منوعات

خبير مالي: سلامة يشتري الوقت بتعاميم غير قانونية

الحاكم يربط تسديد الودائع بإقرار "الكابيتال كونترول"ّ!

في ظل المشهد القاتم الذي يخيّم على البلاد على الصعيد السياسي والاقتصادي والمالي، برزت بارقة ضوء تمثلت بإعلان حاكم مصرف ​لبنان​ ​رياض سلامة، مجموعة قرارات تتضمن خطة للبدء بدفع أموال المودعين تدريجياً، بمبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي اعتباراً من 30 حزيران المقبل.

وأشار سلامة في بيان، أنّه “بعد نجاح التعميم 154 والتزام المصارف بمندرجاته، طلب مصرف لبنان من المصارف تزويده بالمعطيات ليُبني عليها خطّة، يتمّ بموجبها دفع مبالغ تصل إلى 25 ألف دولار أميركي، وبالدولار​ الأميركي أو أي عملة أجنبية، إضافة إلى ما يساويها بالليرة اللبنانية​. وسيتم تقسيط هذه المبالغ على فترة زمنية يُحدّدها مصرف لبنان قريباً؛ ومن المتوقّع أن يبدأ الدفع اعتباراً من 30 حزيران 2021 شرط الحصول على التغطية القانونية.

غبريل: يجب انتظار نتيجة المفاوضات والعبرة بالتنفيذ

يبدو ظاهر القرار جيداً، لكن ربطه بالتغطية القانونية يثير الكثير من التساؤلات. فماذا يقصد مصرف لبنان بالتغطية القانونية؟

بحسب مصادر مصرفية لـ”أحوال”، سلامة يقصد بالتغطية القانونية، إقرار قانون “الكابيتال كونترول” وضبط التحويلات المالية إلى الخارج أي (الدولار الطازج). إذ أنّ البدء بدفع الودائع تدريجياً للمودعين سيدفع بهؤلاء إلى تحويل الدولارات إلى الخارج لعدم ثقتهم بالمصارف اللبنانية. لذلك حث مصرف لبنان المجلس النيابي على إقرار هذا القانون لضمان بقاء الدولارات في لبنان.

في هذا السياق، يوضح رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، لـ”أحوال” أنّ “أي مبادرة من هذا النوع يجب أن تأخذ بعين الإعتبار قدرة المصارف على تلبيتها. فالأهم أن يحصل توافق بين الطرفين، أي مصرف لبنان والمصارف؛ وبالتالي يحتاج تطبيق المبادرة الى نجاح المفاوضات بين مصرف لبنان والمصارف، إضافة الى تأمين التغطية القانونية؛ ويعني ذلك إقرار قانون الكابيتال كونترول في مجلس النواب”.

وفي حال تنفيذ هذا التعميم، سينتج عنه تداعيات إيجابية على سوق الصرف، وبالتالي انخفاض بسعر صرف الدولار إلى ما دون 10 آلاف ليرة بحسب الخبراء؛ كون دفع جزء من الودائع بالدولار للمودعين سيرفع من عرض الدولار في السوق وبالتالي انخفاض قيمته.

لكن برأي غبريل، “من المبكر الحكم على النتائج والعبرة بالتنفيذ. والأفضل انتظار نتيجة المفاوضات بين مصرف لبنان والمصارف”.

استعادة الثقة في القطاع المصرفي

ويضيف غبريل: “نعيش في لبنان أزمة ثقة، بدأت في أواخر 2017 بسبب السياسات الحكومية المتعاقبة وإهمال الإصلاحات واتخاذ قرارات كارثية، أدت الى تفاقم العجز الى 6 مليارات دولار في الـ2018، الذي بدوره أدى إلى فقدان الثقة تدريجياً، إلى حين حدوث الإنفجار في 17 تشرين الأول 2019”. ويلفت إلى أنّ “ذلك أدى إلى تراجع الثقة وإنخفاض حاد بتدفّق رؤوس الأموال إلى لبنان، ثم إلى توقفه كلياً منذ قرار الحكومة التعثر عن تسديد سندات اليوروبوند، وبالتالي تهميش لبنان عن النظام المصرفي المالي والعالمي؛ (فهدف المصارف أن يتصرّف المودع بأمواله كما يريد). وبالإضافة إلى عدم تدفق رؤوس الأموال،حصل شحّ بسيولة بالعملات الأجنبية؛ وبالتالي أي مبادرة مقبلة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار هذا الواقع وتعيد الثقة بالقطاع المصرفي”.

خليل: سلامة يشتري الوقت بتعاميمه غير القانونية

في المقابل، يشير الخبير المالي والاقتصادي د. حسن خليل لـ”أحوال” إلى أن “الهدف الأساسي للبنك المركزي من وراء مجمل التعاميم غير القانونية التي يطلقها هو شراء الوقت. فبعد الإعلان عن أول منصة للصرافين، وبعدها البطاقة المصرفية ب٢٠٠ دولار للشخص، إشترى ستة أشهر”. ويضيف: “لنفترض أنّ بعض المصارف وفّرت سيولة بناء على تعميم ١٥٤ غير القانوني أصلاً، والذي يعتبر كل المصارف بالوضعية نفسها_ علماً أن هناك مصارف أفضل وضعاً بأضعاف من مصارف أخرى؛ فكيف ستدفع المصارف التي لم تستطع تأمين سيولة؟”.

ويتساءل خليل: “من أعطى البنك المركزي صلاحية التدخل القانونية في العلاقة بين المصارف والمودعين؟ وهي علاقة تنظمها عقود الإيداع والإقتراض، ولا علاقة للمركزي بالأمر، إلا فيما يتعلّق بسلامة النسب المالية لكل مصرف على حدى؛ لا على أساس وكأن كل المصارف وحدة حسابية واحدة. وكيف لمصرف مركزي أن يتدخل ويحدّد مبلغ ٢٥،٠٠٠ دولار حد أقصى بعملات مختلفة؟ ويعد المودعين بالدفع التدريجي بعد ٣٠ حزيران؟ هؤلاء الذين يتعلّقون بخيط أمل. ولو كل المصارف التزمت وأمنت سيولة ٣٪ حسب التعميم، ستؤمن مبلغ ٣ مليارات. فمن أين ستقسط الباقي؟”.

لكن هل سيقرّ مجلس النواب قانون “الكابيتال كونترول”؟ وما هو مصير الودائع إذا لم يُقرّ؟

بحسب معلومات “أحوال”، فإنّ مشروع القانون لا يزال يقبع في إدراج المجلس النيابي ويخضع للتدقيق والدرس في لجنة المال والموازنة واللجان المشتركة. وهو محل خلاف بين القوى السياسية، وهناك صعوبة بالإتفاق على صيغة مشتركة، ما سيؤخر إقراره وبالتالي يؤخر تنفيذ تعميم المصرف المركزي الأخير الذي ربط بين الدفع التدريجي للودائع وبين إقرار القانون. فهل فخّخّ سلامة تعميمه الأخير بهذا الربط؟

محمد حمية

 

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى