المرتضى: ما يجري الترويج له في بلادنا يمثل سعيا منظما لضرب أسس مجتمعنا
إفتتح وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى، اليوم، فعاليات مؤتمر “تحديات الاسرة في لبنان” من تنظيم الملتقى اللبناني لصون الأسرة والقيم ومشاركة وزارة الثقافة خلال احتفال رسمي وشعبي في قصر الاونيسكو – بيروت، وبحضور اعضاء الملتقى مدير المركز الكاثوليكي للاعلام وممثل اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المنبثقة من مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان الأب عبدو أبو كسم، عضو المجلس الشرعي الإسلامي الاعلى وممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ أمير رعد، ممثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ الدكتور محمد حجازي، ممثل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز وعضو المجلس المذهبي للطائفة الشيخ سامي عبد الخالق وحشد من النواب والهيئات السياسية والشخصيات الروحية والاجتماعية والثقافية.
وأكد المرتضى ان “الأسرة ليست خاصية دينية فقط، تنتمي إلى هذا الدين أو ذاك، بل هي العلامة الفارقة الضامنة لاستمرار لبنان، ذلك أنها التعبير الأكمل عن التضامن والتعارف والوحدة من ضمن التنوع، والتلاقي من أجل البناء. وما انحلال هذه القيم في أي مجتمع إلا باب للسيطرة عليه وترويضه والاستيلاء على خيراته.”
وقال:”واللبنانيون الذين قاوموا على مر تاريخهم محنا كثيرة وتجاوزوها، لا سيما عندما واجهوها متحدين متعاونين، سوف يقاومون وينتصرون في ساحات حماية القيم والاسرة والمحبة العائلية، وكلنا نعلم أنه يقتضي علينا أن نخوض هذه المعركة بروحية المؤْمنِ أنه لا محيد عن الانتصار واضعين نصب العينين أن الهزيمة في هذه المعركة سوف تسقطنا اجتماعيا بل وسوف تتهدد بقاء الكيان اللبناني”.
وأضاف: “كلكم قامات واصحاب مقامات، أهلا وسهلا بكم في قصر الاونيسكو، تلتقون في هذا المؤتمر الوطني الجامع، بكل ما لهاتين الكلمتين من مدلول لكي تتداولوا في شأنٍ جلل هي مؤسسة الأسرة التي تمثل الركن الأساس في كل مجتمع سوي حصين، تلتقون لكي تتداولوا بشأنها وما يتهددها من مهالك وما يستهدفها من مؤامرات، ولا بد في المستهل من التأكيد على أن ما يرمي اليه مؤتمرنا إنما يصب في خدمة المصلحة العامة وحماية الانتظام العام، ولا أبالغ اذا ما قلت: بل وحماية الكيان ايضا. فإذا توغلنا في الناحية الاجتماعية من المسألة وجدنا أن الأسرة التي هي أقدم خلية اجتماعية عرفتها البشرية، ما زالت صامدة إلى اليوم، بل ما زالت الحاجة إليها ملحة لبقاء المجتمع سليما من الآفات والأمراض الهدامة.”
وأضاف:”ذلك أن أي أمة سادت الأرض أو بعضها في زمان ما على مر العصور، لم تسقط إلا بفعل انحلالها الاجتماعي، وتفشي الدعوات المتحللة من الخلقيات التي نشأت عليها، فيصير سقوطها انهيارا داخليا قبل أي عمل عدواني خارجي. ومن يتأمل ما يجري له الترويج في بلادنا من مقولات مخالفة لتراثنا الديني والأخلاقي والقانوني، تحت ستار التطور والحرية، يكتشف بسرعة أن المسألة تتعدى هذين الشعارين، وأنها خطة منظمة لضرب الأسس التي تقوم عليه إنسانيتنا. وقد قلت في مناسبات عديدة سابقة أن جميع أولئك الداعين إلى التطور والحرية في الخارج ويريدون تصدير دعواتهم الى مجتمعنا اللبناني، يتخلون عنهما ويزيحون القناع عن وجوههم الحقيقية إذا قلنا لهم مثلا إن الحرية حق لأبناء فلسطين، أو إن التطور التكنولوجي السلمي حق لجميع شعوب الأرض، عند ذاك لا يبقى لهاتين القيمتين مجال في خطابهم، ويصبح القمع والتهديد والعقوبات لسان حالهم الوحيد.”
وتابع المرتضى: “من هذه المنطلقات جميعها يصبح الملتقى والجهد المبذول في هذا المؤتمر حركة حماية لمستقبل هذا الوطن القيمي والإجتماعي لا سيما وأن الأسرة ليست خاصية دينية فقط، تنتمي إلى هذا الدين أو ذاك، بل هي العلامة الفارقة الضامنة لاستمرار لبنان، ذلك أنها التعبير الأكمل عن التضامن والتعارف والوحدة من ضمن التنوع، والتلاقي من أجل البناء. وما انحلال هذه القيم في أي مجتمع إلا باب للسيطرة عليه وترويضه والاستيلاء على خيراته. واللبنانيون الذين قاوموا على مر تاريخهم محنا كثيرة وتجاوزوها، لا سيما عندما واجهوها متحدين متعاونين، سوف يقاومون وينتصرون في ساحات حماية القيم والاسرة والمحبة العائلية، وكلنا نعلم أنه يقتضي علينا أن نخوض هذه المعركة بروحية المؤْمنِ أنه لا محيد عن الانتصار واضعين نصب العينين أن الهزيمة في هذه المعركة سوف تسقطنا اجتماعيا بل وسوف تتهدد بقاء الكيان اللبناني، فأزماتنا الاقتصادية والسياسية قد نفلح في تجاوزها والنجاة من تداعياتها وبخاصة اذا ما تغيرت الظروف الخارجية العاملة على تزخيمها ووجدت ادارة قادرة أمينة تعمل على اعادة التعافي الى اقتصادنا وتنتظم بمقارباتها السليمة ومنهجيتها القويمة حياتنا السياسية، أما اذا انهارت لا قدر الله منظومة الأسرة في لبنان، فأخشى ما أخشاه، أن لا تقوم لنا بعدها أي قائمة”.
واردف: “وأنا اسمح لنفسي أن أقترح على المشاركين في هذا المؤتمر أن يأخذوا بعين الإعتبار المسائل الآتية:
– أن هذا المؤتمر هو أولا وأخيرا وقبل كل شيء وفوق كل شيء دعوة للتضامن الوطني نؤكد فيه أن مجتمعنا اللبناني سيستمر قائما على اساس مؤسسة الأسرة: زواجا طبيعيا ومسؤولية زوجية ودورا والديا في مقابل تلك الدعوات ذات الأثر القتال المعتمدة في بعض الخارج التي تبدأ بتوهين قيمتي دوري الزوجية والوالدية، وتنتهي بالتنكر الكلي للمؤسسة الطبيعية للزواج. وهذا يستدعي مما يستدعي أن يتحقق بنتيجة هذا المؤتمر إظهار أهمية الأسرة وكيفية حفظها وضمان السكينة بين أفرادها.
– أن نأخذ جميعاً بعين الإعتبار التحدّيات التي تتهدّد بمؤسسة الأسرة، لا سيما مع ما دخل على مجتمعاتنا من تبدلات فكرية واقتصادية، وهذا ما يفرض البحث في منظومة القيم التي يجب أن تسود في مجتمعنا اللبناني لحماية مؤسسة الأسرة، وفي المناهج التربوية والثقافية التي تسهم في تربية جيلٍ صالحٍ مؤهّلٍ للنهوض بمشروع اسرة صالحة، وفي الإعلام وما يقتضي أن يلتزم به من ضوابط لضمان أجواءٍ داعمة للاستقرار والترابط الأسري يُستبعد معها على الأقل الأثر الهدّام لبعضه ، وفي التشريعات التي يجب اقرارها، وفي المؤسسات التي يجب انشاؤها لتقديم الدعم المادي والخدمات التوجيهية للمساعدة على قيام الأسرة واستمرارها على نحوٍ سليمٍ ومعافى، وفي طرائق فضّ الخلافات بين الزوجين بما يضمّن التوفيق أو يضمن في أسوأ الأحوال عدم إنعكاسها بصورة سلبية على الاولاد”.
وختم المرتضى:”أرجو أن نقارب الإشكاليات المرتبطة بالتحديات التي تواجه مؤسسة الأسرة بروح واعية رؤيوية، بروح مصرة على العمل على ايجاد الحلول والخلوص الى أجوبة نابعة من قيمنا الثقافية والإيمانية اللبنانية، بروح نابذة لأن نكون مجرد مستهلكين لأفكار مستجلبة من الخارج نأتي بها أو تسوق عندنا من خلال البعض لكي تفرض نفسها فرضا علينا أو نعمد نحن بأيدينا من حيث نعلم أو لا نعلم الى اسقاطها على واقعنا فيحل علينا بفعلها السقوط والخراب وسوء المآب. التحديات واحدة والمصير واحد، ما يفرض علينا جميعا أن نرتقي الى دقة وخطورة الوضع وأن نركن الى وحدة وطنية بكل ما للكلمة من معنى تثمر تعاونا وتضافر جهود لصون الوطن من خلال صون مؤسسة الاسرة فعسانا نوفق الى ذلك والسلام عليكم ورحمة الله وبركات”.
وقدم المؤتمر الاعلامي سامي كليب، وتم عرض فيديو تعريفي بالملتقى، تبعه كلمات متلفزة لرؤساء الطوائف.
وكلمة الملتقى تناوب عليها الاعضاء الممثلون في المؤتمر، أكدوا فيها “أهمية استنفار الطاقات العلمية والدينية لمواجهة التحديات التي تعصف ببلدنا والبحث في سبل المعالجات لشتى الآفات والجرائم المعنوية والمادية، والتأكيد على المؤسسات الوطنية والشراكة والتعاون بين ابناء المجتمع اللبناني”.
البيان الختامي
وخلص المجتمعون الى اصدار البيان الختامي وهذا نصه:
– التأكيد على مسؤولية وزارة التربية والمؤسسات التعليمية والتربوية ودورها الأساسي في تحصين أفراد الاسرة اللبنانية عبر مناهج تربوية ودورات إرشادية وحملات توعوية يشارك فيها اخصائيون وافراد الهيئة التعليمية والاهل والطلاب.
– دعوة الجمعيات الاهلية والمراكز الأسرية وجميع الجهات المعنية بالتربية والتعليم الى تضامن اوسع وتعاون اكبر لدعم برامج التوعية من اجل تحصين الاسرة اللبنانية.
– التأكيد على وزارة الداخلية والبلديات التشدد في ضبط الجمعيات والمجموعات التي باتت تهدد الاسرة اللبنانية بدعواتها غير الاخلاقية التي تتجاهل القوانين والقيم الدينية وتسعى الى اعادة صياغة المجتمع والانسان تحت مسميات جديدة كالجندرة وما يشابهها.
– القيام بما يلزم من قبل البرلمان اللبناني لتشريع وتعديل قوانين تحفظ منظومة الاسرة اللبنانية وتحميها من عبث المشاريع والبرامج التي لا تتلاءم مع قيمنا اللبنانية.
– التأكيد على وزارة الاعلام العمل على نشر التوعية وتطوير الوسائل التي تقي من خطر الانحرافات الاخلاقية والتعرف على مظاهرها والتعاون مع مختلف المؤسسات الاجتماعية لمواجهتها بطرق علمية وواقعية وعدم التشجيع على قبول مثل هذه السلوكيات.
– تطوير أنظمة الاحوال الشخصية لتتلاءم مع الواقع، وتطوير اداء المؤسسات المعنية بالامر تربويا وثقافيا وقضائيا واجتماعيا ونفسيا لأجل حماية الاسرة.