منوعات

هل تُعلن الحرب من بكركي غداً؟

“البطريرك بدّو الحرية، والكرامة، ولبنان الكبير”، بهذه العبارة يبدأ أحد الفيديوهات العاملة على خطّ التعبئة الشعبية لتحرّك يوم غد في بكركي، يليها صوت “الحكيم” الذي يؤكد أننا “لا نخاف أحداً، ولا نقبل ابتزازاً، ولا نقبل تهديداً، وستبقى أجراس الكنائس تدقّ”. ومن ثمّ الرسالة الأبرز: “بكركي مش وحدها”، على وقع مشاهد “حربية”، تجعل المشاهد يظنّ أن الحرب الطائفية باتت على الأبواب، وأن هناك من يهدد المسيحيين، فهل هناك من يحاول جرّ بكركي إلى زواريب السياسة الداخلية؟

تحجيم دور بكركي؟

يحاول البطريرك الماروني جاهداً الإنفتاح على كل القوى المسيحية، فهو استقبل وفد كتلة “الجمهورية القوية”، ووفد كتلة “التيار الوطني الحر” واستمع منهما لرؤيتهما لحل الأزمة في لبنان، مع تمسكه بطرح انعقاد مؤتمر دولي لرعاية الحل في لبنان. يختلف التيار الوطني الحر مع الراعي في هذا الطرح، وتلتقي معه القوات اللبنانية، والتي تشير مصادر سياسية مطّلعة إلى أنها هي من حرّك الشارع المسيحي ودعاه للتجمع غداً في باحة الصرح البطريركي، لأن “القوات” تحاول الاستفادة من زخم طرح الراعي، ورد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عليه، لتحقيق المزيد من المكاسب في الشارع المسيحي مقابل “الوطني الحر”.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “أن الذكاء القوّاتي في اللعب على عواطف المسيحيين، في هذه المرحلة بالتحديد، قد يؤدي إلى تحجيم دور بكركي، وينقلها من كونها مرجعية وطنية إلى طرف سياسي في المعارك الدائرة في الشارع المسيحي”، مشيرة إلى أن “الوطني الحر” حاول استدراك الموقف وشرح موقفه للراعي، ولكن على ما يبدو أن أحداً لم ينبّه البطريرك من أن إلباس مبادرته “اللباس” الطائفي، والحزبي، يعني فشلها، لأنها ستبدو بمثابة تحدّ للقوى السياسية والطائفية الأخرى في لبنان.
وتلفت المصادر النظر إلى أن الدعوات التي رافقت التحرك، والمواد الإعلانية المصورة، كلّها أساءت لصورة بكركي، واستفادت منها “القوات اللبنانية”، وأظهرت للمتابعين وكأن “الحرب” ستُعلن من بكركي السبت.

“القوات” لا تقوم بانقلابات بل تصحّح الإنقلاب

في المقابل، يرفض رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبّور اعتبار ما يجري في بكركي انقلاباً، لأن بكركي لا تنفّذ انقلابات ولا تدخل في زواريب السياسة الداخلية، مشيراً إلى أن صرخة البطريرك الماروني ودعوته لمؤتمر دولي لرعاية الحل في لبنان جاءت بعد يأسه من المرجعيات المحلية.
ويضيف جبّور في حديث لـ”أحوال”: “اللقاءات والتواصل بين بكركي و”القوات اللبنانية” لم تتوقّف ولن تتوقّف، والزيارات لن تنقطع، ومنها المعلن ومنها غير المعلن، كذلك الأمر بالنسبة للتواصل بين رئيس حزب القوات سمير جعجع والبطريرك الراعي، ولكن رغم كل ذلك، ورغم زيارة الوفد النيابي للقوات إلى بكركي، لم توجّه القوّات دعوة رسمية لمحازبيها ومناصريها للمشاركة بالتحرك المنوي حصوله يوم غد السبت، ولكنها بالمقابل تترك الحرية للمحازبين والمناصرين بالمشاركة”.
تعتبر “القوات” بكركي مرجعية وطنية كبرى، وتأييد “القوات” لها تاريخيّ، والكل يعلم العلاقات الجوهرية والإستراتيجية التي تربط بكركي بمعراب، ولكن وبحسب جبّور، فإن ما تحاول القيام به “القوات” ليس انقلاباً، بل على العكس تماماً، تحاول تصحيح الإنقلاب لتؤكد على الثوابت والشرعية اللبنانية. ويقول جبور: “نحاول تثبيت مبدأ قيام الدولة في لبنان وسيادة الدولة وإدارة الدولة، وتصحيح الإنقلاب على اتفاق الطائف منذ 1990 حتى اليوم، وندعو، كما البطريرك، للعودة إلى الدستور ومنطق الدولة والقانون”.
بحسب “القوات اللبنانية” فإن طرح الراعي، حياد لبنان، يُعيدنا إلى زمن “سويسرا الشرق”، والبطريرك لم يطرق باب الخارج إلا نتيجة يأسه من المرجعية اللبنانية التي أوصلت لبنان للإنهيار، وهي عاجزة عن إخراجه منه، ويشير جبّور إلى أنه بات واضحاً غياب أي مرجعية محلية قادرة على تحقيق الإصلاحات وفرملة الإنهيار، لذلك نحن نلاقي البطريرك في طرحه، إلى جانب التمسك بطرحنا بضرورة إجراء الإنتخابات النيابية المبكرة، لأن الفريق الحاكم غير مسؤول وهو سبب ما وصلنا إليه.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى