في ذكرى التحرير: مواقع الاحتلال تتفجّر من جديد!
بعيد انتهاء كلمة السيد حسن نصرالله، عصر اليوم، واستكمالاً لأنشطة المقرّرة بمناسبة عيد التحرير، عمد “قطاع بنت جبيل” في حزب الله، إلى تنفيذ نشاطين على مواقع الاحتلال المحرّرة، في سيناريو محاكاة لعملية تدمير مواقع العدوّ وإحراقها. اذ انتظر أبناء القرى الحدودية يوم التحرير لمشاهدة تفجير عدد من مواقع الاحتلال السابقة، المنتشرة على طول الحزام الأمني السابق. التي تمكّن معظم أبناء منطقة الحزام الأمني السابق والقرى المحيطة به من رؤية وسماع هذه الانفجارات. فالهدف، بحسب مصدر في حزب الله هو “إعادة مشهد تفجير مواقع الاحتلال الذي حدث يوم التحرير في العام 2000، لتذكير الأهالي بهذه المواقع المحتلّة من جهة، وبأهمية التحرير الذي استطاع إنهاء هذا الكابوس عن أرضنا”. لقد عمد رجال المقاومة إلى تفخيخ هذه المواقع، بانتظار ساعة الصفر (التاسعة مساء)، لإعادة تفجيرها، بعد أن تمّ إعلام الأهالي بذلك.
يتذكّر أبناء القرى المتاخمة للشريط الحدودي المحرّر، جيداً، كيف “كانت هذه المواقع مصدراً للاعتداءات وارتكاب المجازر الشبه اليومية”. أبو ابراهيم ماروني، الرجل الثمانيني، لا يزال يمسح دموعه عندما تحلّ ذكرى التحرير، ” هي دموع الفرح، ممزوجة بلوعة فراق ابنته، الطفلة أمل (13 سنة)، التي استشهدت أثناء القصف الإسرائيلي العشوائي عام 1995، من موقع بلدة حولا الإسرائيلي، على منزله في بلدة شقرا، وجرح طفلته الثانية التي بترت ساقها”، أما يوم التحرير في العام 2000، فقد استشهد ولده الوحيد ابراهيم (15 سنة)، بسبب القصف أيضاً أثناء عبوره مع المواطنين لمواكبة عميلة تحرير المنطقة المحتلّة سابقاً. كما يتذكر أبناء المنطقة يوم عمد عملاء الاحتلال إلى قتل الطفل يوسف الأمين (7 سنوات) أمام والده، برصاصة من وقع حولا أيضاً، أثناء عبوره شارع البلدة. “عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين، سقطوا أمام منازلهم وعلى الطرقات، دون سابق إنذار، لقد أراد العدوّ أن يهجّر أبناء المنطقة القريبة من الحزام الأمني السابق، لكن ما حصل أنّ الأهالي قرّروا الصمود، والتحدّي، ومواصلة القتال”.
لا تزال معالم معظم المواقع العسكرية الإسرائيلية واللّحديّة، التي كانت قد احتلت تلال قرى وبلدات الحزام الأمني سابقاً، على حالها، رغم تفجير بناها الأساسية، فهي بقيت شاهدة على جرائم الاحتلال وعملائه من جهة، وعلى بسالة المقاومين وقدراتهم القتالية العالية بعد أن أمطروا مراراً هذه المواقع بقذائفهم وأسلحتهم المتنوّعة، واستطاعوا السيطرة عليها بشكل متكرّر وقتل العشرات من جنود العدوّ ومرتزقته.
وإن كانت معظم هذه الأماكن اليوم قد أصبحت محاطة بالقصور والمنازل الجميلة، كونها أماكن مرتفعة ومشرفة على ربوع المنطقة وأحيائها، فهي مواقع للذكرى، “نرسل أولادنا إليها ونشرح لهم كيف كان يستخدمها المحتل لقصف المنازل والبيوت، وكيف كان المقاومون يقصدونها ليلاً ونهاراً، يجازفون بأرواحهم للقضاء على المعتدين” يقول أحمد فرحات، أحد أبناء بلدة برعشيت (بنت جبيل)، الذي يبيّن أن “بقاء معالم موقع برعشيت أمر مهمّ لإعادة قصص العمليات البطولية على مسامع أولادنا، عند كلّ حدث يذكرنا بالاحتلال”. فموقع برعشيت الشهير الواقع على إحدى أعلى تلال البلدة، ما زالت معالمه قائمة، ” أمّا أهالي البلدة فقد استهواهم المكان، فقاموا ببناء منازلهم بالقرب منه”.
ولكن اللاّفت أنّ المواقع الإسرائيلية التي مازالت على الحدود لم توقف زحف العمران باتجاهها، فموقع “العبّاد” المحصّن، قرب بلدة حولا (قضاء مرجعيون)، محاطاً الآن بالعديد من المنازل الجميلة، المشرفة على المستعمرات. “ننتظر تفجير هذه المواقع أيضاً وإزالة هذا الكيان من قرب منازلنا الجديدة”، تقول فاطمة نصرالله وتبيّن أنّ “إسرئيل تقيم على أراضي غيرها وتتحدّانا بذلك، فعلينا أن نواجهها بالبقاء واستغلال كلّ أراضينا، فهذه أرضنا ولن نتركها، خاصة هذه الجبال الجميلة الخضراء”.
لقد أصبحت هذه المواقع علامات فارقة يستخدمها الأهالي لتحديد الأماكن القريبة منها. “بيت فلان قرب موقع برعشيت”، أو “عليك أن تسلك طريق موقع المشروع في بلدة الطيبة للوصول إلى هدفك”، يقول أحمد رسلان، مبيّناً أن “عشرات المنازل أحاطت موقع المشروع، الذي سميّ بهذا الاسم لقربه من مشروع المياه في البلدة الذي يؤمّن المياه للعديد من القرى والبلدات الجنوبية. والذي شيّده العدوّ الإسرائيلي في العام 1989 لممارسة الاعتداءات ومراقبة المنطقة المحيطة ببلدة القنطرة لمنع تسلّل المقاومين”.
كما ذكر على لوحة وضعها رجال المقاومة قرب هذا الموقع، بعد التحرير، كتب عليها أن “عدد العمليات التي شنّها رجال المقاومة على هذا الموقع 113 عملية، قتل خلالها أكثر من 9 جنود أسرائيليين وجرح 32 آخرين”. لقد أصبح جميع سكّان المنطقة يعرفون أسماء المواقع الإسرائيلية السابقة، رغم أنّ الزحف العمراني غيّر المعالم المحيطة بها، ما قضى على أوهام العدوّ، وعزّز حلم الأهالي في أنّ هذه المواقع لن تعود مجدّداً إلى ما كانت عليه سابقاً.
داني الأمين