أوتوسترادات لبنان مدن أشباح… والمواطن “عالبقبيشة”
مشاهد الطرقات في لبنان خلال اللّيل تشبه مدن الأشباح، الظلام القاتم يُغرق كل المعالم، ويخطف معه أرواحًا بالجملة، فلا مصابيح تعمل على الطرقات السريعة والدوليّة، ما تسبّب ويتسبب كل يوم بحوادث سير خطرة، تودي بحياة العشرات، في ظلّ تقاذف المسؤوليّات بين الوزارات، مع غياب الخطط الإنقاذية لوقف مسلسل الموت على الطرقات.
محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكّاوي أكّد في حديث لـ”أحوال” أنّ سبب الأزمة يعود لأمرين، الأوّل هو الحاجة إلى أعمال الصّيانة للمصابيح والأعمدة، والثّاني انقطاع التّيار الكهربائي، فالصّيانة اليوم مكلفة جدًّا في ظل انهيار اللّيرة وهي تقع على عاتق وزارة الأشغال العامة والنقل على الطرقات الدولية، أمّا الطرق الفرعية فتقع على عاتق البلديات، واليوم دفاتر الشروط لمشاريع إصلاح الطرقات تذهب إلى ديوان المحاسبة الذي بدوره يعتمد سعر الصرف 1500 ليرة لبنانية مقابل الدولار، بينما سعر السوق 13000 ليرة لبنانية، فمن يدخل مناقصة بهكذا فارق ؟ سأل مكّاوي.
ولفت مكّاوي إلى أنّه منذ القدم لم يكن هناك استمرارية في العمل، فكلّ وزير لديه اهتماماته، ولهذا لا نجد خطط التنمية المستدامة التي من المفترض أن يكمل كل وزير تسلّم وزارةً ما كان قد بدأه سلفه، فلا يبدأ من نقطة الصفر، مشيرًا إلى أنّ المحافظة على تنسيق مع كل الوزارات وتعالج المشاكل المستحدثة معها، لأنّنا غير قادرين على وضع خطة لإصلاح كل الطرقات، خصوصًا في ظل الظروف النّقدية الصّعبة التي تمر بها الدولة.
المشكلة مزمنة ونحن طالبنا بالحدّ الأدنى من الإنارة على الطّرقات الدوليّة وفق ما أشار رئيس جمعية اليازا في لبنان المحامي زياد عقل، ولفت إلى أنّه على هذه الطّرقات أعمدة للإنارة مرتبطة بكهرباء المنطقة، فعندما ينقطع التيار الكهربائي عن المنطقة تغيب التغذية عن أعمدة الإنارة، لذلك يجب أن تكون هذه الأعمدة مزوّدة بمصابيح تعمل على الطّاقة الشّمسية، من أجل تأمين الإنارة بشكل مناسب لتجنّب الحوادث، وهذه القضية تعني وزارتي الطاقة والمياه والأشغال العامّة والنّقل.
ولفت عقل إلى أن أموالًا كثيرةً تمّ هدرها على الإنارة وبقينا نشهد ظلامًا حالكًا على الطرّقات، حتّى إشارات السّير تغيب عنها التغذية الكهربائية، كذلك الحفر المنتشرة، مع الفواصل الموضوعة بين المسارب بطريقة غير مدروسة، كلّها تجعل من طرقاتنا طرقًا للموت، وعزا عقل هذا الإهمال الحاصل إلى أنّه لا قيمة لسلامة الإنسان وحياة الإنسان في لبنان، فكان من الواجب استحداث الإنارة على الطرقات وإصلاح الأوتوسترادات وعدم الانتظار حتى تنهار اللّيرة وتعجز الوزارات عن تنفيذ أي مشروع يحفظ سلامة المواطنين على الطرقات.
حال طرقات لبنان كحال البيوت والمؤسّسات وهي العتمة الدّامسة، في ظل عجز الوزارات عن إصلاح مصباح أو تركيب عامود إنارة في نقطة حسّاسة تُزهق عندها كل يوم روح بريئة، فاللّيرة بالأرض ومعها الدّولة والمؤسّسات، وما تحت الأرض جثث مواطنين ذهبوا ضحية طرقات لا تصلح لسير الدواب.
منير قبلان