مجددا يبرز ملف المرامل في جرود بلدة كفرسلوان المتنية الى الواجهة بعد إقفال عدد من المرامل مؤخراً، حيث تبين انها تقوم وبشكل مخالف للقوانين بسحب الرمول من عدد من العقارات التبابعة لمشاع البلدية وبيعها بأسعار خيالية، ليستفيد بذلك مجموعة صغيرة من مستغلي الأراضي والمشاعات لمصالحهم الخاصة دون اي وجه حق، ما يطرح جملة من الأسئلة حول هذا الملف القديم – الجديد حيث تنتشر في جبال كفرسلوان المخالفات المتعددة من المرامل الى الكسارات، وتؤدي جميعها الى جريمة بيئية تقضم الجبال وتشوه معالم الطبيعة وثرواتها، ما ينعكس سلسلة من الأزمات البيئية والطبيعة والمناخية.
وفي جديد ملف التعديات الحاصلة في جبال كفرسلوان أقدمت القوى الأمنية وتحرك معها المدعي العام البيئي وبلدية زحلة، وبمساعدة بعض النشطاء، حيث تمت مداهمة عدد من المواقع في جبل كفرسلوان حيث كانت تجري أعمال الحفر واستخراج الرمال بشكلٍ مكثف وتمريره ليلاً من ضمن بلدة كفرسلوان وبعض الطرقات الفرعية، وتم تسطير بلاغات بحث وتحرٍ بحق عدد من الاشخاص ممن يسرقون الرمال وتم ختم تلك المساحات بالشمع الاحمر ومُنع العمل فيها.
هذا التطور يأتي بعد اللغط الذي ساد في الأسابيع الماضية ولم يزل، حول التفجيرات وحصول الهزة الارضية التي شعر بها أهالي مدينة زحلة، ولا شك أن ما جرى من مداهمة المرامل والكسارات يعتبر أمراً جديداً وغير مسبوق، اذ تحركت القوى الأمنية ومدعي عام البيئة في البقاع من جهة زحلة، اي من المحافظة المجاورة، وسارع القاضي علي ابراهيم الى التحرك على هذا الخط، في حين غابت بعض الجهات الأمنية المحلية عن السمع، ما يطرح السؤال عن الجهة المخولة محاسبة كل من يقصر في آداء واجبه في العمل من أجل منع الجرائم البيئية ووضع حد للمصالح الخاصة على حساب الطبيعة وأهل المنطقة؟.
في تلك المنطقة الجبلية يدور الحديث دوماً عن إنتشار عشرات المقالع والكسارات والمرامل والستوكات وهي موزعة بين جرود بلدات كفرسلوان وجوار الحوز وترشيش والتويتة، وبين الفترة والأخرى يتم الكشف عن عودة عمل الكسارات بطرق غير شرعية رغم ختم معظمها بالشمع الأحمر، وخاصةً تلك الواقعة في منطقة التويتة.
والأغرب أن كل حديث هناك يُربط بقوى الأمر الواقع السياسي من كلا جانبي الجبل الممتد من كفرسلوان في قضاء بعبدا الى زحلة، وتبقى الأزمة جاثمة على صدور اهالي تلك البقعة دون حلول واعادة تشغيل الكسارات وارد في اي لحظة.
لا شك أن ما يحصل في جرود كفرسلوان وجوارها يشكل جريمة بيئية متعددة الأبعاد وتعدياً على ثروة الأجيال المستقبلية، في ظل معلومات تفيد أن مرتفعات كفرسلوان تحوي مخزون مياه جوفية كبير حيث يفترض أن تكون محمية بموجب خطة تنظيم الأراضي المقرّة في مجلس الوزراء سابقاً باعتبارها قمماً جبلية، وما لم يتوقف النهش الذي تتعرض له هذه القمم، فإن تغييراً جيولوجياً سيحدث في المنطقة والتي ستصبح مكشوفة على سهل البقاع، وهذا يعني تدمير الحاجز الطبيعي للغيوم الذي تشكله سلسلة جبال لبنان الغربية، ما سيؤدي إلى انخفاض نسبة المتساقطات والتعجيل في تغيير المناخ المتاثر أساساً بالاحتباس الحراري العالمي.
فهل تخرج ثروات كفرسلوان من دائرة الشبهة وهل تعود بساتين كفرسلوان ومواسمها الرائعة وأشجارها المثقلة بالتفاح الأحمر التي تُروى من البرك الاصطناعية التي تختزن مياه الثلوج على ارتفاع 1800 متر عن سطح البحر؟.
يذكر ان بلدة كفرسلوان الواقعة في أعالي منطقة المتن الأعلى التابعة إداريا لقضاء بعبدا تمتد مساحتها من حضن جبل الكنيسة الى أعالي قممه، وقد تحولت نعمة مساحات المشاع الضخمة جداً فيها الى نقمة منذ عقود، بعدما انتشرت على سفحها الكسّارات والمرامل ومقالع الحجر بشكل عشوائي، وباتت تطغى على شهرة البلدة بانتاج التفاح والكرز والفواكه ومختلف أنواع الزراعات.
سؤال أخير لا بد من طرحه “لماذا تبقى اعمال الحفر والتخريب وسرقة الرمول قائمة وتستمر معها مسيرة الفساد اللامحدود بحيث تدفع جبال كفرسلوان وأهلها ثمن الأطماع الشخصية، فهل من يحاسب ويضع حدا لهذه الجريمة الكبرى؟ فهل سيتحرك نواب المنطقة وفعالياتها البيئية والاهلية لوضع حد لهذا الجرم البيئي الذي يرتكب بحق بلدة كفرسلوان وأهلها، وهل يمكن لبلدية كفرسلوان ان تلعب دورا في وضع خطة لوقف السرقات والتعديات الحاصلة على مشاعات البلدة، لا سيما وان وزير البيئة ناصر ياسين أصدر جميع القرارات والادعاءات المطلوبة لدى المدعي العام البيئي لوقف جريمة كفرسلوان البيئية، لكنه لا يملك الآداة التنفيذية لتنفيذ القرارات الصادرة بينما تعجز القوى الأمنية عن ملاحقة المخالفين، وهل يعقل ان مرور شاحنات الرمول لا يلفت انتباه الجهات المعنية رغم الضجة التي تحدثها الشاحنات لدى مرورها على الطرقات، فكيف اذا كان الحديث عن مرور تلك الشاحنات في منطقة جبلية هادئة بعيدة عن الضوضاء؟