هل تجمع باريس الحريري بباسيل؟
لم تصدر أيّ معلوماتٍ رسميةٍ عن دوائر قصر الإليزيه تحدّد موعد لقاء الرئيس إيمانويل ماكرون برئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، إلّا أن المعلومات المتقاطعة تشير إلى أن الرّجلين سيلتقيان الأربعاء، على أن يغادر باسيل لبنان متوجهاً إلى العاصمة الفرنسية باريس الثلاثاء بعد لقائه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي لم ينقطع تواصله مع الفرنسيين بهذا الخصوص.
لا يخفى على أحد أن ملف الحكومة سيكون على طاولة البحث، وبخاصة بما يتعلّق بالتنازلات المطلوبة للوصول إلى حلٍّ يتمثل بتشكيل حكومة اختصاصيين. ولكن السؤال: هل سيلي هذا اللقاء لقاءٌ آخر بين باسيل ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بهدف رأب الصدع الحاصل وتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة العتيدة في حال نجح الفرنسيون في انتزاع ضمانات من باسيل تُطمئن الحريري؟
الحريري الذي مدّد زيارته الخاصة إلى الإمارات بضعة أيام خلال عطلة عيد الفصح، تلقّى دعوةً من الفاتيكان، توقّعت المصادر أن يلبّيها خلال الأيام القليلة المقبلة، إلّا أن المؤكّد حتى الساعة، أن الرئيس المكّلف بتشكيل الحكومة سيعود إلى لبنان للقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي يصل الأربعاء إلى بيروت، حاملاً رسالةً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الجمهورية ميشال عون تنطوي على مسعى لدعم جهود حلحلة أزمة التشكيل. ولهذه الغاية، سيلتقي الوزير المصري، بالإضافة إلى الرئيس عون، عدداً من الشخصيات من بينها رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة المكلّف.
المعلومات عن تلبية الحريري لدعوة الفاتيكان في الإطار الزمني نفسه الذي يزور فيه باسيل باريس، أعطت المراقبين أملاً إضافياً في حصول اللقاء بين الرّجلين في العاصمة الفرنسية بدفعٍ أوروبيٍّ مشترك، ولا سيما أن تشكيل الحكومة سيكون فاتحة الإصلاحات الفعّالة المطلوبة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وجذب المستثمرين، وأوّلهم الوفد الألماني الذي يصل بيروت خلال هذا الأسبوع حاملاً عرضاً لإعادة إعمار مرفأ بيروت ومحيطه بمليارات الدولارات، مع تشديد السفارة على أن الإقتراح لم يصدر عن الحكومة الألمانية.
وبالعودة إلى التحرّكات الباريسية على خط تشكيل الحكومة، يتم تداول معلومات حول إمكانية أن يشارك في اللقاء بين باسيل والحريري – إن حصل – ممثلٌ عن رئيس مجلس النواب نبيه برّي، إلّا أن مصادر خاصة على إطلاع على ملف مفاوضات التشكيل استبعدت أن تتم هذه المشاركة على اعتبار أن الرئيس بري، أو بالأحرى، الثنائي الشيعي ليس طرفاً في هذا الصراع بين طرفين معروفين للقاصي والدّاني.
أمّا عن التفاصيل المتداولة أخيراً حول العدد والمقاعد، لفت مصدر مطّلع إلى أن تسمية الوزراء المسيحيّين في حكومةٍ من ٢٤ وزيراً وفق صيغة (٨- ٨ – ٨)، من المرجّح أن تكون على الشّكل التالي: ٧ وزراء يسميهم الرئيس عون من بينهم الوزير الأرمني ويُضاف إليهم وزيرٌ درزي يسمّيه النائب طلال ارسلان، وزيران يسمّيهما تيار المردة، وزيرٌ للنائب أسعد حردان، واثنان يسمّيهما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وجماعات الحراك المدني.
هذه المرّة، وخلافاً للعادة، الشياطين لا تكمن في التّفاصيل، بل في العناوين العريضة، وعلى رأسها الجرّة المكسورة بين النائب جبران باسيل والرئيس سعد الحريري. فهل تصلحها الأجواء الباريسية، فيشهد الأسبوعان المقبلان انفراجاً في أفق الأزمة تدفع باتجاهه الجهود الداخلية والخارجية المتضافرة أم يُفشل المسؤولون اللبنانيون جهود ماكرون مرةً جديدةً، فنشهد انفجاراً لا انفراجاً يهوي بنا إلى هاويةٍ، قعرها مجهولٌ يتّصل بأفق مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن وتعقيداتها.
آلاء ترشيشي