منوعات

وضع “الكهرباء” في 2021 لا يبشّر بالخير رغم تفاؤل وزارة الطاقة

غرق لبنان في عتمة شبه شاملة في تموز الماضي، بسبب أزمة الفيول التي وصلت إلى أصحاب المولدات أيضاً فاعتمدوا التقنين بدورهم، وبلغت فواتير الإشتراك في ذلك الوقت أرقاماً خيالية قاربت الـ 700 ألف ليرة للعشرة أمبير. في تشرين الأول وتشرين الثاني تحسّن وضع الكهرباء، فكان التقنين محدوداً في أغلب المناطق اللبنانية، والسبب بكل بساطة هو إطفاء المكيفات وعدم إشعال المدافىء، وبالتالي في هذه الفترة ينخفض الضغط على الشبكة، إلى جانب توفّر الفيول، ما يُتيح استقرار الإنتاج.
هذا الواقع الجيد الذي تعيشه الكهرباء حالياً لن يستمر لعدة أسباب، بحسب ما تكشف مصادر مطّلعة، مشيرة إلى أن السبب الأول، وهو السبب الذي يتكرر سنوياً ولا قدرة لأحد على تغييره حالياً، وهو دخولنا في فصل الشتاء، ما يعني زيادة حجم الإستهلاك من جهة، واحتمال تضرر شبكات النقل جرّاء العواصف من جهة ثانية وعدم القدرة على التصليح، أما السبب الثاني، فهو مستجدّ وقد يؤدي إلى إطفاء المعامل وبسط العتمة على كامل الأراضي اللبنانية، وهو يتعلق بـ”الفيول” إذ أن عقد شركة “سوناطراك” مع “الدولة” اللبنانية ينتهي نهاية العام الجاري، ووجود مخاطر بفقدان دعم مصرف لبنان لفيول الكهرباء، مشيرة إلى أن السبب الثالث الذي قد يؤدي إلى زيادة ساعات التقنين بشكل قاس فهو توقف عمل بواخر الطاقة جرّاء عدم حصولها على أموالها بالدولار، وعدم وصول الفيول لتشغيلها، وهذا ما يعني فقدان حوالي ربع الطاقة المنتجة، في لبنان.

“سوناطراك” لن تكون النهاية

منذ وقوع أزمة الفيول المغشوش مع شركة “سوناطراك”، والفوضى القضائية والإدارية التي رافقت الملف، أصبح للشركة “ورقة” قوة تستخدمها ضد الحكومة اللبنانية، وبالتالي أصبح مصير حصول اللبنانيين على الفيول منوطاً بقرار هذه الشركة التي قررت عدم نيتها تجديد عقدها مع الدولة اللبنانية، بشكل يوحي وكأن قرار التجديد أو عدمه بيدها هي، بحسب المصادر، مشيرة إلى أن صفحة “سوناطراك” ستُطوى مع كل الأسرار التي رافقت عملها طيلة 15 عاماً، والكلام تحوّل إلى كيفية البحث عن البديل.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “لم تُطرح المناقصة للتعاقد مع أي شركة أو دولة لشراء الفيول لكهرباء لبنان حتى اليوم، رغم قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 حزيران الماضي، والذي طلب إلى وزير الطاقة والمياه وخلال مهلة أقصاها شهر من تاريخه، استطلاع موقف الدول التي تريد التعامل مع الدولة اللبنانية لشراء المحروقات، فيول أويل وغاز أويل، وإطلاع مجلس الوزراء على النتيجة لاعتماد آلية المفاوضات المباشرة من دولة الى دولة ومن دون أي وسيط”.
ولكن كل هذا لا يعني أن “سوناطراك” ستكون النهاية، فهناك وسائل أخرى لتأمين الفيول بحسب مصادر وزارة الطاقة.

“الطاقة” متفائلة

تشير مصادر وزارة الطاقة إلى أن الفيول لن ينقطع من لبنان، فهناك عدة حلول لتأمينه، مع العلم أن الفيول لن ينقطع في اليوم التالي لانتهاء عقد شركة “سوناطراك” لأن للبنان كميات مستحقة له ولم يأخذها بعد ويحق له الحصول عليها، والوزارة ستكون قادرة أيضاً، بعد اقتراب الكميات من النفاذ، وبحال لم تُطرح المناقصة وتتم العقود الجديدة، على شراء النفط عبر آلية “سبوت كارغو” بأسوأ الظروف، وذلك سيكون ممكناً عبر قرار من مجلس الوزراء يكون مشابها للقرار الصادر في حزيران والقاضي بالسماح لمنشآت النفط وبمهلة اقصاها 31 آب 2020 بالاستعانة بآلية “سبوت كارغو” لتأمين الكميات اللازمة من المشتقات النفطية للسوق، مشدّدة على أن مسألة رفع “دعم مصرف لبنان للفيول المخصص للكهرباء” غير مطروحة حتى اليوم، وبالتالي لا يزال دولار الفيول على أساس سعر الصرف الرسمي.
إن آلية “سبوت كارغو” هي عملية تسليم واحدة وسريعة للمشتقات النفطية تلجأ إليها الحكومات لتلبية حاجة طارئة، فهذه الآلية لا تتطلب إجراء مناقصات عامة، بل فقط يتم الإعلان عن الحاجات ويُفتح الباب أمام الشركات لتعلن قدرتها على البيع بوقت سريع، وعادة تكون الكميات في البحر بانتظار المشتري، والسعر يُحدد وفق سعر السوق بوقت الطلب.

الخوف من “سعر الدولار”

يعمل موظفو مؤسسة كهرباء لبنان اليوم في “كونتينيرات” مخصصة لهذه الغاية قدّمها أحد رجال الأعمال المرتبطين بأعمال مع المؤسسة، ولا يزال المبنى على ما كان عليه بعد انفجار مرفأ بيروت والسبب ببساطة “غياب الأموال”، وهذا الأمر سينتقل إلى كل ما يتعلق بقطاع الكهرباء اذا استمر الوضع على ما هو عليه.
تشير مصادر مؤسسة الكهرباء إلى أن “مصير الكهرباء” اليوم يرتبط بمسألتين، الأولى هي قرار المصرف المركزي المتعلق بدعم “فيول الطاقة”، ففي حال قرر تخفيض الدعم أو إزالته فهذا يعني انقطاع الفيول، أما المسألة الثانية فتتعلّق بعمل شركات مقدمي الخدمات، التي أعلنت إحداها نيتها التوقف عن أعمال الصيانة والتصليح بدءاً من أول العام الجديد بسبب مسألة “الدولار”، وبالتالي لن يبقى من يصلّح الأعطال في فصل الشتاء. وهذا ما سنتطرق إليه في المقال منفصل.
وتضيف المصادر عبر أحوال: “حل المسألة الأولى لا يحلّ الثانية، وعدم حلّ الأولى سيجعل الثانية غير مهمّة، لأن انقطاع الفيول يعني أن لا كهرباء، وبالتالي لا أعطال”، مشددة على أن “المطلوب استمرار الدعم أولاً، وإطلاق مناقصة الفيول ثانياً، أو الإنتقال إلى الغاز، وإيجاد الحلول لمسألة شراء المعدات والتجهيزات”.

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى