منوعات
أخر الأخبار

اقتصاد لبنان بين فكّي الانفجار والانهيار.. وهذه توقعات الدولار

وكأنّ ما كان ينقص هذا البلد إلا انفجار يحطّم مرفأه ويقضي على بقية اقتصاده، هو الذي يرزح أصلاً تحت وطأة أزمة خانقة نتيجة سياسات المصارف وفساد الطبقة الحاكمة وتأزّم صحي يشلّ حركته.

لن تقتصر أضرار الكارثة التي حلّت أوّل من أمس الثلاثاء على الخسائر المباشرة المادية والجسدية والنفسية التي طالت الناس والأبنية بل ستنعكس على الاقتصاد المترنح أصلًا، لتزيد المأزق تعسرًا وتضفي على العجز ما لا يقلّ عن عشرة مليارات إضافية.

فتحطيّم مرفأ بيروت يعني تعطّل الشريان الاقتصادي الأهم للبنان، حيث تَعبر ما نسبته 70 في المئة من البضائع المستوردة من الخارج، ويعتبر هذا المرفأ أحد أهم الموانئ على الحوض الشرقي للبحر المتوسط نظرًا لموقعه الاستراتيجي الذي يجعله منفذاً للدول العربية الآسيوية إلى المتوسط، وهو يستقبل سنويًا حوالي الـ 3000 سفينة.

انعكاس انفجار المرفأ على الاقتصاد اللّبناني

Aziz Taher/Reuters

رأى الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين أنّ كلفة الضرر المباشر الذي لحق بالمرفأ قد تفوق الـ 5 مليار دولار والأهم أنّ انعكاسها على الاقتصاد سيكبّدنا أكثر من 10 مليار دولار، معتبرًا أن تأثير الانفجار سيتخطى لبنان نظرًا لموقعه الاستراتيجي لكثير من الدول في المنطقة فهو واجهة على المتوسط باتجاه أوروبا.

وقال ناصر الدين في اتصال مع “أحوال” إنّ مرفأ بيروت يُعتبر الشريان الحيوي الأكثر تأثيراً على الحياة الاقتصادية في لبنان وهو يعبّر بشكل واضح عن الاقتصاد اللّبناني الذي يعتمد على الاستيراد، مضيفًا: “مرفأ بيروت يتعامل مع 300 مرفأ عالمي وأكثر من 56 شركة نقل من كبرى الشركات حول العالم، كما أنّه ونظرًا لموقعه يلعب دورًا منافسًا لمرفأ حيفا.

ولفت ناصر الدين إلى أنّ المرفأ الذي يشكل الداعم الأساسي للناتج المحلي ويؤمن 200 مليون دولار سنويًا، يعاني كغيره من القطاعات من تراكم الفساد الذي قادنا إلى ما آلت إليه الأمور.

بدوره رأى الخبير الاقتصادي أديب طعمة أنّنا أمام منعطف خطير مشيرًا إلى أنّ الانفجار سيكون الضربة القاضية على نظام المحاصصة والفساد الذي أوصلنا إلى هذا الحال.

وقال طعمة في حديث لـ “أحوال” إنّ “التقديرات الأوليّة ترجّح أنّ 80% من المرفأ ما عاد قابلًا للعمل، وعنابر القمح والأدوية كلها ذهبت إلى التلف وتُقدّر خسائرها بحوالي الـ 100 مليون دولار”.

وأشار إلى أنّ هناك طبقة فقيرة جديدة في لبنان، فمعظم الساكنين بمحيط المرفأ هم من الطبقة الميسورة والتي ستتحوّل بفعل الخسائر الفادحة التي لحقتها إلى طبقة فقيرة نسبيًا، متحدثًا عن عاملي الخوف وفقدان الثقة اللّذين تفاقما نتيجة ما حصل، فمن كان يفكر باستثمارات في لبنان سيؤجل الخطوة إلى أجلٍ غير مسمّى.

قيمة الدولار بعد وقوع الانفجار

Hassan Ammar/Associated Press

وعن توقعاته بارتفاع الدولار والتلاعب بسعر صرف اللّيرة قال الباحث ناصر الدين “هذا سابق لأوانه لندع الامور تأخذ مجراها الطبيعي ولكن المؤكد أنّ هذا الأمر مرتبط بمدى التعاطي الدولي مع لبنان والتوجه للدعم وفك الخناق المفروض عليه أما اذا دخلنا في التجاذب السياسي فهذا سيكون له تأثير سلبي بهذا الشأن”، مضيفًا “الأمور في خواتيمها لننتظر لما ستؤول إليه التحقيقات في الأيام الخمس المقبلة ليتبلور المشهد العام”.

أمّا طعمة فقد توقع أن ترتفع كمية طباعة أوراق العملة اللّبنانية، شارحًا أنّه إذا بقي احتياطي الدولار كما هو عليه ولم يدخل المزيد منه إلى البلد من الخارج حتمًا سترتفع قيمته مقابل اللّيرة. وأضاف: “قبل الانفجار كنت أتوقع أن يرتفع الدولار إلى 15 ألف في أيلول وإلى الـ 20 ألف آخر العام، أمّا وقد وقع الانفجار فهاذا سيسرّع عملية الارتفاع إذا لم يتم ضخ الدولارات من الخارج”.

طريق النهوض

Hassan Ammar/Associated Press

وفي الحلول رأى ناصر الدين أن لبنان بحاجة إلى الالتفاف لكسر العزلة المفروضة، معتبرًا أنّا أمام حلّين لا ثالث لهما إمّا السير قدمًا نحو صندوق النقد الدّولي اما التوجه شرقًا نحو الصين وهند وماليزيا وروسيا وإيران.

ولم يعقد ناصر الدين آمالًا واسعة على المساعدات التي تلقاها لبنان من الدول عقب الانفجار إذ أنّها “ترتبط بالمساعدات اللّوجستية والصحية والمستشفيات لا بمدّ يد العون للنهوض بالاقتصاد أو بتعزيز القدرة المالية لإعادة بناء المرفأ.

بدوره رأى طعمة أنّ إعادة الإعمار تكون عبر إعادة مؤسسات الدولة التي تتطلب سلطة جديدة بعيدًا عن الرعيل القديم ممّن توّلى المسؤولية في السنوات الماضية بدعم أجنبي وأوروبي

وقال لا أمل في لبنان سوى بالمجتمع المدني، عبر الانتقال إلى سلطة جديدة تُعطى لها صلاحيات استثنائية وتكون مدعومة من الدول الغربية، ويكون دورها إعادة قيام المؤسسات.. “فهذا سيكون خلاص لبنان”.

نُهاد غنّام

نُهاد غنّام

صحافية تمارس المهنة منذ العام 2007، حائزة على الماستر في الصحافة الاقتصادية من الجامعة اللّبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى