منوعات

“الكتائب” في زحلة: رئيس إقليم “مغيّب” وخلافات داخلية وتراشق

تشكّل زحلة قبلة أنظار الأحزاب المسيحية تاريخياً لذا تتنافس على صدارة الحضور الحزبي الشعبي فيها. أقدم هذه الأحزاب “الكتائب” الذي يُجايل حضوره في المدينة نشأة الحزب الذي تأسس عام 1936 حيث دخل عاصمة البقاع من بوابة بلدة رياق مقتحماً مجتمع العائلات يومها.

الحزب “الهرم” شهد محاولة لتجديد شبابه قام بها حفيد المؤسس الوزير الشهيد بيار الجميل لكن إغتياله في 21/11/2006 أصاب هذه الاندفاعة في الصميم. مع إستلام شقيقه النائب المستقيل سامي الجميل رئاسة الحزب من والده الرئيس السابق امين الجميل في 14/6/2015 عمد الى ضخ وجوه شبابية في المواقع الرئيسية والمفصلية في الحزب معظمها كانت ترافقه في حركته السياسية “لبناننا”.

كان موعد زحلة مع التغيير الشبابي الذي ينشده سامي في 28/7/2020 بتعيين المكتب السياسي في حزب “الكتائب” شارل سابا رئيساً لاقليم زحلة الكتائبي. تأتي هذه الخطوة بعد الانتخابات النيابية حيث حصد الحزب نتيجة متواضعة نسبياً تمثلت بـ1213 صوتاً لمرشحه عضو المكتب السياسي والنائب والوزير السابق إيلي ماروني بعدما شهدت مرحلة الترشيح تنافساً حاداً بين سابا والماروني قبل ان تحسم لمصلحة الأخير.

يسجّل لسابا ديناميكيته وأنه كتائبي صرف حيث منذ شبابه كان “فتى الكتائب” فإنتسب الى “الحزب” في مرحلة ترؤس الوزير السابق كريم بقرادوني له ولم يكن يوماً “حركة تصحيحية” أو “قاعدة كتائبية”. هو من القلائل من خراج “لبناننا” الذين نجحوا بكسب ثقة الجميل، فشغل منصب مستشار له لشؤون الادارة العامة منذ ٢٠١٤. كما أسس الى جانب الجميّل المرصد اللبناني للفساد في 27/7/2016. كذلك إختير مع رئيس إقليم زحلة السابق غسان المر لعضوية مجلس بلدية زحلة-المعلقة قبل ان يستقيلا منه.

“غلطة الشاطر بألف” و”غلطة” أو “زحطة” أو “فخ” نصب لسابا تسبب بصدور بلاغ بحث وتحر بحقه 12/10/2020 في الشكوى المقدمة من الوزيرة السابقة ندى البستاني، بعدما لم يتمكن من إبراز اي مستندات تثبت ما أعلنه على هواء الـmtv  عن تحويلات للبستاني من لبنان الى سويسرا بعد “17 تشرين”. فكيف يبدو واقع “الكتائب” في زحلة في ظل رئيس إقليم مغيبّ وعلى مسافة سنة مبدئياً من الاستحقاق النيابي الذي يطالب “الحزب” بإجرائه باكراً؟!

يشير ماروني الى أن لا علم له بوضعية رئيس الاقليم لأنه متلهٍ بالسياسة والشؤون الوطنية أكثر من التفاصيل الحزبية، ويردف: “التركيبة الحزبية الكتائبية تعتمد على الأقسام في البلدات أو الأحياء وهي تقوم بواجباتها بغض النظر عن رئيس الاقليم”.

يشاطر القيادي الكتائبي في زحلة يوسف مخول (عضو سابق في المجلس المركزي ومفوض القوى النظامية للكتائب في البقاع) ماروني الرأي بأن “الحزب يمتلك هريمة ولا يتوقف على أشخاص. هناك نائب رئيس ولجنة تنفيذية ولجان ومكاتب “. يضيف: “مسألة الاستاذ شارل سياسية أولاً حيث هناك محاولات لتوريطه بأمور. بالطبع يؤمّن سابا بحضوره دينامكية ولكن الآثار السلبية لغيابه لا تتعدى 10%”.

بينما يعتبر المر سلف سابا في رئاسة الاقليم أن تزامن كورونا مع مشكلة ألأخير حدّ من تـداعياتها، لكنه يؤكد: “غياب سابا يترك أثراً في الحركة والقيام بالدور والمشاركة الكتائبية في المدينة. صحيح أن إقليم الكتائب في المدينة مفتوح، لكن لا احد يستطيع أن يملأ الدور السياسي لرئيس الاقليم. فنائبه يسير الاعمال الادارية فقط”.

في الانتخابات النيابية الاخيرة عام 2018، حصد “الكتائب” 1213 صوتاً تفضيلياً لمرشحه ماروني من أصل 94082 صبّت في صناديق الاقتراع، وهو رقم متواضع مقارنة بالأحزاب وبالفاعليات الزحلية التقليدية التي خاضت الاستحقاق. فهل إنطلقت الماكينة الانتخابية الكتائبية؟ وما حجم مجموعات “الثورة” في الدائرة التي يعول “الكتائب” على تحالف معها لتحسين تمثيله البرلماني؟

يعتبر مخّول أن “البيت يحترق فلنطفئ الحريق اولاً وبعدها نبحث بالديكور أي الناس تموت من الجوع فلنعالج الازمة ثم نتحدث بالانتخابات”، وحين نقول له إن رئيس الحزب النائب المستقيل سامي الجميل يدعو لإنتخابات مبكرة يستدرك قائلاً: “عملية تنقيح اللوائح متواصلة والماكينة الانتخابية لا تهدأ على مدار السنة”. كما يشددّ على أن “نتائج الانتخابات الماضية لا تعبّر عن حقيقة الأرض لأن القانون الانتخابي هجين وثانيا هناك وجود لسلاح غير شرعي ووجود للمال الانتخابي واللعب بالارقام”.

كذلك يشير الى أن 46% من الزحليين لم يشاركوا في الاستحقاق وهذا نوع من الانتخاب، وحين نسأله ما علاقة ذلك بالكتلة الانتخابية الحزبية الصلبة اي المؤلفة من المنتسبين التي من المفروض ان تكون صبت لمصلحة مرشح الحزب أي ماروني، يجيب: “نحن نرفض منطق الـ Blockالحزبي هذا نمط القطيع. نحن نعول على البيئة الحاضنة وليس فقط الحزبيين. ربما في الانتخابات الاخيرة أخطأت بعض القيادات الكتائبية في ادارة معركة زحلة وهذا انعكس على النتيجة”.

أما المر فيشدّد على أن “الكتائب” دائماً جاهز للانتخابات وهو الحزب الوحيد الذي لديه بيت في المدينة منذ أكثر من 80 عاماً. ورداً على سؤال عم يحكى عن إجتماعات تعقد في دارة ماروني وما طبيعتها، يجيب المر: “الاجتماعات في منزل ماروني في اطار سياسة “دكانة” خاصة به كأي نائب سابق. لا اريد ان اجرّح به ولكن بصفته عضو مكتب سياسي في الحزب يجب ان يعقد اجتماعاته في مركز الحزب. في الاساس من غير المفروض أن يتعاطى بزحلة بل يجب ان تمر كل الامور برئيس الاقليم ولكن في الفوضى الحالية نشهد ذلك”.

من جهته، يرى ماروني أن التحضيرات الجدية للانتخابات تتركّز آخر شهرين، مشيراً الى ان عنصري المال والخدمات يفعلان فعلهما. كما يذكّر أن المرشحين لم يتحددوا بعد وشخصية المرشح وحضوره ودوره تسرّع وتيرة عمل المكينة الانتخابية.

يضيف: “توجد مشاكل في كل الاحزاب وبالكتائب في زحلة هناك مشاكل وبالتالي يتم علاجها. منذ نحو اسبوعين عقد اجتماع في زحلة بحضور الامين العام للحزب وشارك فيه رؤساء الاقاليم وانا بصفتي عضو مكتب سياسي بهدف الى الاسراع بلمّ الشمل”.

كما يردّ ماروني على وصف المر للقاءات التي تعقد في دارته بـ”سياسة الدكانة” قائلاً: “أسوأ ما حصل مع الكتائب في زحلة منذ 1936 الى اليوم هو غسان المر بشخصه ونهجه وادائه. ماذا أنجز في سنة ونصف السنة كرئيس اقليم غير انه زرع الفتنة. ايام المر ايام الموت السريري للكتائب في زحلة. إن الاجتماعات التي أجريها مع الكتائبيين أقيمها في أقسام الكتائب، والاجتماع الاخير في اقليم زحلة انا كنت حاضرا فيه وهو غائب. هذا لا ينفي حقي كرجل سياسي ان التقي بالناس التي تؤيدني وبنفس الوقت لا اخذ قرارات حزبية كي اسيء الى الحزب. بيتي مفتوح من 30 سنة أمام الناس للقائهم والتواصل معهم. الـ 1200 صوت أضفنا لهم اصوات الاغتراب التي حاولوا مصادرتها فلامس العدد 1500 . أنا أفتخر انها أصوات ايلي ماروني لأن لا الكتائب ولا بقية الاحزاب اعطوني اصواتهم عام 2018”.

ورداً عن على سؤال عن مستوى التنسيق في زحلة مع مجموعات الثورة ومدى حضورها، يجيب ماروني: “هناك جهاز مركزي في حزب الكتائب للتنسيق مع الثورة وهناك جبهة معارضة ستعلن. اما في زحلة، فثمة ثوار كأفراد وانا أتواصل معهم ولكن لا يوجد اطار وكيان لمجموعات ثورية”.

بين واقع رئيس إقليم “مغيّب” وخلافات داخلية وتراشق، هل ينجح “الكتائب” بعلاج هذه المشاكل سريعاً والتفرّغ لإنجاح جبهة المعارضة التي ينوي إطلاقها تمهيداً للإنتخابات؟

جورج العاقوري

صحافي ومعّد برامج سياسية ونشرات اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى