مجتمع

بين نارين: مديرة تربية السويداء نموذجٌ لصمود الإدارة تحت وطأة الابتزاز السياسي

خاص أحوال ميديا

في خضم الحصار الخانق الذي تفرضه سلطة الأمر الواقع على محافظة السويداء، تبرز معاناة القطاع التربوي كأحد أقسى تجليات هذا الحصار، حيث تُحاك ألاعيب السياسة على حساب مستقبل جيل بأكمله. وفي قلب هذه الأزمة أفادت مصادر لمنصة أحوال ميديا أن “مديرة التربية ليلى جهجاه تقف شاهداً ومناضلةً في آنٍ واحد، أمام اختبار قاسٍ يضعها بين مطرقة توفير لقمة عيش كوادرها التربوية وسندان الحفاظ على مبادئها وكرامة مؤسستها.

١. حصار مُتعمّد وابتزاز منهجي

ليست أزمة الرواتب التي يعيشها المعلمون والمعلمات في السويداء محض صدفة، بل هي حلقة في سلسلة سياسة منهجية تتبعها سلطة الأمر الواقع بقيادة الجولاني، والتي يجسدها المدعو “مصطفى بكور” عبر آليات ابتزاز واضحة. بمقالاتنا السابقة نؤكد أن المحافظة تعاني حصاراً “خانقاً” يمنع إدخال المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل منتظم . اليوم، يتم توسيع هذا الحصار ليشمل القطاع التربوي، حيث يُرفع الحصار عن الرواتب فقط في حال استسلام المسؤولين لشروط مهينة، أشبه بفدية سياسية.

٢. المعضلة الأخلاقية: رواتب المعلمين مقابل شرعية السلطة

الخيار المفروض على مديرة التربية – “إما لا رواتب، وإما النزول شخصيًا إلى بلدة المزرعة” – هو نموذج صارخ للابتزاز السياسي. هذا الطلب لا يستهدف مجرد استلام مستحقات مالية، بل يهدف إلى:

· إضفاء شرعية مزيفة: إجبار ممثلي المؤسسات الرسمية على التعامل المباشر مع سلطة الأمر الواقع في مقرها، مما يمنحها هالة من الشرعية التي تسعى إليها يائساً.
· كسر إرادة الإدارة المحلية: تحويل المسؤولين إلى رهائن في ألعاب سياسية، حيث يصبح تأمين أبسط حقوق الموظفين رهيناً بتنفيذ شروط لا أخلاقية.

٣. التنسيق الخفي ومسؤولية الدفاع المجتمعي

في مواجهة هذا الضغط، لم تكن مديرة التربية وحيدة، حيث التنسيق مع شخصيات محلية معتبرة مثل سماحة الشيخ حكمت الهجري واللجنة القانونية العليا في كل خطوة يثبت أن قراراتها ليست فردية، بل نتاج مشورة جماعية تهدف إلى حماية القطاع التربوي من الانزلاق في مستنقع الشرعنة. هذا التنسيق يضعف أي حجة تنتقد موقفها المتصلب، ويحول المسؤولية من الدفاع عن فرد إلى الدفاع عن قرار جماعي حكيم.

٤. مهاجمو القلعة المحاصرة: اختلال أولويات أم جهل بالواقع؟

في الوقت الذي تواجه فيه المديرة جهجاه هذه الضغوط الهائلة، يخرج من يهاجمها من خلف شاشات ولوحات المفاتيح . هؤلاء المهاجمون، بدلًا من توجيه سهامهم نحو مصدر الأزمة الحقيقي – سلطة الأمر الواقع – يوجهونها نحو من يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه. الدفاع عنها ليس تمجيداً لشخص، بل دفاع عن مبدأ “التمسك بالثوابت تحت الضغط”. السؤال الأجدر بالطرح هو: ما هو البديل العملي الذي يطرحه هؤلاء؟

استمرار العملية التربوية هو الانتصار الحقيقي

الجهود الجبارة التي تبذلها مديرة التربية وزملاؤها من خلال الحفاظ على استمرار العملية التعليمية في ظل هذه الظروف القاسية، هي بمثابة معجزة يومية. إنها رسالة واضحة بأن إرادة الحياة أقوى من كل أساليب القمع والابتزاز. بدل الهجوم، يجب على الجميع الوقوف خلف هذه الإدارة الواعية ومساندتها، والضغط عبر كل القنوات لرفع الحصار الجائر، لأن المعركة الحقيقية هي معركة إرادة، واستمرار التعليم هو انتصار للإرادة الجماعية لأهل السويداء على سياسة التجويع والإذلال

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى