حمص.. الفتنة أداة والجريمة سياسة

بينما كان من المتوقع أن تتحرك كل العشائر لتحرير “تل أحمر” الاستراتيجي في سهل حوران، بعد إعلان سقوطه، فوجئ السوريون بمشهدٍ مأساوي في حمص. بدلاً من التوجه إلى جبهات المواجهة، تم توجيه العشائر – التي يفترض أن تكون درع الوطن – لتنفيذ مخطط إجرامي مدروس.
لكن اللافت أن حواجز “الأمن العام” و”وزارة الدفاع” التابعة للجولاني هي من فتحت الطريق أمام مسلحي العشائر لدخول أحياء العلويين والأرمن. لم تكن الصورة اقتحاماً فحسب، بل كانت عملية ميسَّرة ومحمية. ولولا الضغط الدولي بعد انكشاف المجازر وانتشار صرخات المدنيين في الإعلام، لما اضطر الجولاني لإرسال عناصره لـ”فض النزاع” في مسرحية واضحة، حيث لم يُلقَ القبض على مسلح واحد من العشائر.
هذا التمثيل هو خير دليل على الموافقة الضمنية من قيادة الجولاني على تنفيذ مخطط التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي. الضحايا كانوا أطفالاً ونساءً ورجالاً، والمشاهد التي بثتها وسائل التواصل لجريمة الإبادة الجماعية هذه تؤكد أن “سلطة الأمر الواقع” لا تختلف في ممارساتها عن التنظيمات الإرهابية.
الحادثة ليست منفصلة، بل هي حلقة في مسلسل دموي طويل. ففي السويداء، دخل ما يسمى “الجيش السوري الجديد” التابع للجولاني بحجة “فض النزاع”، ليرتكب أبادة جماعية وتطهيراً عرقياً. واليوم في حمص، تتحول “وزارة الدفاع” التابعة لهذا الكيان إلى أداة لتنفيذ هجمات منظمة ضد أحياء كاملة، بحرق وتخريب منازل المدنيين.
الخيط التركي.. يد التخطيط ووقود التنفيذ
تركيا، بسياساتها المعروفة بتاريخها مع الأقليات، هي العقل المدبر. إنها تستخدم العشائر كوقود لمعارك مزيفة، تارة ضد “قسد” وتارة ضد السويداء واليوم في حمص، بهدف واحد: إشعال الفوضى وإطالة أمد الأزمة لضمان بقاء نفوذها.
الجريمة في حمص.. من وراء القناع؟
الأدلة الآن تشير إلى أن الجريمة التي راح ضحيتها رجل وزوجته في حمص ليست طائفية بالدرجة الأولى، بل قد يكون الفاعل من نفس عشيرة بني خالد، مما يؤكد أن هذه العمليات مُخرَّبة ومدبرة بدم بارد لخدمة أجندة خارجية تسير الجولاني كما تريد وهو مجرد أداة لاصحاب تلك الأجندات .



