منوعات

غذاء اللبنانيين في خطر…. أين خطة الطوارىء؟

لا شك أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان وصل إلى مراحل متقدمة من التدهور والانهيار، الأمر الذي انعكس سلبًا على الوضع الغذائي عمومًا، ما دفع رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية النقيب “هاني بحصلي”، إلى دقّ ناقوس الخطر، والدعوة إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية، وإقفال البلد 3 أيام حتى ثبات سعر الصرف، علّ هذه الخطوة تدفع المعنيين لاتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ البلد من المجهول.

بحصلي: لإعلان حالة طوارئ اقتصادية عاجلة

يقول النقيب هاني بحصلي لـ”أحوال”: “لقد حذّرنا مرارًا وتكرارًا ومنذ أشهر عدة، من النتائج الاقتصادية الوخيمة التي قد نصل إليها، بسبب عدم ثبات سعر صرف الدولار، ولا شك أننا أصبحنا الآن في خضمّ معركة اقتصادية لا أفق لحلّها في المستقبل القريب، إذ وصلنا إلى مراحل متقدمة من الفلتان والتدهور الاقتصادي. فعندما تخطّى سعر الصرف عتبة الـ 8000 ليرة للدولار الواحد، بات العديد من المواطنين غير قادرين على تأمين حاجياتهم الأساسية، خاصة وأنّ نسبة الفقر في لبنان كما بات معلومًا تخطت الـ50%، وما حصل مؤخرًا لناحية الصعود القياسي للعملة الأجنبية وانعكاساته السلبية على مستوردي المواد الغذائية، دفعني إلى الدعوة لإعلان حالة طوارئ اقتصادية لإنقاذ ما تبقّى من القدرة الاقتصادية”.

ويتابع بحصلي قائلًا: “في السوبرماركت وفي معظم المتاجر، أصبحنا نقف يوميًّا أمام مشهدين واضحين منذ تأزّم وضع الليرة مقابل الدولار، فبتنا نرى رفوفًا معبّأة لأنّ المواطنين غير قادرين على شراء هذه المواد، بسبب غلاء أسعارها، ومشهدًا آخر يتجلّى برفوف خالية من المواد؛ أما المؤسف فهو تهافت الناس على أكياس الرز وعلى غالونات الزيت، الأمر الذي يُنذر بعواقب قد لا تُحمد عقباها إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه”.

وعند سؤاله عن لجوء بعض السوبرماركت إلى بيع بضائع مدعومة في أكياس غير مدعومة، يؤكد بحصلي، “أنّ النقابة أصدرت بيانًا منذ أكثر من شهر، تشجب فيه هذا العمل لأنه عمل غير مقبول بتاتًا، وعلى الدولة محاسبة كل من يقوم بهذا التصرف وتغريمه”.

أما بالنسبة لسياسة الدعم، فيشير بحصلي إلى أنّ “هناك ممرّين الزاميّين هما: وزارة الاقتصاد والمصرف المركزي، فوزارة الاقتصاد من جهتها لا زالت حتى هذه اللحظة تقبل بملفات الدعم، وتقدّمها إلى المصرف المركزي الذي يؤخرها من جهته، وليس لدينا جواب شافٍ من المصرف حول ما إذا كان الدعم قائمًا أم لا، ولكن رسميًّا هو ما زال قائمًا والملفات ما زالت تُدفع ولكن بتأخير كبير، وهذه هي المشكلة الأساسية، لأنّ المستورِد بات لا يعلم متى سيدفع له مصرف لبنان، وهذا ما يقيّد الرساميل التشغيليّة؛ من هنا وجود البضاعة أصبح قليلًا، كما أنّ توزيعها بات عسيرًا والناس تتهافت بشكل جنوني للاستحصال عليها”.

وفي موضوع ارتفاع سعر الصرف، يؤكد بحصلي أنّ “هذا الموضوع مرتبط كل الارتباط بالدولة وليس بالنقابة ووزارة الاقتصاد، والنقابة كما المواطن تتأثر سلبًا بارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، لا بل حتى أنّ هذا التأثير قد يكون أكبر على النقابة، والمدخل الوحيد إلى الحل الجذري هو تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، للقيام بالإصلاحات اللازمة ومباشرة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فلا حلّ إلا بتدفّق أموال إلى البلد ولن تأتي هذه الأموال إلّا بالثقة والثقة لا تأتي إلا بتشكيل حكومة”.

جباعي: دخلنا في المجهول

يقول الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي لـ”أحوال”: “لا شك أنّ لبنان دخل في مرحلة اقتصادية يُرثى لها، تستوجب حالة طوارئ اقتصادية شاملة، وليس في قطاع معيّن أو لدى مستوردين معيّنين، لأنّ لبنان يستورد أكثر من 85% من حاجاته الاستهلاكية”.

ويتابع جباعي قائلًا: “نفهم جيدًا أنّ وضع قطاع الموادّ الغذائية صعب جدًّا ولكن هناك قطاعات أخرى بحاجة أيضًا إلى إعلان حالة الطوارئ، وهذا من مسؤولية الدولة، ولكن للأسف في ظل غياب عمل حكومة تصريف الأعمال التي لم تقدّم حتى الآن أيّ حلول للمشكلة، نرى أنّ حالة الطوارئ هذه لن تعطي نتيجة إذا ما كانت شاملة لكل القطاعات”.

ويؤكّد جباعي أنه “في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار ووصوله إلى مستويات قياسية وعالية، لا شك أنّ مستوردي الموادّ الغذائية من الخارج يتكبدون خسائر، لأنّ عدم استقرار الدولار وتبدّله صعودًا وانخفاضًا يؤثر على عملهم. وبالمقابل، هذا الارتفاع له تأثير كبير على المواطن اللبناني الذي لم يعد لديه القدرة لشراء السلع من السوبرماركت والمؤسسات التجارية، وكباحث اقتصادي أرى أننا نتجه إلى مزيد من الإقفال في هذه المؤسسات، التي لم يعد بمقدورها تحمّل رفع الأسعار أكثر في ظل انعدام القدرة الشرائية، وفي الوقت نفسه ليس بمقدور أصحاب المتاجر الحفاظ على الأسعار نفسها، لأنّ ذلك سوف يتسبب بخسائر كبيرة بكلفة إنتاج عالية؛ فبِكلا الحالتين سوف يتجهون نحو الإقفال وسندخل في مرحلة عدم تأمين حاجات الناس، وبالتالي في مرحلة زعزعة الأمن الغذائي في البلد، وهو أخطر ما قد يواجهه المواطن اللبناني في ظل الأزمة الاقتصادية المترنّحة، والأزمة السياسية التي لا أفق إلى حلّها في القريب العاجل”..

وفي ما يخصّ دعوات المقاطعة للدجاج والبيض التي انطلقت على وسائل التواصل الإجتماعي، أكد جباعي أنّ “هذه الدعوات قد تنجح إذا ما التزم المواطن بها، ولكن كلنا نعلم أنّ هناك تفاوتًا كبيرًا في القدرة الشرائية لدى المواطنين، إذ لا يخفى على أحد أنّ 40% من اللبنانيين مستفيدون من ارتفاع سعر صرف الدولار، ومنهم الأشخاص الذين يتلقّون مساعدات من ذويهم في الخارج، أو أولئك الذي يتقاضون رواتبهم بالدولار من مؤسسات وأحزاب داخل البلد، وبالتالي قد يشترون السلع ولا يكترثون لارتفاع سعرها، أي أن المقاطعة إذا ما تمت بشكل جدي وقوي من كل الجهات الفاعلة في البلد، فهي لن تقدّم ولن تؤخّر في هذا المجال، والحلول هي في إعادة تكوين حلّ سياسي سريع، لنتمكن من إيجاد حلّ اقتصادي جذري أو بالحدّ الأدنى في الفترة الحالية، إعادة تفعيل حكومة حسان دياب، وإجبار الوزراء أن يعملوا على ضبط الانهيار الكبير الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى”.

غنوة طعمة

 

غنوة طعمة

صحافية لبنانية. حائزة على الإجازة في العلوم الإدارية والسياسية من جامعة القديس يوسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى