منوعات

اللجنة القانونية العليا في السويداء: نموذج مدني ناجح في مواجهة إخفاقات “حكومة دمشق الانتقالية”

خاص أحوال ميديا

في الوقت الذي تتخبط فيه حكومة دمشق الانتقالية في أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة، تبرز اللجنة القانونية العليا في السويداء كنموذج مدني فريد يُعيد الاعتبار للعمل الأهلي المنظم، ويثبت أن المبادرات المحلية قادرة على ملء الفراغ الإداري حين تغيب الدولة أو تتقاعس عن أداء دورها.

فبينما تتحدث حكومة دمشق عن “مرحلة انتقالية” و”إعادة بناء الدولة”، يلمس المواطن السوري في السويداء نتائج ملموسة على الأرض بفضل جهود اللجنة القانونية العليا، التي يقودها القاضي مهند أبو فاعور، وتعمل بتفانٍ على معالجة القضايا الخدمية والمعيشية بعيدًا عن الشعارات السياسية الفضفاضة.

اللجنة القانونية العليا: حضور ميداني واستجابة حقيقية

نفذت اللجنة مؤخرًا جولات ميدانية شملت عدة بلدات في ريف السويداء، حيث استمعت إلى مطالب الأهالي المتعلقة بالرواتب، المحروقات، دعم الزراعة، وتأمين المواد الأساسية. ولم تكتف اللجنة بالاستماع، بل وثّقت المطالب وبدأت العمل على معالجتها ضمن الإمكانات المتاحة، في مشهد يعكس التفاعل المباشر مع الناس، والقدرة على تحويل القانون إلى أداة لخدمة المجتمع.

وقد أثنى الأهالي على أداء اللجنة، معتبرين أنها الجهة الوحيدة التي تجرأت على النزول إلى الميدان، وواجهت الواقع دون تزييف أو تبرير، في وقت تتوارى فيه مؤسسات الدولة خلف التصريحات الرسمية.

حكومة دمشق الانتقالية: وعود معلقة وأخطاء متكررة

في المقابل، تواجه حكومة دمشق الانتقالية انتقادات واسعة بسبب غياب التمثيل الحقيقي لمكونات الشعب السوري، واستمرار هيمنة هيئة تحرير الشام على مفاصلها السيادية، رغم ادعائها بأنها “حكومة تكنوقراط”.

وقد أشار تقرير صادر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية إلى أن الحكومة الجديدة تعاني من تحديات مركبة، أبرزها غياب الشرعية السياسية الداخلية، وتهميش الأقليات، وفشلها في إطلاق عملية العدالة الانتقالية أو تحقيق الاستقرار الأمني⁽²⁾.

كما انتقدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الحكومة الجديدة، ووصفتها بأنها استمرار لحكومة تصريف الأعمال السابقة، معتبرة أنها لا تعبر عن التنوع السوري، ولا تملك رؤية شاملة لإخراج البلاد من أزمتها.

مفارقة الأداء: من يملك السلطة ومن يخدم الناس؟

رغم أن حكومة دمشق تمتلك أدوات الدولة من وزارات وموازنات ومؤتمرات دولية، فإن اللجنة القانونية العليا في السويداء، التي تعمل دون دعم رسمي، استطاعت أن تحقق نتائج ملموسة في وقت قياسي. وهذا يطرح سؤالًا جوهريًا: هل النجاح في إدارة المجتمعات المحلية يحتاج إلى سلطة مركزية، أم إلى إرادة حقيقية وخدمة صادقة؟

اللجنة القانونية لم ترفع شعارات سياسية، ولم تدخل في تحالفات دولية، لكنها نجحت في بناء ثقة مجتمعية، وتقديم نموذج مدني يحتذى به في مناطق أخرى من سوريا.

واليوم في بلد أنهكته الحرب والانقسامات، تبرز اللجنة القانونية العليا في السويداء كضوء في نهاية نفق طويل، وتُثبت أن العمل الأهلي المنظم قادر على تعويض غياب الدولة، بل وتفوق على حكومات انتقالية تائهة بين التوازنات السياسية والمصالح الفئوية. وبينما تتحدث حكومة دمشق عن إعادة الإعمار، تبني اللجنة القانونية جسورًا حقيقية بين المواطن والمؤسسة، وتُعيد تعريف معنى “الحكم” في زمن ما بعد الدولة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى