة أخرى، فالركود الإقتصادي الذي يسيطر على البلاد ليس سوى أزمة واحدة من جملة الأزمات التي تعصف في البلاد والتي تترنّح تحت تأثير جائحة كوفيد-19 ونتائج التفجيرَين الهائلّين اللذّين عصفا في مرفأ بيروت في آب 2020، بالإضافة إلى عدم الإستقرار السياسي المستمر. وفي حين يُصنّف 1,5 مليون سوري في عداد الأكثر ضررًا، فإن عدد اللبنانيين الذين باتوا بحاجة إلى دعم سريع يرتفع بسرعة قياسية.
من هنا، لفتت موكو إلى أن البنك الدولي وصف ما يحدث حاليًا في لبنان بأنه “أحد أكبر ثلاثة إنهيارات إقتصادية ظهرت منذ منتصف القرن التاسع عشر”، مضيفة: “وما سلّط الضوء عليه مسح “اليونيسف” هو أن الأطفال هم الفريسة الأسهل للكارثة العميقة ويتحملون غالبا وطأتها”.
وبالأرقام، دلّ المسح الذي أجرته “اليونيسف” حديثًا إلى ما يلي:
- نام أكثر من %30 من الأطفال في لبنان في فراشهم، في الشهر الماضي، ببطونٍ خاوية، لعدم حصولهم على عدد كافي من وجبات الطعام.
- لا تملك %77 من الأسر ما يكفي من غذاء أو مال لشراء الغذاء، حيث ترتفع هذه النسبة بين الأسر السورية إلى 99 في المئة.
- %60 من الأسر تضطر إلى شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو من خلال الإقتراض والإستدانة.
- %30 من الأطفال في لبنان لا يتلقون الرعاية الصحيّة الأولية التي يحتاجون إليها، كما أعربت %76 من الأسر عن تأثرها الكبير بالزيادة الهائلة في أسعار الأدوية.
- واحد من كل عشرة أطفال في لبنان جرى إرساله الى العمل.
- %40 من الأطفال ينتمون إلى أسر لا يعمل فيها أحد، و%77 من تلك الأسر لا تتلقى مساعدة إجتماعية من أي جهة.
- %15 من الأسر في لبنان توقفت عن تعليم أطفالها.
- %80 من مقدمي الرعاية يتحدّثون عن مواجهة الأطفال صعوبات في التركيز على دراستهم في المنزل، إما بسبب الجوع أو نتيجة الإضطراب النفسي.
وبناء على ما تقدّم، تُجدد “اليونيسف” دعواتها إلى السلطات المحلية في لبنان من أجل التوسع السريع في تلبية الحاجات الملحة وتوفير إجراءات الحماية الإجتماعية، وذلك من أجل ضمان الحصول على تعليم جيّد لكل طفل وتعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية وحماية الطفل، إذ تؤكد موكو أن “اتخاذ إجراءات حازمة حاسمة مع تضافر الجميع في تنفيذها، هو أمر بالغ الأهمية من أجل التخفيف من المعاناة، خصوصًا بين الفئات الأكثر ضعفًا، ممن يقعون في براثن دوامة الفقر”.
وشددت موكو على أن “اليونيسف” تعمل على توسعة برنامجها، بدعم من الجهات المانحة، وستكون مستعدة لمساعدة المزيد من الأطفال والأسر، “لأن رفاه الأطفال وحمايتهم يجب أن تكون أولوية قصوى من أجل ضمان الوفاء بحقوقهم تحت أي ظرف من الظروف”، خاتمة كلامها بالقول: “لا يمكن للبنان تحمل كلفة وجود أطفال يُحرمون التغذية، أو يضطرون الى ترك مدارسهم، أو يعانون من صحّة هشّة ضعيفة، أو ويواجهون مخاطر الإعتداء والعنف والإستغلال. الأطفال هم مستقبل أي أمّة؛ إنهم الإستثمار الأول والأخير”.