
وجّهت كرة القدم اللبنانية، رسالة تحدٍّ وصمود جديدة إلى العدو الصهيوني أمس، مع انطلاق الأسبوع السابع من الدوري اللبناني لكرة القدم، من ملعب عباس ناصر في بلدة العباسية، على بعد عشرات الأمتار من مكان الغارة الكبيرة التي قام بها العدو على أحد مصانع الحديد، وهي واحدة من العديد من الغارات التي طاولت قرى وبلدات جنوبية، ورغم ذلك رفعت كرة القدم اللبنانية شعار: صامدون
مع تحوّل مساء أول أمس الخميس، إلى مدّة عصيبة جرّاء الاعتداءات الكبيرة من العدو الصهيوني، على بلدات عديدة في الجنوب، كان الشارع الكروي يطرح سؤالاً وحيداً: هل تُقام مباراة الأنصار والرياضي العباسية، في افتتاح الأسبوع السابع من الدوري اللبناني لكرة القدم، على الملعب المقرّر سابقاً، ملعب عباس ناصر في بلدة العباسية الجنوبية؟ سبب السؤال حجم الاعتداءات الكبير أمس، في الجنوب بشكل عام، ووقوع غارة كبيرة على معمل للحديد قرب الملعب.
لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم، مجالاً للتساؤلات أو التأويلات. حسم أمره باكراً فقرّر إقامة المباراة على ملعب العباسية، مهما كان الثمن بشرط ألّا يكون هناك تهديد مباشر على أي شخص. فالاتحاد كان واضحاً بأنذ القلق أو الخوف ممّا حصل عشية المباراة، لن يؤثّر على إقامة المباراة على ملعب عباس ناصر. اعتبر الاتحاد أنّ أي قرار بنقل المباراة أو تأجيلها هو انصياع لضغوط العدو الصهيوني وتنفيذاً لرغباته.
ما ساعد الاتحاد على البقاء على ملعب المباراة، هو ملاقاته من قبل الفريقين وتحديداً فريق الأنصار، الذي أبدى كل تعاون مع الاتحاد اللبناني، رغم قلق البعض واعتبر أنّ التوجّه إلى الجنوب، وخوض مباراة هناك مع فريق جنوبي، هو نوع من التضامن والدعم بشكل غير مباشر.
وعليه، اتّخذ القرار وبقيت المباراة على ملعب العباسية، عند الساعة 14.15.
كان من الطبيعي أن تكون «الأخبار»، حاضرة في المباراة لنقل الصورة. مَن ظنّ أنّ الطريق إلى الجنوب يوم الجمعة ظهراً، ستكون خالية وحركة السير عليها خفيفة، نظراً لحجم الاعتداءات قبل يوم، لم تصحّ ظنونه.
عند حاجز الجيش على جسر الأولي، زحمة السير كانت كالمعتاد. عناصر الجيش فتحوا المسارب الثلاثة، لتخفيف زحمة السير.
استغرق المشوار إلى العباسية، أكثر من المعتاد نظراً لزحمة السير.
لدى الوصول إلى الملعب، تُفاجأ بعدد السيارات المركونة إلى جانب الطريق إلى الملعب، وفي موقفه الكبير. مشهد مفرح وأنت ترى عشرات الجماهير تنتظر الدخول إلى الملعب.
لا يمكن تصديق مشهد الجمهور في ملعب كان محيطه عرضة لغارة صهيوينة كبيرة قبل ساعات
عدد من الباعة نصبوا خيمهم خارج الملعب. من بائع المرطبات والمياه وألواح الشوكولا والبسكويت، مروراً ببائع الفول والذرة المسلوقة وانتهاءً ببائع السندويشات. قد تفهم أن يقدّم سندويشات سريعة باردة، لكن أن تراه يحضر ساندويش فاهيتا، فهذا مشهد لا تراه في أي مكان. تقترب من أحد البائعين محيّياً. تسأله عن وجوده قرب الملعب وعلى بعد أمتار من مكان الغارة، وإذا ما كان يشعر بالقلق أو الخوف. لا تعرف إذا ما كانت ضحكته الساخرة موجّهة لك أم للعدو، «خايف. من شو يا عمي؟ نحنا تعوّدنا وما بقى نخاف، لا من القصف ولا من الموت. نحنا هون ورح نضل هون. خلينا نضيفك شي؟» يقول علي، أحد البائعين خارج ملعب العباسية.
تشكره على عرضه وتتوجّه إلى الملعب مكتفياً ببعض الكلمات التي تحمل الكثير من المعاني.
تدخل إلى المنصة الرئيسية في الملعب، حيث يجلس الإعلاميون فتجد عدد الحضور متوسطاً. سبب ذلك هو عملية ضبط الأبواب الكبيرة التي يقوم بها الاتحاد، وتحديداً عضو اللجنة التنفيذية ورئيس لجنة الملاعب موسى مكي.
تكفيك نظرة إلى مدرج الأنصار يمين المنصة، ومدرج الرياضي العباسية إلى يسارها، حتى تعرف حجم الشغف وقوة الإرادة لدى الشعب اللبناني بلعبة كرة القدم، وبالإصرار على المقاومة.
المدرجان ممتلئان، لا يقف الحضور الجمهور على مدرجَي الملعب، فخارجه وتحديداً في الجهة المقابلة للمنصة الرئيسية، تجمع المئات من المشجّعين بكراسيهم وحاجياتهم (طبعاً الأرغيلة ضرورية خارج الملعب) ورغم وجود الشمس في وجههم. خلف هؤلاء بأمتار وقعت الغارة الكبيرة أمس، ورغم ذلك حضروا وتابعوا المباراة.
قد تفهم مجيء مشجّعي الرياضي العباسية إلى المباراة والجلوس في المدرج المخصّص للنادي. فهؤلاء معظمهم أبناء البلدة، لكن أن يكون أكثر من نصف مدرج الأنصار لجمهور زحف من بيروت، فهذا أمرٌ لافت يتسحقّ التحية. وجوه أنصارية بيروتية، كانت حاضرة. قائد الجمهور التاريخي في الأنصار، عصام عياد، كان حاضراً. زملاؤه كانوا إلى جانبه والجميع حضروا من بيروت، غير آبهين لما حدث قبل أقلّ من 24 ساعة، في البلدة عينها. حضروا لدعم فريقهم والاحتفال معه في حال فاز.
كافأ فريق الأنصار، جمهوره وأسعده بفوزه على الرياضي العباسية. صحيحٌ أنّ الفوز متواضع بهدف وحيد سجّله أبو بكر جبرين، في الدقيقة 83، لكنه كان كافياً لحصد النقاط الثلاث وتعزيز الرصيد ليصبح 12 نقطة.
في جونيه، كان العهد يستعيد عافيته ويحافظ على وصافته بفوزه المستحقّ على الحكمة 3-1. تخطّى العهداويون الخسارة الثقيلة أمام النجمة، في الأسبوع الماضي، وقدّموا مباراة جيدة كان نجمها اللاعب محمود زبيب، الذي سجّل هدفين في الدقيقتين 2 و11، قبل أن يخرج مصاباً في الشوط الأول. حاول الحكمة البقاء في أجواء المباراة، فكان له هدف التعادل في الدقيقة 22 عبر تراوري، لكن العهد أنهى الشوط الأول لصالحه.
في الشوط الثاني، عزّز حسين عز الدين، النتيجة للعهد، وكاد كنوتيه، أن يقلّصها للحكمة، لكن هدفه الذي سُجّل في الدقيقة 72، بعد العودة لفيديو الحكم المساعد VAR، تم إلغاؤه لوجود خطأ قبل دخول الهدف.
لم ينجح الحكمة، في خطف المركز الثاني، وبقي رصيده عند 13 نقطة، مقابل 18 للعهد.
اليوم السبت، ستُقام ثلاث مباريات، فإلى جانب لقاء النجمة المتصدّر بـ18 نقطة، مع جويا الثالث بـ13 نقطة، في قمّة الأسبوع السابع، سيلعب المبرّة مع التضامن صور، على ملعب العهد، عند الساعة 14.15، والراسينغ، مع شباب الساحل، على ملعب الصفاء، في التوقيت عينه، في حين يختتم الأسبوع السابع يوم الأحد، بلقاء الصفاء والبرج على ملعب جونيه في التوقيت عينه.



