
في الداخل اللبناني، وتحديداً في المناطق التي يتمتع فيها تيار المستقبل بتمثيل شعبي واسع، يلاحظ حراك انتخابي لافت لقيادات التيار الأزرق أكان على مستوى منسقي المناطق أو على صعيد أعلى، وصولاً الى اللقاءات التي يجريها الأمين العام أحمد الحريري والتي تصب في معظمها في خانة التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة.
أما خلف الحدود، وتحديداً في الإمارات العربية المتحدة، مقر إقامة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، فلم يصدر أي موقف عن رئيس التيار الأزرق حول مشاركته في الإنتخابات النيابية المقبلة المقررة في أيار المقبل من عدمها، وفي هذا السياق يكشف مطلعون على العلاقة بين الحريري وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن ما تردد في الآونة الأخيرة من معلومات عن مسعى مغربي وآخر مصري يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة ترطيب العلاقة بين الحريري وبن سلمان هو كلام غير دقيق، ما يعني عملياً أن ما من ضوء أخضر سعودي بعد يعيد الحريري الى اللعبة السياسية من باب الإستحقاق النيابي المقبل حتى ولو أن المملكة تولي إهتماماً إستثنائياً بنتيجة هذا الإستحقاق لا سيما في الشق المتعلق منه بمحاصرة حزب الله سياسياً، أكان من خلال تشكيل كتلة نيابية سنية توازي بحجمها كتلة ثنائي حزب الله وحركة أمل، أو حتى عبر تحقيق خروقات إنتخابية في التمثيل الشيعي تمنع إحتكار الثنائي للمقاعد الشيعية وتفتح الباب أمام ترشيح نائب شيعي معارض للثنائي الى رئاسة مجلس النواب بوجه نبيه بري.
لولب هذا الحراك السعودي في لبنان هو سفير المملكة وليد البخاري وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن الأخير سمع من أكثر من شخصية لبنانية غير منظمة في تيار المستقبل ومنها من هو خبير في الشأن الإنتخابي بأن الطريق الأسهل للمملكة لتسجيل نقاط إنتخابية على الثنائي الشيعي ولا سيما حزب الله، يتمثل بإعادة الحريري الى الساحة الإنتخابية، وذلك لأسباب متعددة، أولاً لأنه القادر على الفوز بأكبر كتلة سنية في مجلس النواب، وثانياً لأن ما من شخصية سنية تمكنت حتى اليوم من أن تنزع منه ولو جزء بسيط من شعبيته أو أن تملأ فراغه على الساحة السنية، وثالثاً لأنه الزعيم السني الوحيد القادر وبتحالفات إنتخابية مع الحزب التقدمي الإشتراكي على سبيل المثال لا الحصر من أن يحقق أكثر من خرق داخل التمثيل الشيعي، ومن أن يفوز بمقاعد شيعية على حساب ثنائي الحزب والحركة، وتحديداً في دوائر بيروت الثانية والبقاع الغربي والجنوب الثالثة التي تضم النبطية بنت جبيل، مرجعيون وحاصبيا، هذا في حال قرر تيار المستقبل أن يجيّر أصواتاً سنية من رصيده لصالح مرشحين شيعة على لوائحه ضد الثنائي.
إذاً هل تفرض الحسابات الإنتخابية اللبنانية على بن سلمان ما لم يكن يريده في هذه المرحلة لناحية السماح لسعد الحريري بالعودة الى الساحة السياسية من الباب العريض؟.
في السياسة، الضرورات تبيح المحظورات، وكل شيء وارد في أي لحظة، والجواب لن يتأخر كثيراً لأن لعبة الإنتخابات تتطلب تحضيراً ونحن أصبحنا في الأشهر الثمانية الفاصلة عن موعد الإستحقاق.