منوعات

لبنان أمام كارثة بيئية وسياحية و”إسرائيل” تتهرّب

توصيات حكومية حول ثلوّث شاطىء الجنوب

في ظلّ الإنشغال الداخلي بأزمة تأليف الحكومة والفوضى الاجتماعية والأمنية في الشارع، فرض التلوث النفطي في الجنوب نفسه على قائمة الإهتمامات لما يحّمله من كارثة بيئيّة وزراعيّة وحيوانيّة وسياحيّة على طول الشاطئ الجنوبي الممتد من الناقورة حتى الزهراني – صيدا.

وأشارت مصادر متابعة للملف لـ”أحوال” إلى أنّ حجم الكارثة والخسائر أكبر مما نتوقع، سيّما وأن 700 طن من المواد النفطية باتت عائمة على وجه الشاطئ الممتد من فلسطين المحتلة إلى شواطئ الجنوب. وبحسب المسح الأولي الذي أجراه المركز الوطني للبحوث العلمية ووزارة البيئة، فقد تبيّن تسرّب 5 طن من القطران والنفط إلى الحدود اللبنانية البحرية، و 500 غرام نفط في المتر المربع الواحد، كما أن نسبة التلوث وصلت إلى 70 في المئة من الشاطئ”.

وعلم ” أحوال” أنّ “المسح الأولّي للمركز الوطني للبحوث لم يظهر بقعة نفطية واحدة في منطقة معينة، بل كميات متفاوتة من النفط والقطران حملتها تيارات وأمواج من السواحل الفلسطينية إلى الشاطئ الجنوبي، وكشفت صورة من القمر الصناعي بعد أسبوع، تسرّب 5 طن نفط موزّعة على عدة مناطق. وتم تحديد رقعة التلوث ب 40 كلم مربع من الناقورة إلى الزهراني وموزّعة بحسب درجات التلوّث من 1 إلى 5، حيث امتزج القطران بالرمل ما يعقّد عملية إزالته. كما ظهرت كتل كبيرة في الناقورة بقطر 40 متراً بينما ظهرت بقع متفرقة على شاطئ صو”.

إزالة التلوث يحتاج إلى عمال ذي خبرة وإمكانيات كبيرة

وعلم “أحوال” أن “اتحاد بلديات صور والزهراني وبالتعاون مع جمعيات بيئية تطوعية بدأت بإزالة التلوث يدوياً، فيما يجب الإستعانة بمعدات الجيش والدفاع المدني التي حصلت عليها بعد حادثة تلوث العام 2006″.

وأعطت رئاسة الحكومة تعليماتها للهيئة العليا للإغاثة لتأمين الأموال اللازمة إلى بلديات صور والزهراني للبدء بأعمال إزالة التلوث وذلك بالتنسيق مع الجيش اللبناني”. إلا أنه وبحسب المركز الوطني للبحوث، فإنّ “العمل الفردي للمتطوعين لن يحلّ المشكلة ولن يغطي أكثر من 10 في المئة من المساحة الملوثة، خاصة وأن الأمر يحتاج إلى إمكانات تقنية كبيرة وحفر بالرمل لايجاد التلوث والبقع بسبب الأحوال الجوية؛ وهذا ما يتطلب توظيف عمال بالأجرة اليومية للقيام بهذه المهمة لإنهائها بأسرع وقت، إضافة إلى القسم الصخري من الشاطئ الذي يحتاج إلى عمال من ذوي الخبرة”. ووفق تقديرات المجلس الوطني، فإنّ “مئة عامل على مساحة أربعين كلم مربع يكلف ٥٠٠ مليون ليرة يمكنهم إزالة ٨٠ في المئة من التلوث خلال شهرين وكل تأخير يحتاج للمزيد من الجهد والعمال”.

كارثة بيئية وحيوانية وسياحية

بالإضافة الى الكارثة البيئية، أظهر المسح الأولي وجود خطر كبر يهدد الثروة السمكية وعشرات الآلاف من السلاحف البحرية، وتحديداً في محمية السلاحف على شاطئ عدلون، بعدما تبيّن أن بويضات السلاحف مدهونة بالزفت والقطران”.

كما أن الخسائر السياحية وبالتالي الاقتصادية كبيرة جداً، لا سيما وأن شاطئ صور يعتبر موقعاً سياحياً بارزاً يرتاده عشراء آلاف اللبنانيين والسياح في فصل الصيف. ما يستوجب من الحكومة ووزارة الخارجية تقديم شكوى عاجلة إلى الأمم المتحدة لاجبار “إسرائيل” على التعويض.

“إسرائيل” تتهرّب من المسؤولية

وقد اعترفت “إسرائيل” بأن مصدر التلوث هو فلسطين المحتلة وبأنّ البقعة الملوثة غطت مساحة 120 كلم مربع من عسقلان جنوباً إلى الحدود اللبنانية شمالاً، لكن الحكومة الإسرائيلية تعيش تخبطاً في ظل تضارب المعلومات وغياب رواية جدية وموحدة توضح سبب التسرب النفطي ومصدرها والجهة المسؤولة عنه.

واستبعد خبراء أمنيون وسياسيون فرضية العمل العدواني الإسرائيلي لسبب أن التلوث طال فلسطين المحتلة أيضاً، لكن تستّر العدو الصيهوني عن حقيقة الأمر يخفي محاولة التهرّب من المسؤولية للتخلص من أي أعباء قانونية ترتب تعويضات مالية للبنان.

توصيات اللجنة الوزارية للتلوّث بعد اجتماعها في السرايا

وحضر الملف في السراي الحكومي عبر اجتماع عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب حضره عدد من الوزراء والأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة الذي عرض ما تم إنجازه خلال الأسبوع الماضي من مسح ميداني وجوي. وقيّم المجتمعون الكارثة في المنطقة الممتدة من الخط الأزرق في الناقورة جنوباً، وصولاً إلى أطراف مدينة بيروت.

وصدر عن الاجتماع توصيات عدة أبرزها:

– تأمين الدعم المالي لاتحاد البلديات في قضائي صور والزهراني للتسريع بإزالة التلوث القطراني وجمعه في أماكن آمنة بيئياً، بانتظار نقلها لتلفها وفق معايير السلامة العامة.

– الطلب من الجيش المؤازرة الأمنية واللوجستية، ومتابعة وزارة الدفاع التنسيق مع قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب لتزويد الحكومة بأي تقارير أو مستندات طارئة متعلقة بالتسرب النفطي ضمن منطقة عملها.

– متابعة وزارة الخارجية لموضوع الشكوى المقدمة من الدولة اللبنانية ضد العدو الإسرائيلي على أن تشمل الأضرار البيئية والمادية لكي يبنى عليها في حال احتمالية التعويض في المستقبل.

– تحديد الحاجات، وطلب المساعدة من المنظمات الدولية.

– الطلب من البنك الدولي مساعدة لبنان في تقييم الضرر الاقتصادي الناتج عن التسرب النفطي الكارثي.

– الطلب من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان مساعدة لبنان في تقييم الضرر البيئي الناتج عن التسرب.

– دراسة الأثر البيئي على الشاطىء والبحر والثروة السمكية لمدة سنة كاملة.

هذا التسرّب النفطي ليس الأول من نوعه، فقد تعرّض لبنان لحادث مماثل لكن مفتعلاً من قبل العدو الإسرائيلي وذلك في 13 و15 تموز 2006، حيث تعرّضت خزانات الوقود في محطة كهرباء الجية للقصف الإسرائيلي. وقد تسرّبت كمية من زيت الوقود الثقيل تتراوح ما بين 12000 إلى 15000 طن من أصل حوالي 75000 طن كانت موجودة في صهاريج تخزين وقود المصنع، بينما احترقت الكميات المتبقية. وقد أصاب التلوّث بعض المواقع العامة والخاصة، والشواطئ الرملية  والصخرية  والحصوية، بالإضافة إلى العديد من المنتجعات الثقافية والتاريخية والسياحية والمرافئ البحرية ومراسي الصيادين.

محمّد حميّة

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى