منوعات

هندستها رومانية وبناؤها حلزوني وعمرها ثلاثة قرون… “عين الطيبة” تستعيد أمجادها

العين الأقدم في لبنان التي لا مثيل لها إلاّ في فلسطين وإيطاليا

كثيرة هي عيون الماء المنتشرة في كلّ بقاع لبنان الخضراء، لكن لا وجود مثيل لـ “عين الطيبة” ( قضاء مرجعيون) على الإطلاق، الاّ واحدة في فلسطين والثانية في إيطاليا. العين الساحرة ببنائها الحلزوني المدهش، أدهشت المهندسين في طريقة بنائها وطريقة وصول المياه إليها، وإلى القسم السفلي منها. فهي تنقسم إلى قسمين متباعدين بما يزيد على 200 متر، الأوّل منها والمسمّى بـ “العين الفوقا” هو الذي بني على شكل درج دائري وحلزوني محاط بحجارة منتظمة ومرصوفة عاموديًا بانخفاض ما يزيد على 10 أمتار ليصل إلى بركة العين التي لا تجفّ صيفًا ولا شتاءً، والتي كان أبناء المنطقة يقصدونها، منذ ما يزيد على مئتي عام، للحصول على مياه الشفة والري. كانت نساء البلدة ينقلن جرار الماء منها على أكتافهن، إضافة إلى إحضار الأواني لغسلها. أمّا القسم الثاني المسمّى بـ “العين التحتا” فبداخله نفق مياه يمكن الدخول إليه على مسافة 75 مترًا، ولا يمكن العثور على مصدره الأساسي.

يقول رئيس بلدية الطيبة عباس ذياب إنّ “تاريخ العين يعود إلى أكثر من 300 سنة، ويقال إنّ بناءها روماني”، ويشير إلى أنّ “خبيرًا إيطاليًا في علم الأثارات أكّد على أنّ العين الفوقا ببنيانها المميّز ونمطها الهندسي، لا يوجد مثيل لها إلاّ واحدة في إيطاليا والثانية في فلسطين”.

بقيت عين الطيبة مصدر مياه الشرب الأساسي لأبناء البلدة، حتى ثمانينات القرن الماضي، وجاء الاحتلال لتصبح مهملة ومكبًا للنفايات، وبعد التحرير لجأت البلدية إلى تنظيفها وترميمها وإعادة بناء العين التحتا وتجهيزها بمضخّات وفلاتر لتعود مصدرًا أساسيًا لمياه الشرب، إضافة إلى مياه الاستخدام. ويؤكد أبناء البلدة أنّ “هذه العين باتت ملاذ معظم أبناء المنطقة الذين يأتون إلى العين لتعبئة المياه، بسبب ارتفاع ثمنه في الأسواق”.

يشير ابن البلدة علي صولي إلى أنّ “هذه العين تربط الأجيال الجديدة بتراث الأجداد، كون أبناء البلدة يقصدونها يوميًا للحصول على المياه، بعد أن عمدت البلدية إلى تنظيفها وإعادة ترميمها وتكرير مياهها” موضحًا أنّ “العين التحتا باتت مصدر مياه الشفة الأساسي لأبناء المنطقة المقيمين وحتى الذين يأتون أسبوعيًا إلى بلداتهم”.

وفي هذا الاطار يشير ذياب إلى أنّ “البلدية نفّذت مشروعًا لربط العين التحتا بالعين الفوقا بعد أن اشترت أرض ملاصقة لزيادة مساحة مشاع العين، ومن ثم أنشأت حديقة تسمح للزائر بالتجول بينها”. في العام 2018 أصدرت وزارة المالية طابعًا بريديًا خاصًا بالعين يحمل صورتها التي صوّرها الزميل كامل جابر، وكانت جمعية بيت المصور في لبنان قد أصدرت هذه الصورة ببطاقة بريدية ضمن مجموعتها للعام 2015 والمؤلفة من 32 بطاقة تمثل مشاهد طبيعية وتراثية من جنوب لبنان؛ ثم أصدرتها ضمن مجموعة من 10 بطاقات لصالح بلدية الطيبة خلال مهرجانها السنوي “لاقونا على الطيبة”.

يقصد العين سنويًا عشرات السيّاح من جميع المناطق اللّبنانية، نظرًا لأهمية العين من الناحيتين التاريخية والهندسية، وإن كان تاريخ البناء ظلّ لغزًا كبنائها، فبعض الرواة يشير إلى أنّ البناء يعود إلى أيام العثمانيين، والبعض الآخر يقول إنّ البناء يعود إلى أيام الرومان، وهو الأقرب إلى الحقيقة، كون نمط البناء يشبه كثيرًا إحدى العيون المبنية في إيطاليا. لكن ما هو مؤكد للجميع أنّ “عين الطيبة هي العين الأجمل والأكثر غرابة في الشرق الأوسط”.

 

داني الأمين

 

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى