سياسة

على حافة الهاوية.. تعزيزات عسكرية ومفاوضات فاشلة تهدد بإشعال مواجهة “الجولاني” و”قسد” في دير الزور

مع استمرار تعثر المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطية وسلطة الامر الواقع في دمشق، تتجهز الساحة السورية لاحتمال جديد للتأزم العسكري. تدفع ” سلطة الجولاني ” (التي يُشار إليها إعلامياً بعصابات الجولاني) تعزيزات إلى محاور التماس مع قسد في ريف دير الزور، في مؤشر على إخفاق المسار التفاوضي وانزياح الأطراف نحو خيار المواجهة.

١. التعزيزات العسكرية واستعدادات المواجهة
تشهد خطوط التماس المناطقية بين ميليشيا الجولاني وقوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور حركة عسكرية مكثفة،حيث يتم دفع تعزيزات عسكرية وإعادة انتشار للميليشيات . هذه التحركات تأتي في إطار استعداد محتمل لمواجهة واسعة، وهي تعكس توجهاً عسكرياً بديلاً عن المسار التفاوضي الذي شهد جموداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة وتأجيلات متكررة لكسب الوقت من الطرفين .

٢. مفاوضات متعثرة وفجوة في التفسير
أكدت مصادر مفاوضة من الجانبين أن المحادثات بين قسد وسلطة الامر الواقع تواجه عقبات جوهرية.
ووفقاً لتصريحات عضو اللجنة العسكرية للتفاوض في قسد، سيبان حمو، فإن “الإشكالية الأساسية تكمن في فجوة التفسير والفهم”، حيث يرى الطرفان مفهوم “الاندماج” في الدولة من زاويتين مختلفتين تماماً.
فبينما تراه قسد إطاراً للتعاون والحفاظ على الهوية، تراه سلطة الجولاني عملية “ذوبان” كاملة في بنى سلطته .

٣. انتقادات للحوكمة الأحادية وعدم التمثيل الحقيقي
وجهت قسد انتقادات حادة لآليات الحكم التي تنتهجها لحكومة الامر الواقع برئاسة الجولاني،واصفةً إياها بـ “الأحادية”. وجاء في الانتقادات أن انتخابات مجلس الشعب التي جرت مؤخراً كانت أشبه “بمسرحية سياسية”، حيث غلب عليها طابع التعيين وليس الانتخاب الحر. كما أن دستور سلطة الامر الواقع مارس 2025 لم يحظَ بقبول واسع لدى جميع المكونات، حيث انتقدته الأطراف الكردية لعدم اعترافه الصريح بالتنوع الإثني والثقافي في سوريا .

٤. اتفاقيات لم تُنفذ وبيئة غير مستقرة
أشارت القيادة في قسد إلى أن اتفاقيات سابقة لم تلتزم بها الحكومة، ومثالاً على ذلك ما حدث في اتفاق الأول من أبريل بشأن حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، والذي وُصف بأنه “كذبة أبريل” بسبب عدم التنفيذ . هذا يغذي شكوكاً كبيرة حول مصداقية أي اتفاقيات مستقبلية قد يتم التوصل إليها.

٥. السيطرة المجزأة للسلطة وصورة مضللة للاستقرار
كشفت التصريحات النقاب عن أن الصورة التي تقدمها سلطة الجولاني عن سيطرتها على البلاد “مضللة”. فسلطة الجولاني ليست مسيطرة فعلياً على كامل التراب السوري، حيث لا تزال مناطق واسعة في ريف دمشق، مثل دوما، خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة (كجيش الإسلام)، ولا تستطيع ميليشيا الجولاني دخولها دون إذن هذه الفصائل . هذا الواقع يناقض الرواية الرسمية التي تقدم الوضع على أن “العقبة الوحيدة” المتبقية هي مناطق قسد.

٦. المشهد الأوسع: صراع على النفوذ في فراغ السلطة
لا يمكن فهم هذه التطورات بمعزل عن المشهد السوري الأوسع. فسوريا ما بعد الأسد ، ورغم عودة مليون لاجئ وفقاً للأمم المتحدة ، لا تزال تعاني من هشاشة أمنية وسياسية بالغة. كما أن التدخلات الإقليمية والدولية مستمرة، حيث توثق تقارير حقوقية انتهاكات، بما في ذلك من قبل القوات الإسرائيلية في الجنوب . في هذا الفراغ، يتصاعد التنافس بين القوى الداخلية الرئيسية – مثل هيئة تحرير الشام وقسد – لإعادة رسم خريطة النفوذ والتحكم في الموارد، خاصة في مناطق شرق الفرات الغنية.

خلاصة القول :
المشهد في دير الزور يشير إلى أن الساحة السورية قد تكون على أعتاب مرحلة تصاعد عسكري جديد. فالجمع بين التعزيزات على الأرض ، والتعثر الواضح في المفاوضات ، والانتقادات العميقة لأساليب الحكم ومدى السيطرة الفعلية ، كلها عوامل تقود نحو مزيد من الاحتكاك . إن تقديم الوضع على أن الاستقرار هو السمة الغالبة وأن المشكلة محصورة في “مكون واحد” هو تبسيط مضلل لأزمة نظام الحكم في سوريا، والتي تظل جوهر الصراع القائم.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى