مجتمع

لبنانيون يبحثون أزماتهم على “كلوب هاوس” بعيداً عن الاستقطاب السياسي

اعتاد اللبنانيون متابعة حروب تعليقات ضروسة يخوضها مناصرو الأحزاب التقليدية على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن على تطبيق “كلوب هاوس”، يجد مستخدموه مساحة لحوارات أكثر هدوءاً بعيداً عن استقطاب لطالما طبع الحياة السياسية في البلاد.
عبر التطبيق الصوتي الأميركي، يخوض اللبنانيون، وإن كان على مستوى ما زال محدوداً مقارنة بتراشق الاتهامات السياسية على البرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، نقاشات متّزنة. يتدرّج مضمونها من الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد مروراً بأداء الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وكيفية التخلص منها إلى قضايا عدة أخرى.
وتقول الصحافية الناشطة على “كلوب هاوس” بولا نوفل (25 عاماً) لوكالة الأنباء الفرنسيّة AFP، إن التطبيق “ساعد الأشخاص ذوي الخلفيات السياسية المتناقضة على فهم وجهة نظر بعضهم البعض”، إذ أتاح لهم فرصة “للاصغاء بخلاف تطبيقي تويتر وانستغرام” حيث يبقى التفاعل المباشر بين المستخدمين محدوداً.
منذ إطلاقه قبل عام، ورغم أن استخدامه محصور بهواتف “آي فون”، راج صيت التطبيق بشكل كبير. وساهمت إجراءات الإغلاق بمواجهة فيروس كورونا من سرعة انتشاره بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
ويخشى كثر أن تعمد حكوماتهم إلى فرض رقابة على التطبيق، أو أن تلحق بخطى الصين وسلطنة عمان عبر فرض حظر على استخدامه.
يتطرق المستخدمون في العالم العربي عبر غرف النقاش الرقمية التي بإمكانهم انشائها، إلى مسائل عدة تتنوع من السياسة إلى قضايا النسوية والتحول الجنسي والكتب والموسيقى وحتى الطعام.
ويناقش السوريون، خصوصاً المتواجدين خارج البلاد، قضايا إنسانية وسياسية تتعلق بالحرب في بلادهم، بينما يخوض السعوديون، وسط خشية من فرض حكومتهم رقابة على التطبيق، محادثات حامية حول نظام الحكم والإصلاحات السياسية والعنصرية وغيرها من قضايا المملكة.
أما في لبنان، فيُعد التطبيق بمثابة خدمة من الدرجة الأولى، إذ يستطيع مالكو هواتف “آي فون” فقط استخدامه. ويعادل سعر الجهاز اليوم أكثر من عشر مرات قيمة الحد الأدنى للأجور البالغ 675 ألف ليرة (نحو 60 دولاراً بحسب سعر صرف السوق).
لكن مستخدمو “كلوب هاوس” من ناشطين وصحافيين ومغتربين يجدون في غرفه الرقمية فرصة للتعرف على الآراء المتنوعة.
ويقول الصحافي اللبناني المقيم في واشنطن جو خولي للـAFP “بات كلوب هاوس بمثابة مساحة آمنة للاستماع والأهم التعلم والتعرف على بعضنا البعض”، خصوصاً حين تجمع الغرف مستخدمين من خلفيات سياسية مختلفة.
تحمل إحدى غرف النقاش عنوان “لا أحد سيأتي لإنقاذنا”، وثانية “بين عون والحريري: مع أو ضد”، في إشارة إلى الخلاف المستمر منذ أشهر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حول تشكيل الحكومة المقبلة.
ويقول المنتج التلفزيوني وسيم فقيه، المقيم في واشنطن، إن تطبيق “كلوب هاوس” ساهم “في تغيير نظرتنا” إلى الشباب اللبنانيين الذين ما زالوا يؤيدون الأحزاب التقليدية.
ويضيف “يحاول البعض أن يجد طريقة للخروج من سرديتهم أو حتى إصلاحها”.
وتطرق إلى حوار حول الإصلاحات الضرورية لوقف الانهيار الاقتصادي الحاصل، ناقش خلاله الحاضرون ضرورة تشكيل حكومة جديدة، بعدما مرت حوالى ثمانية أشهر على استقالة حكومة حسان دياب.
ويقول إنه خلال الحوار ابتعد مناصرو الأحزاب عن “سردية” زعمائهم، الذين يتنافسون على تقاسم الحصص في الحكومة المقبلة.
ويضيف “بدا أن الجميع متفقون على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين، وإلا سنقع في الفخ مجدداً”.
ولا تعدّ إدارة غرفة نقاش على التطبيق أمراً سهلاً، إذ يقع على عاتق مدير الجلسة تحديد مسار الحوار، ما يمكن القبول به أو رفضه وقد يضطر أحياناً إلى إخراج أي مثير للمشاكل من الجلسة.
لكن في لبنان، لا تشهد غرف النقاش بشكل عام حوارات حادة، وإن اختلفت فيها الآراء.
ويقول علي فواز، الذي يدير موقع “ذي رايت ووردز” (الكلمات الصحيحة)، إن تطبيق “كلوب هاوس ظهر فجأة وفي الوقت المثالي، حيث كان الجميع في لبنان يتوق للتواصل والحوار”.
وأتاح التطبيق لفواز، كما يشرح، إمكانية قليلة الحدوث للتواصل مع سياسيين بينهم وزير سابق وشخصيات عامة عادة ما يحلون ضيوفاً على برامج تلفزيونية يجيبون خلالها على اسئلة محاوريهم التقليدية.
ويضيف “أصاب كلوب هاوس الهدف بالصميم جراء النقاش الحر والمباشر الذي يمكن خوضه مع شخصيات عامة”.
ويوضح إنه أجرى عبر التطبيق “لقاءات عن قرب مع من يتمتعون بماض ذي شوائب ولم تتم مساءلتهم حوله”.

المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى