مؤتمر “بيروت واحد” اختتم أعماله بسلسلة جلسات تناولت مسألة إعادة تحفيز الاستثمار في الاقتصاد اللبناني

اختتم مؤتمر “بيروت واحد”، الذي عقد برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، في واجهة بيروت البحرية Seaside Pavillon أعماله اليوم، بسلسلة جلسات تحت شعار “الثقة المستعادة لإعادة تحفيز الاستثمار في الاقتصاد اللبناني”.
الجلسة الأولى
وانعقدت الجلسة الاولى من اليوم الثاني من المؤتمر بعنوان “إعادة بناء رأس المال: البنية التحتية والأشغال العامة الضخمة، تحدث فيها وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني أشار فيها إلى أن “هذا البلد غني بموارده، لكن هناك سوء إدارة غير طبيعيـ وهناك أشخاص غير كفوئين يديرون المرافق العامة”.
وأكّد أن “الهدف بالنسبة لوزارة الأشغال والمرافق العامة هو ادخال ايرادات للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر بأكثر من ملياري دولار”.
و في ما يخصّ مطار رينيه معوض، قال: “علمنا من أصدقاء للبنان أنهم على استعداد للاستثمار. كما أن شركات كثيرة أبدت اهتمامها بالاستثمار فيه نظرا إلى أهميته”.
أضاف: “كلّ ما هو تشغيلي سنسلّمه للقطاع الخاص الذي يجيد الإدارة وإيرادات الدولة ستزداد. لقد عدنا إلى الحضن العربي، والمستثمر سيرى الفرق في لبنان”.
وتابع: “ستكون هناك تغيرات كثيرة في المطار والمرافئ، و”السكانرز” ستزيد من إرادات الدولة وستحل مشكلة النصدير إلى دول الخليج”.
واعتبر الشريك الإداري في “آي سكويرد كابيتال” صادق وهبة أن “الاستثمارات في لبنان بحاجة لنظام قضائي حر يحكم بكل شفافية، وما يحصل في مطارات لبنان مهم جدا، والاستقرار السياسي ضروري لاستمرار الاستثمارات”، وقال: “على الحكومة اللبنانية إنشاء لوحة مؤشرات تتعلق بالخصخصة والقوانين الجديدة ليتفاعل معها المستثمر”.
بدوره، قال المدير العام لمجموعة CMA CGM في لبنان والمشرق العربي جوزيف دقاق: “إن قراراتنا الاستثمارية لها نظرة اقتصادية على المدى الطويل، فالاستثمارات في لبنان لا تبنى على العاطفة، وهو في منطقة محورية تتغير اليوم”.
أضاف: “إن استثماراتنا نقوم بها في البنى التحتية لأنها سبب حقيقي في النهضة الاقتصادية للبلد، والتي هي اليوم على أجندة الحكومة وهو ما يدفعنا للاستمرار باستثماراتنا”.
ولفت المدير الإقليمي لمؤسسة “التمويل الدولية” خواجة أفتاب أحمد إلى ان “تطوير المطارات والمرافئ وقطاع الطاقة تجذب المستثمرين”، وقال: “جميعنا نحب لبنان، ولكن قراراتنا الاستثمارية لا تعتمد على العاطفة”.
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة “السويدي إلكتريك” أحمد السويدي: “قدمنا للبنان في السابق اقتراحات لمشاريع في قطاع الطاقة وبأسعار مميزة، ولكن “ما كنش في نصيب”. من دون الكهرباء لا يوجد الحياة، إذ تكون صعبة جداً. يشرفنا التعاون مع الحكومة اللبنانية مع قوانين واضحة للاستثمار”.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان “الاستثمارات الرأسمالية – الاتصالات”، اعلن خلالها وزير الاتصالات شارل الحاج “انطلاق رؤية وطنية جديدة للقطاع، تقوم على تحويل الاتّصالات من مورد مالي للدولة إلى محرّك أساسي للنمو الاقتصادي”.
وكشف عن “خطة تمتد ثلاث سنوات تشمل توسيع شبكة الألياف الضوئية إلى 500 ألف منزل، مع دخول 325 ألفا مرحلة المناقصات، وتحديث شبكات الخلوي للوصول إلى تغطية 5G بنسبة 70%، إضافة إلى تعزيز الربط الدولي عبر كابل بحري جديد، واعتماد خدمات الأقمار الاصطناعية باتفاق غير حصري مع Starlink”.
وأكد ان “الإصلاحات الجارية، من إعادة تفعيل هيئة تنظيم الاتصالات (TRA) وتأسيس “ليبان تيليكوم” تطبيقًا لقانون 431، ستفتح الباب أمام شراكات استثمارية شفافة وفق نموذج PPP، بما يتيح فرصًا مجدية للقطاع الخاص”.
واشار إلى أن “حضور الشركاء الإقليميين والدوليين، وفي مقدّمهم المملكة العربية السعودية، يشكّل رسالة ثقة بدور لبنان في بناء عموده الفقري الرقمي من جديد”.
بدوره، الشريك الأول في “Strategy&” شادي سمايرا فرأى ان “التعاون بين القطاعين العام والخاص فعال في جذب الخبرات وفي حفظ السيادة الوطنية”، وقال: “لا بد من التشديد على السرعة كي نلحق بدورة الاستثمار الكبرى، والمستثمرون يبحثون عن الثقة والملكية ومنصة واضحة للمستثمرين”.
الجلسة الثالثة
وعقدت الجلسة الثالثة بعنوان “خدمة العالم” — نحو ارتقاء قطاعات السياحة والضيافة والتجارة، واشارت فيه وزيرة السياحة لورا الخازن لحود الى ان “قطاع السياحة في لبنان كان من بين القطاعات القليلة التي حافظت على تماسكها”.
وشرحت “الركائز الأساسية لجذب السائح والمستثمر من خلال الحفاظ على الجودة التي تقدمها المؤسسات وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات تتوافق مع هوية لبنان وموقعه، إضافة إلى ربط هذا القطاع بالتحول الرقمي”، مؤكدة “أهمية أن يصبح المغترب اللبناني شريكا اقتصاديا وسفيرا للسياحة من خلال تسهيل الاستثمار وتفعيل دور السفارات وتقديم حوافز مالية”، وقالت: “رغم الجَدَل القائِم حَوْلَ الحَجْمِ الحَقيقي لِلناتِجِ المَحلّي، إِلا أَن أَكْثَر التَّقْديرات تَحفُّظًا تَضَعُ القِطاع السِّياحي عِندَ ما لا يَقِلّ عَنْ ٢٠ في المِئة مِن الاقْتِصاد، أَي ضِعْفِ المُعَدَّل العالَمي لِهذا القِطاع. وَهذِهِ نِسْبَةٌ كافية لِنُدْرِك الأَهَمِّيَّة الاسْتراتيجِيّة لِلقِطاع السّياحي، لِلُبنان الحاضِر وَلبنان المُسْتَقْبَل”.
ومن جهته، قال الأمين العام للهيئات الاقتصادية اللبنانية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس: “رغم كل الصعوبات مستمرون في العمل في القطاع التجاري”.
وأشار إلى أن “القطاع الصناعي أظهر جدارة حقيقية خلال الفترة الحالية، والتجار مستعدون لتقديم المساعدة إلى الصناعيين”.
بدوره، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة “جراي ماكنزي للتجزئة” حسن عز الدين أن “الأزمة التي يعيشها لبنان يمكن جعلها فرصة للاستثمار”.
الى ذلك، قدم المدير التنفيذي لمجموعة “الغرير” إياد ملاس مداخلة شدد فيها على “اهمية تشريع قوانين حديثة للاستثمار”.
الجلسة الرابعة
أما الجلسة الرابعة فحملت عنوان “بيئة التكنولوجيا والشركات الناشئة النابضة بالحياة في لبنان”، قال فيها وزير المهجرين وزير دولة لشؤون التكنولوجيا في الحكومة اللبنانية كمال شحادة: “اننا نواجه تشريعات قديمة في لبنان، ليست ملائمة لانشاء الشركات نموها، فعلينا خلق الاسس لاصطحاب لبنان الى الحقبة الرقمية، ونحن بحاجة الى البنية التحتية للذكاء الصناعي”.
أضاف: “عملنا على تمكين بيئة الاعمال وتأسيس شبكة المستثمرين، فنحن لدينا مشاريع مهمة عدة، منها صندوق النهضة الرقمية، والهدف منه نمو الشركات ذات صلة”.
وتابع: “يجب اتمام مركز البيانات، كما نعمل لخلق البنية التحتية الرقمية، وخلق الهوية الرقمية، نظرا الى التكامل بينهما”.
وأردف: “النهضة الرقمية ستركز على الاستثمار في شركات التكنولوجيا، ودعم الشركات في التحول الرقمي، والاستثمار في الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
بدوره، لفت الرئيس التنفيذي لشركة Multilane فادي ضو إلى ان “الاطار القانوني في لبنان لا يزال متأخرا”، آملا “أن تضع الحكومة قوانين للذكاء الصناعي”، وقال: “هناك فرصة هائلة للنمو في لبنان وجلب المستثمرين في الذكاء الصناعي”.
الى ذلك، قال رئيس مجلس إدارة والمدير التنفيذي لـBerytech مارون شماس: “يجب اتخاذ قرارات مهمة على صعيد الاتصالات وعدم هدر الوقت في تطوير قطاع الاتصالات. كما يجب اعتماد الانترنت السريع والألياف الضوئية”.
وأشار إلى أن “المستثمرين جاهزون للاستثمار في لبنان”، وقال: “يجب جعل لبنان منصة صالحة لذلك، فنحن بحاجة الى الطاقة التكنولوجية لكل الشركات التي تسعى دخول مجال الذكاء الصناعي”.
أضاف: “على الحكومة اتخاذ قرارات جريئة على الصعيد الاقتصادي، فنحن بحاجة الى البنية التحتية المحلية ومجموعتنا لوحدها لديها 50 مليون دولار للاستثمار الآن”.
ورأت شريكة – شركة “Globivest” لورا-جوي بولس أن “هذا المؤتمر علامة جيدة للاستثمار في لبنان”، وقال: “نحن نبذل اقصى جهدنا كي نتخطى الصعوبات للوصول الى الاستقرار”.
واعتبرت ان “قاعدة البيانات اساسية في لبنان لاستخدامها في القطاع الصحي”، وقالت: “يمكن ان نخلق مسارا للذكاء الصناعي ينطلق من الخليج، وصولا الى جنوب اوروبا، انطلاقا من الشرق الاوسط”.
وفي السياق، قال المؤسس الشريك الرئيس التنفيذي لـToters تميم خلف: “منذ اليوم الاول، وضعنا المواهب في صلب الجهود التي عملنا عليها في البداية، واللبنانيون دائما يجدون سببا للعودة الى لبنان، وهذا يضاف الى رغبتهم في العمل”.
الجلسة الخامسة
وفي الجلسة الخامسة بعنوان “صُنع في (ومن قِبل) لبنان – القطاعات الإنتاجية في لبنان”، تحدث وزير الصناعة جو عيسى الخوري فقال: “إن القطاع الصناعي هو أكبر رب عمل في لبنان، ويساهم بحوالى 3 مليار دولار في عملية التصدير”.
وأكد “وجوب الاهتمام بقطاع الصناعة ومساعدته على التطور”، وقال: “يجب الاهتمام بالقطاع الصناعي عبر حماية البيئة، وعلى القدرات البشرية البقاء في لبنان للمساعدة في التطور الاقتصادي”.
ولفت الخوري إلى أنّ “حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني شرط الدول لمساعدة لبنان في قطاع الطاقة ومجالات أخرى”، وقال: “نأمل أن نحل هذا الملف قريبا، فسيكون هناك تشديد أمني على الحدود، ونترقب إقرار هيكلة المصارف قريبا”.
واعتبر الرئيس التنفيذي لمجموعة “إندفكو” النائب نعمة افرام ان “لبنان بلد صناعي بالأرقام وبامتياز”، لافتا إلى أن “القطاع الصناعي هو القطاع الأكثر استيعابا للصدمات التي يمر بها البلد”، وقال: “إن الاقتصاد المتين يعتمد على الصناعة”.
أضاف: “علينا أن نستمع للتغيرات في العالم، وأن نعمل بشكل استباقي لتكون لدينا القدرة على التغيير والتفكير بكلفة التصنيع. أما المشكلة الأساسية التي نواجهها في القطاع الصناعي فهي الضمان الاجتماعي”.
بدورها، قالت المديرة التنفيذية لـQuinta Group نادين خوري: “نسعى للتركيز على الصناعات الزراعية بطريقة مبتكرة وبأسعار مناسبة، إلى جانب حماية البيئة”.
ومن جهته، قال صاحب شركة Spexal خليل الراعي: “نحن نحاول تصدير التكنولوجيا، بدل استيرادها، ونعمل على تطوير الروبوتات من الصفر، فهناك شركات في ألمانيا صدرنا لها روبوتات”.
وأكدت الشريكة الإدارية في PSLAB جمانة صدي شعيا “وجوب الاستفادة من المهارات الإبداعية في لبنان”، وقالت: “إن التحديات جعلتنا أقوى، والصناعة الحرفية هي فخر لبنان”.
الجلسة الختامية
وكانت الجلسة الختامية عقدت بحضور رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الاقتصاد عامر بساط ومدير المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، الذي الذي توجه في مستهل كلمته الى الرئيس سلام قائلا: “كنتم منذُ اليومِ الأول داعِمين لِفِكرةِ المؤتمر، ومُؤثرين في اكتِمالِه. وحُكومتُكُم أنجزَت خُطواتٍ في مَسارِ الإصلاحِ واستِعادةِ الاستقرار وبناءِ الثِقة في الداخلِ والخارج”.
اضاف: “جَلساتُنا خلالَ اليَومَينِ الماضِيَين كانت غَزيرةً بالأفكارِ والتَطلُُّعاتِ والتَعبيرِ عن المحبّةِ والاستِعدادِ للعمل والاستثمارِ في مُستقبلِ لبنان. جميعُ مَن سمِعناهُم على المِنصةِ هنا، وفي فَضاءِ المؤتمر، أكَّدوا أنهم يتَطلَّعونَ إلى عَمليةِ الإصلاحِ الجاريَة، وإلى قَضاءٍ عادلٍ، ومُكافحةِ تَهَرُّبٍ ضَريبي وتَهريب، وكُلهم يُبدونَ استِعداداً للمُساهمةِ في نُهوضِ لبنان، وهو لا شكَّ يحدُث”.
وتابع: “من أجلِ ذلكَ كُلِه، أحبَبنا أن يكونَ خِتامُ المؤتمرِ معكُم، لِنَصِلَ الأفكارَ والمشاعرَ ونَوايا العملِ والاستثمار، بالمَسارِ الذي بَدأتُموه والخُطواتِ التي تُراكِمونَها يَومياً من أجلِ تحقيقِ البيئةِ المُناسِبة للنُهوضِ الاقتِصادي والوطني بمَعناها الشامِل، فالنُهوضُ عمليةٌ تَراكُميةٌ مُتصاعِدة، تَصوغُها الخُطواتُ اليَوميةُ الصَغيرة، والقراراتُ الجَريئةُ والواقِعيّة، لكن الطَموحةُ أيضاً”.
وختم: “هذا المُؤتمر، مُحرِّكُ طاقةٍ جديدةٍ يُضيفُ إلى المَسارِ زَخماً ودعوةً إلى الحَركةِ والفِعل، ونقاشاتُ اليَومَينِ الماضيَين كانت مُريحةً وتَدعو إلى التَفاؤل. شُكراً لكُم على كلِ العملِ الذي مَرَّ، والذي سَيأتي، لان الاستِقرارَ عملٌ سياسيٌ واقتصاديٌ واجتماعي، تُعزِّزُه المسؤوليةُ التي تُمارِسونَها”.



