صحة

أسباب السلوك الجنسي غير السوي لدى الأطفال

النشاط الجنسي هو من أسوأ المخاوف التي تراود الأهل عندما يتعلّق الأمر بأطفالهم. وتبدأ هذه المخاوف بالتعاظم لدى أهل  الأطفال ما بين عمر 3 إلى 5 سنوات، أي خلال مرحلة تكوين الهوية الجنسية لديهم.  فماذا لو لاحظ  الأهل أن لطفلهم سلوكيات جنسية مقلقة، ولا يتوانى عن ممارستها رغم تنبيهاتهم؟ ومتى يجب استشارة الأخصائيين النفسيين للمساعدة والتوجيه؟

تجدر الإشارة أنّ التثقيف الجنسي للأطفال لا يعني الإباحية، بل تهذيب سلوكياتهم. اذ أكدت البحوث والدراسات الإجتماعية الحديثة أنّ التربية الجنسية والتثقيف الجنسي لا يعنيا الإباحية، كما هو سائد في مجتماعتنا؛ بل هي ثقافة  تؤدي إلى ضبط السلوك الجنسي المضطرب ومنع الممارسات الجنسية غير القانونية وحماية الأطفال من التحرش.

 

علامات السلوك الجنسي غير السوي

عن تفاصيل هذه السلوكيات “المقلقة”، أشارت المعالجة النفسية الدكتورة ربيكا اسبانيولي في حديث مع “أحوال”،  إلى أنّ بعض الأطفال يُبدون سلوكاً جنسياً مقلقاً، مثل ممارسة العادة السرية دون توقف،  لمس الاعضاء التناسلية علناً، الحديث باللغة الجنسية دائماً، إجبار ولد آخر على المشاركة في اللعب الجنسي، اللعب بالدمى بطريقة جنسية، لمس الأعضاء التناسلية لدى البالغين، أو النظر الى الآخرين أثناء دخولهم الحمام أو عندما يكونوا عراة.

وقالت اسبانيولي: “قد يكون هذا السلوك لدى الأطفال غير طبيعي، وعلامة على مشاكل أكثر جدية، لذا على الأهل توعية أطفالهم في سن مبكر ومراقبة تصرفاتهم باستمرار.”

الإنترنت مصدر المعلومات الجنسية العشوائية

وفي ظل غياب التربية الجنسية في المنزل والمدرسة، وضعف رقابة الأهل على ما يشاهده الأطفال على شاشات التلفزيون والإنترنت والألعاب الإلكترونية والرسوم المتحركة وغيرها، أصبح الإعلام مصدراً يستمد منه الطفل الكثير من المعلومات الجنسية العشوائية دون رقابة  وغير مناسبة لأعمارهم. لذا نبّهت اسبانيولي إلى أنّ الطفل عادة يتعلّم من محيطه ومن ما يحصل أمامه من أفعال وتصرفات، لذلك على الأهل معرفة ما هو مسموح القيام به أمام الطفل وما هو ممنوع، كي لا يكتسب العادات والأفعال السيئة. ولفتت إلى ضرورة توعية الأطفال الصغار حول أجسادهم والقضايا المحيطة بأماكن اللمس الآمنة.

كما يجب إعطاءهم إرشادات حول كيفية الرد إذا حاول شخص ما التحرّش بهم، وتزويدهم  بالمعلومات للمساعدة في الحفاظ على سلامتهم؛ وتنبيههم على إخبار الأهل في حال التعرّض للتحرّش.

العلاج النفسي

وفي حال عجز الأهل عن ضبط هذا السلوك بعد توجيه طفلهم، أكدت اسبانيولي على ضرورة اللجوء الى المعالج النفسي.

أما عن دور المدرسة في نشر الثقافة الجنسية التوعوية لدى الأطفال، فأشارت إلى أهمية ربط دور المدرسة بدور الأهل في البيت لمتابعة سلوكيات الأطفال، وما يطرأ عليها من مستجدات دون عنف من خلال برامج التثقيف الجنسية.

من جهتها، أشارت المعالجة النفسية الدكتورة سهام رمضان لـ “أحوال” إلى أنّ الطفل يبدأ باكتساب هويته الجنسية من عمر 3 إلى 5 سنوات، فيكتشف جنسه ويتعرّف على أعضائه الجنسية، ويبدأ بالتعرّف على الإختلاف ما بين الذكر والأنثى، وبالتعلّق بالجنس الآخر والتعرف إليه؛ وهذا أمر طبيعي ( الصبي يتعلق عاطفياً بالام ويقلّد الأب، أما البنت فتبدأ بالتعلّق عاطفياً بالأب وتقلّد الأم).

السلوك الجنسي الشاذ لدى الطفل

يبدأ بعض الأطفال باستكشاف أعضائهم التناسلية من خلال لمسها بطريقة علنية ولفترات طويلة، إن كانوا  بمفردهم أو أثناء تواجدهم في الصف؛ في حال ملاحظة هذا السلوك بشكل متكررّ، أكدت رمضان أنّه يتوجّب على المدرسة إخبار الأهل  لمعرفة الأسباب والسؤال عن بعض التفاصيل حول الولادة والوضع الصحي، وكيفية التدريب على النظافة، وطريقة الفطام، وتوجيه الأهل للقيام بالفحوصات الطبية والتأكد من سلامة الجهاز التناسلي لدى الطفل.

وتابعت، من المتوقّع أن يكون الطفل يعاني من إلتهابات بولية أو فطريات أو أمراض جلدية تدفعه إلى لمس أعضائه، بسبب الحكة مثلا. بعد التأكد من أنّ الطفل لا يعاني من أيّة عوارض صحية، نلجأ للعلاج النفسي والتعرّف على وضع الطفل، وما اذا كان يعاني من اضطرابات نفسية، كذلك نعالج علاقته مع أفراد أسرته.

ولعل أهم الأسباب التي تدفع بالطفل إلى لمس أعضائه التناسلية، هو التحرش الجنسي؛ ففي حال لاحظنا هذا السلوك على الطفل، لا بدّ  من معرفة من يتولّى رعاية هذا الطفل؛ وهنا استدركت رمضان: هل يتواجد مع أشخاص غير الوالدين بمفرده؟ فربما هذا الطفل يتعرّض للتحرش من أحدهم ويتم تهديده في حال الإفصاح عن الموضوع.

وأضافت المعالجة النفسية، من أهم الأسباب التي تجعل الطفل يقوم بمداعبة أعضائه الجنسية أيضاً، هو مشاهدة أفلام جنسية ومراقبة الأهل او مشاهدتهم أثناء ممارستهم الجنس أو النوم معهم في نفس الغرفة.

وتبقى معرفة  كيفية توجيه الطفل بأسلوب متفهم بعيداً عن العقاب والتعنيف هي الأجدى. وكي نحمي أطفالنا من السلوكيات غير السوية، فإنّ التربية الجنسية للطفل منذ الصغر هي المفتاح، والأهم العلاقة القوية التي يسودها الحب والإحترام بين الطفل والوالدين من ناحية، وبين أهل الطفل من ناحية أخرى.

ناديا الحلاق

 

 

 

 

 

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى