مجتمع

هل سيزور بابا نويل أطفال لبنان هذا العام؟

في شهر كانون الأوّل من كل عام، تعيش الأديان في تسامح وسلام، ليزيّن عيد الميلاد المجيد ببهجته شوارع ومدن العالم أجمع. يحمل هذا العيد الدّفء إلى البيوت، حيث تجتمع العائلة حول الشجرة، وينتظر الأطفال أن يحقّق بابا نويل أمنياتهم. ولكن هل سيبدّد فيروس كورونا العادات والتقاليد الميلاديّة؟ لقد اجتاح هذا الوباء الدول، وأغلق معابرها الحدودية، وكان له تبعاته على كافّة الأصعدة، لا سيّما على الصعيد الإجتماعي. ليلة الميلاد من العام ٢٠٢٠، لن تشبه سابقاتها، فالكنائس لن تزدحم بالمؤمنين، وستكتفي مائدة العشاء بالعائلة المصغّرة وعلى نطاق ضيّق. فهل سيزور بابا نويل الأطفال؟

قيّد الحجر المنزلي نمط حياة أطفالنا في لبنان، كما في سائر البلدان؛ فانعدمت نشاطاتهم ومشاريعهم طيلة العشرة أشهر الماضية. وعلى بُعد أيّام قليلة من عيد الميلاد، هم يتأمّلون بأن يزورهم بابا نويل مرنرنًا بجرسه، كما جرت العادة، ليوزّع عليهم هداياهم. فلأي مدى قد تشكّل زيارته خطرًا صحيًّا عليهم وعلى أُسرهم؟ وهل من طرق آمنة لإستقباله؟

بابا نويل” مصدر لنقل العدوى

في حديث لموقع “أحوال” مع الدكتور جورج شبلي، أخصائي في الأمراض الصدرية والإنعاش الطّبي، خرّيج الجامعة اليسوعية في بيروت وجامعة بيار وماري كوري في باريس، يشير إلى أنّ هذا الشخص سيتجوّل بين منزل وآخر، ومهما كانت الإجراءات الوقائية التي سيتّبعها، إلّا أنّ مقابلته لعدد كبير من الأشخاص في هذه الليلة قد يعرّضه ويعرّض آخرين لعدوى الكورونا. كما وأنّ الألعاب والهدايا التي ستصل مباشرة إلى أيدي الأطفال، من دون غسلها وتعقيمها، قد تكون مصدر لنقل الفيروس عند ملامسة أسطحها.

من المفضّل على الأهل تعقيم الهدايا ووضعها إلى جانب شجرة الميلاد، والقول لأطفالهم بأنّ بابا نويل قد مرّ وتركها لهم. ومن الضروري تقديم التفسيرات، فعلى الولد أن يعي بأنّ بابا نويل قد اعتمد هذا الأسلوب لحمايتهم وغيرهم من الإصابة بفيروس الكورونا. كذلك يقترح الدكتور شبلي على الأهل، بأن يرتدي أحدهم زيّ بابا نويل ليلعب الدور. ويحذّر ختامًا، من ما قد تحمله فترة الأعياد من مخاطر بنقل العدوى، ويؤكّد بأنّ حتّى التجمّعات واللقاءات العائلية هي غير محبّذة.

هل بابا نويل جاهز للمهمّة؟

في جولة ميدانيّة لموقع “أحوال”، يتبيّن بأنّ لا قرار موحّد لدى أصحاب محلات الألعاب في ما خصّ خدمة توصيل الألعاب عن طريق البابا نويل. يستغني البعض عن تأمين الهدايا عبر هذه الشخصيّة الرّمزية، ليس فقط من أجل منع تفشّي الفيروس، ولكن أيضًا بسبب نسبة المبيعات المتدنّية، وذلك نظرًا لغلاء الأسعار الناتج عن إرتفاع سعر صرف الدولار. في حين سيتعامل البعض الآخر مع شركات مخصّصة لخدمة التوصيل. وفي هذه الحالة، ستكون الإجراءات الوقائية الواجب اتّباعها من مسؤوليّة هذه الشركات. أمّا الباقون، فهم حريصون على تأمين البابا نويل، لعلّ الأمر سيرفع نسبة مبيعاتهم.

هذا فضلًا عن تواجد بعض الأشخاص الذين وظّفوا أنفسهم لهذه المهمّة، وبالتالي فإنّ بابا نويل سيعمل من مكتبه وعلى حسابه، لا سيّما في المناطق الرّيفية.

في النهاية، ومع غياب الإلتزام بقرار التعبئة العامة، وغياب الرّقابة المشدّدة لقمع المخالفات حتّى في فترة الفتح التدريجي أو الجزئي،  يبقى القرار بأخذ المخاطرة من عدمه للأهل. فهل سيسمحون لبابا نويل بأن يدقّ أبوابهم لترتجف قلوب أطفالهم فرحًا وحماسًا؟ أم أنّهم سيحكّمون المنطق والعقل لحماية صغارهم من احتمال إلتقاط عدوى الكورونا؟

ناريمان شلالا

 

ناريمان شلالا

صحافية وإعلامية لبنانية، عملت في إعداد برامج تلفزيونية وإذاعية عديدة، محاورة وكاتبة في المجال السياسي والاقتصادي والإجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى