سياسة

الهشاشة من السياسة إلى الأمن!

على وقع تضخم “فيل” غليان الشارع الشعبيّ واستنفار الأجهزة الأمنية وإعلان المصارف الإضراب، وهشاشة الإدارة السايسية والتشريعية والمالية، علّق مجلس النواب اليوم جلسة دراسة ومناقشة بنود موازنة عام 2022 التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه برّي خلال وقت سابق بسبب إفقاد جلسة التصويت النصاب.

الرفض والجلد للموازنة كان القاسم المشترك بين المتحدثين الكثر، في الجلستين المطولتين للمجلس، والتركيز الأساس للنواب كان على رفض الضرائب الجديدة بالإضافة إلى عدم تحديد سعر صرف موحد والاختلاف على الدولار الجمركي ورميه على مجلس النواب لتحديد سعر محدّد.

أدلى كل نائب بدلوه في منازلة الموازنة، وحين حان وعد التصويت خرج نواب من مختلف الجهات، فأفقدوا الجلسة نصابها مما حتّم تأجيلها.

نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، لم يَرُق له مصير الجلسة، وأكّد أنّ “هناك بعض الملاحظات المحقة ولكن لا نصل الى نتيجة بهذه الطريقة”، مشيراً الى أنّه “تمّ خلق فوضى في مجلس النواب كلفتنا رفع الجلسة”.

وتابع: “لست مقتنعاً بالموازنة ولست مقتنعاً بالتصويت للموازنة في النقاش الذي يحصل ولكن ليس هكذا تدار الامور”.

وفي السياق عينه، اعتبر النائب علي حسن خليل أن “كل التبريرات التي أعطيت لتطيير النصاب في غير مكانها وعلينا أن ننتبه على أنّ مسؤولية إقرار الموازنة لا ترتبط بمناقشة الخطة الاقتصادية”.

ورأى أن “من قاطع الجلسة مارس حقاً ديمقراطياً لكنه منع إقرار مجانية أدوية السرطان ومضاعفة الرواتب 3 مرات وتمويل الجامعة اللبنانية!”.

في المقابل، قال النائب النائب جورج عدوان: “نحن من أفقدنا نصاب جلسة إقرار الموازنة وما يحصل خارج المجلس النيابي وداخله يُؤشر إلى أنّنا نعيش في عالمين مختلفين وعوض السعي لرد أموال المودعين يعملون على تهريبات”.

من جانبه، قال النائب مارك ضو “خروجنا من جلسة اليوم هو رسالة واضحة. لن يبقى القديم على قدمه في المجلس، لن نبصم على شيء. الشعب اللبناني ينتفض بكل مكان، وما يجري في المصارف اليوم مؤشر واضح. على البرلمان اللبناني أن يناقش خطة شاملة ورسم مخرج حقيقي لأسوء أزمة بتاريخ لبنان”.

فيما شدد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض، على أن “البلد بحاجة لموازنة، ومن يطلب ردها لا يعطي بديلاً منها ولا بديل أصلاً، ويريد إيرادات للدولة على سعر صرف ال1500”.

وقال: “من حق الكتل أن تناقش بالأرقام والجداول ونحن في كتلة الوفاء للمقاومة أدخلنا تحسينات على الموازنة وأخذنا التزام الحكومة بأدوية السرطان وتمويل الجامعة اللبنانية، وفرضنا عليها أن تضاعف رواتب القطاع العام 3 مرات”.

وسأل: “ما مصلحة إفقاد الجلسة النصاب، المشكلة الجوهرية علاجها بخطة التعافي، هل المطلوب الا تصدر أي موازنة بانتظار خطة التعافي؟ هل من المنطق أن يقبض موظفو القطاع العام مليون ومليوني ليرة في ظل هذه الظروف؟ لا أدافع عن الحكومة لكن السبب هو عدم السيطرة على سعر الصرف، وصلاحية الحكومة أن تتابع هذا الموضوع وليس المجلس النيابي”.

وإذ لفت الى أن “المطلوب أن نضع أرقاماً تقريبية بالحد الأدنى، رأى أن “كل من لا يريد موازنة يريد دولة مفلسة تؤدي الى مزيد من تجويع الشعب”.

وسط هذه الخفّة والتناحر النيابي في تسجيل النقاط وخفّة الحكومة في التعاطي مع أزمات اللبنانيين وشؤونهم الحياتية، تتّسع مظاهر التفلّت على مستوى الأمن الاجتماعي نتيجة اشتداد الأزمة الاقتصادية، فشهد اليوم رقماً قياسياً لاقتحام المصارف وفي مناطق لبنانية مختلفة في غضون 24 ساعة، في ظاهرة، أوحت وكأنّ الأمور مدبّرة، لأسباب عدة منها “تطويب الفوضى”.

يعتبر البعض أن ما يجري يشكل خطراً على النظام المصرفي وعلى البلد ككل. هو نفسه النظام الذي سر نفسه لخدمة منظومة سياسية ومالية وحزبية متشابكة المصالح، مبدداً أمانات المودعين اللبنانيين والعرب.

لكن في الواقع، المسؤول الأول والأخير لما يشهده لبنان هو من منع إقرار خطة التعافي في 2020 وحتى اليوم ومن سمح لبعض المودعين الخاصين أن يخرجوا، نقداً أو تحويلاً، أموالهم بعد تشرين 2019. الاستنسابية وسياسة “تفقير الناس” تُوَلِّد حالة من اليأس. لا يُلام اليائسين بل المذنبين الذين أوصلوا الناس إلى هذه المرحلة.

 

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى