ميديا وفنون

فيلم The Takedown الفرنسي: للإرهاب وجوه كثيرة

لطالما تميّزت الأفلام الفرنسية بطابع خاص فريد من نوعه ومغايرعن بقية الأفلام الأمريكية والأوروبية بشكل عام، كونها تتمتع بنكهة ونظرة مختلفة لكيفية خلق التجربة السينمائية سواء في الأفلام أو المسلسلات.

فيلم The Takedown شريط فرنسي جديد على الشاشات الباريسية، يحتوي على جميع الخصائص التي تجعله فرنسيا حتى في سرد النكتة. الفيلم يمكن تصنيفه من نوع الآكشن، الكوميدي والجريمة وهو من كتابة ستيفان كازاندجيان ومن بطولة عمر سي في دور عثمان دياكيتي، لوران لافيت في دور فرانسوا مونج وإيزيا هيقلن في دور أليس ومن إخراج لويس ليترير.

فحوى الفيلم تدور حول شرطيان هما عثمان وفرنسوا من باريس، يقومان بالتحقيق لمحاولة كشف خيوط جريمة غامضة، ولكن ما يميّز هذا الثنائي أنهما متناقضان لدرجة كبيرة ولا يوجد أي دليل ليستدلا به على القاتل.

إنتاج جديد لنتفليكس يتناول العنصرية وتفوق العرق الأبيض

قررت منصة نتفليكس تصوير الفيلم بالاعتماد على سرد الجريمة والأكشن واختيار طاقم الممثلين وكذلك الأماكن كموقع وأحداث مناسبة لميزانية بلغت 17 مليون يورو، وتعزيزه بموضوع حساس جدا، خصوصا في مثل هذا الوقت لفرنسا ومرحلة الانتخابات. يتناول العمل موضوع العنصرية وتفوق العرق الأبيض على بقية الأعراق وكيف تنتشر هذه المشكلة في المدينة الصغيرة التي يذهب لها عثمان وفرانسوا وتظهر على مجموعة من الناس، حيث أنها تكون عنصريتهم واضحة فيهم كالشمس، بل يقولونها بالفم الملآن دون خوف.

مثل هذه المواضيع الحساسة، التي تسبب الكثير من النظرة السوداوية لبلد معين، ليس من السهل وضعها ضمن فيلم درامي بحت، بل أنها تحتاج إلى جزء كوميدي ليتقبّلها المشاهد ويفهمها دون الحكم عليها مباشرة أو نقضها أو حتى نفيها بتاتا. ذكاء السيناريو كان في توزيع الحديث عن العنصرية بأكثر من طريقة، فالطريقة البصرية كانت الأكثر والأشمل، لكن عندما يريد الكاتب التغلغل أكثر كان الحوار سيد الموقف، ولكن كانت مبطنة بطريقة النكتة وذكية في التعبير.

تدور حبكة الفيلم عندما يتم جذب المشاهد من خلال الجثة التي يجدها أبطال العمل عند قدوم قطار من مدينة خارج باريس، ومن هنا تبدأ المشاكل والتناقضات، فنحن نقابل عثمان، البطل العاقل والذي يريد حل كل شيء بطريقته الباريسية كمحقق جنائي، ولكن رفيقه القديم فرانسوا يكون هو في موقع الحدث ويُدخل نفسه في حل القضية كونه لم يعين كمحقق جنائي وفشله عدة مرات في الاختبار وأخذه كل شيء بعدم الاهتمام، فهذا التناقض هو ما يصنع الصراع بينهما ويجعلنا منذ لقائهما الأول ونحن ننتظر متى ينفجر عثمان في وجه فرانسوا. أما سرد النكتة، فقد كان من أهم ما يميز خصائص هذا الفيلم ويذكرنا بالأفلام الكوميدية الفرنسية القديمة من بطولة لويس دي فونيس

رجلا بوليس في مهمة غير مستحيلة

ينقسم العمل إلى محورين، الأول أن بطله عمر سي، وجه نجومي محبوب جداً في فرنسا، والثاني أن مخرجه لورانت لوتيرييه (49 عاماً) هو نفسه مخرج fast 10، مع سيد السلسلة فان ديزل، والجنوب أفريقية تشارليز ثيرون، بما يعني أن تنفيذ مشاهد “الأكشن” مضمون المستوى.

ثم تم الاستناد إلى نص صاغه ستيفان كازاندجيان أكثر فيه من خفة الدم المفترض اعتمادها بين بطلي العرض: عثمان و فرنسوا، كونهما رفيقي المهمات البوليسية الدقيقة، في أجواء ظريفة حيناً وثقيلة الدم غالباً ربما لأن هذا المناخ جربته أفلام أميركية وأوروبية عديدة من قبل وبات صعباً الفوز بجديد على صعيد هذا النوع من الثنائيات.

قضايا فساد، ورجال عصابات من أنماط مختلفة، يقع خلالها الثنائي في أكثر من مطب محرج، لكن الأكثر سطحية هو فرنسوا، بينما عثمان الذي يذكرنا النص عدة مرات بأنه عربي، لا يهاب شيئاً ويقتحم المخاطر بقلب قوي رغم أنه أب لطفلين، بينما يتم تقديم الثاني على أساس أنه “زير نساء”، ويريد الهيمنة على أي أنثى يصادفها حتى زميلاته في دائرة البوليس.

أيضاً تُضاف معلومة مستهلكة عن وجود فساد في قيادة البوليس، وأن هناك ضرورة للتصرف ضد المتورطين، لتنشأ مواجهات ومطاردات عديدة نتمتع بنوعها لأن المخرج لوتيرييه أحد المحترفين في هذا المجال إنطلاقاً من تجربته مع the fast and the furious، عندما يقود عثمان السيارة، ويرتعب زميله فرنسوا من جنون القيادة والمطاردات.

الحضور النسائي في الشريط هامشي، وحدها الفرنسية إيزيا هيغلن في شخصية آليس، الشريكة الثالثة للثنائي: عثمان- فرنسوا، تحضر في مشاهد أكثر، لأن لها دوراً سلبياً في الفساد السائد، وبالتالي تتم مطاردتها للنيل منها، في وقت يطارد فيه “الديو” المجرم الأول من قيادة البوليس على وقع انفجار كبير يهدم جانباً من مبنى قديم، لكن الزميلين ينجوان.

إجمالًا قضاء ساعتين لمشاهدة هذا الفيلم يمكن يعتبر تجربة ممتعة، ولن تشعر بالوقت مع المواقف والأحداث المبالغ فيها في أحيان كثيرة، لكن واقعية الشخصيات وكيف للون جلدهم أن يكون إما نعمة أم نقمة ومشاهدة ذلك ضمن مشاهد كوميدية وآكشن هو شيء جديد وملفت وغير تقليدي.

يحيى الطقش

يحيى الطقش

طالب لبناني يدرس الصحافة في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى