زيارة إلى غرفة عمليات المحور: متى وأين وكيف ساعة الصفر؟
كيف استنتجت أنّ حزب الله غير موجود في معركة غزة؟
سؤال تقليدي يواجه “جماعة الحزب” دوماً، وهم على طريقة هدوء المتمكن يردّون بالاستعراض التاريخي لعلاقة المحور والحزب بفلسطين. لكن ذلك لا يشفي الغليل في تحصيل الإجابات الواضحة والدقيقة.
فلننطلق معاً في “زيارة افتراضية” إلى احدى غرف عمليات المحور، في مكانٍ ما وعلى مساحة تمتد بين ضفتي المتوسط وقزوين مروراً بمرتفعات قاسيون وسهول نينوى وجبال صعدة، في غرفة تجمع ممثلين عن كيانات وضعت نصب عينيها تغيير الواقع. الهدوء يلفّ المكان، ومن يريد الكلام عليه بالتروّي والتوضيح وتقديم الأدلّة والبراهين والشروحات على الخرائط الدقيقة المزيّنة لجدران الغرفة. هنا في هذه البقعة مجموعة من المؤمنين دون مذهبية والقوميين دون عنصرية واللّهجات المحليّة لا تعني “الكيانية” العنصرية، هنا في هذه الغرفة ينظرون إلى المنطقة كقطعة جغرافية واحدة ذات هدفٍ واحد.
رغم زحمة الضباط والقياديين وتنوّع اللّهجات واللّغات ولمعان شاشات الحواسيب وأجهزة التلفزة، يجيب أحد أركان الغرفة اللّبنانيين على شكل سؤال: وهل الصواريخ الموجودة وتقنياتها والخطط العسكرية، كلّها حصلت بمعزل عن الحزب؟ وهل تُدار المعارك بالحماس والانفعال؟ وهل تعتقد أنّ هذه المعركة وما سبقها، وكيفية إدارتها تجري من دون تنسيق بين كامل عناصر المحور؟”.
ويضيف “الحاج” المهذّب بكلامه وتصرفاته “للعلم توجد غرفة عمليات في غزة كما توجد غرفة عمليات مركزية خارج غزة، تخطّط وتتابع بدون انفعال وبعقل بارد، وتقرّر إذا كانت توجد مصلحة في توسيع الجبهات أو حصرها، تتولّى دراسة الواقع لحظة بلحظة وكيفية التعامل مع كلّ طارئ”.
ويتابع “ساحة المعركة الأساسية هي فلسطين، وما تحمله من تناقضات بين دعاة المقاومة وبين المطبّعين أو من استسلم ورضي بوجود الكيان والتعايش معه، وهنا المهمّة الأساسية لتحضير الأرضية المناسبة لمعركة التحرير هي معركة الوعي، وهذا يعني تحويل المجتمع الفلسطيني بالكامل إلى النهج المقاوم، الذي يرفض تخاذل السلطة ونهجها، وهذا يعني أن ينخرط كلّ الشعب الفلسطيني في المواجهة لنصل إلى مجتمع التحرير”.
وبعد رشفة من كوب الشاي يقول “هذه المواجهة ليست حرب التحرير بعينها، إنّما هي مقدّمات وتحضيرات للحرب الكبرى القادمة التي ما تزال تحتاج إلى استكمال الإعداد والتجهيز، وهي معركة لها شعاراتها وأدواتها وعناصرها، ومن ضمن أهم شروطها أن تستكمل سوريا تحرير كل أرضها، وأن يتم طرد المحتل الأميركي من العراق وسوريا، وأن يخرج اليمن من أزمته موحداً منيعاً، وهذا ما يعمل عليه المحور بكلّ قوة. تحرير فلسطين لا يتم بالحماس والانفعال والعشوائية، هي معركة ذات قيادة موحدة غير معلنة، وضعت خطط طويلة الأمد وبعقلٍ بارد وأعصاب حديدية، تقرأ الأرض والواقع والعلاقات الدولية وتوازن القوى المحلّي والإقليمي والدولي، تعرف كيف تخطط وتوائم بين الواقع والمرتجى، وهذا ما عبّر عنه الأمين العام السيد حسن نصرالله بقوله إنّ المحور يمتلك قيادة عسكرية وسياسية موحدة”.
ويختم الحج كلامه بالاستنتاج التالي “حتى لا نقع بأزمة العقلية الشرقية الانفعالية والعشوائية، قضية فلسطين معقدة وشائكة وعالمية تتداخل فيها كلّ القوى الكبرى والمصالح الدولية، وتغيير هذا الواقع يعني تغييراً على مستوى الكرة الأرضية، لكن الأهم أن نقتنع نحن بأحقية قضيتنا ونؤمن بقرب الانتصار، وكما هي مسألة معقدة وخطيرة نحن نرى القدس أقرب إلينا من أي وقتٍ مضى، ونضرب مثالاً عمّا قاله منذ أيام أسامة حمدان، القيادي في حركة حماس، عبر قناة الجديد مع الإعلامية سمر أبو خليل “حركتنا تسعى جاهدة لإعادة العلاقات الوثيقة مع القيادة السورية، وقادة محور المقاومة يبذلون جهوداً جبّارة في هذا السبيل، وأتوقّع أن تعود العلاقة خلال عام واحد، علاقتنا بتركيا جيّدة، وإن كُنّا نتمنى لو كانت مواقفها جذرية مثل إيران ومحور المقاومة، أمّا إيران وحزب الله فشيء مختلف تماماً، فهم من يؤمّنون لنا كلّ الأسلحة والصواريخ وتكنولوجيا التصنيع العسكري والدعم المادي والمعنوي والسياسي والدبلوماسي، ويشاركوننا في وضع خطط المواجهات ويدربّوننا، وأضاف أنّ قادة حزب الله والحرس الثوري الإيراني كانوا في أحيان كثيرة فلسطينيين أكثر مِنّا، هؤلاء من سيدخلون معنا القدس فاتحين مُحرّرين… ولن أزيد أكثر”.
عامر ملاعب