مجتمع

صاحب السيارة التي قُتل فيها مساجين بعبدا لـ” أحوال” : إلى من أشكو وعلى من أشتكي؟

لم يعلم المواطن اللبناني سليم أبو جودة أنّ صباح ذلك اليوم سيكون كارثياً بالنسبة إليه. استفاق صاحب سيارة الأجرة يوم السبت الماضي كالمعتاد ليتوجّه الى عمله.  فمنذ إعلان التعبئة العامة، لا يفوّت أي يوم عمل، خصوصاً أنه يعمل فقط في الأيام المسموح له بالقيادة وفق رقم سيارته المزدوج.

شاء القدر أن  يتواجد أبو جودة في منطقة بعبدا وبالقرب من  السجن حين وقعت حادثة الفرار الكبير. في المكان، مرّت العديد من السيارات، إلا أن المساجين الخمس وقع اختيارهم على سيارة “رينو “بيضاء اللون تعود لأبو جودة، ليلتقيهم ويوقفوه لأخذ سيارته بالقوة، قبل أن يلقوا حتفهم في سيارته التي تشكّل مصدر رزق لعائلته.

في حديث لـ” أحوال”، يتقبّل أبو جودة مصيره  بـ”ما شاء الله وقدّر”. يشعر بالامتنان كلّما تذكّر كيف دافع عن نفسه لمقاومة الهاربين، كي لا يُصاب بأي أذى، وأنّه بقي على قيد الحياة .  ” كانوا  سبعة وكنت وحدي”، يقول أثناء سرده الرواية، مؤكداً  على أنه ” لم يستوعب ما حصل معه  لحظة الهجوم عليه”، كما استبعد فكرة أنّ “الأشخاص الذين هجموا هم مساجين فارّون”، بحسب تعبيره.

منذ  وقوع الحادثة، يصعب على أبو جودة الخروج من المنزل، وهو يكاد لا يصدّق أنّه على قيد الحياة، ومحاطاً بعائلته المؤلفة من ثلاثة أولاد وزوجته.

طبعاً، يشعر بحسرة  كبيرة لخسارة مصدر رزقه. وعن الحادثة  يروي أبو جودة: “كنت أقود السيارة في مكان قريب من سجن بعبدا. فجأة تعرضت لهجوم من قبل مجموعة شبان عملوا على دفعي بالقوة من السيارة . كان كل همّي حينها ألا يسرقوا سيارتي، وبعد هروبهم فيها، توجّهت الى المخفر القريب من السجن وقدّمت إفادتي . وخلال تواجدي هناك علمت من الرقيب الأوّل أنه تم رصد السيارة وتوقيفها ، لكنّه لم يجرؤ على إخباري أنها ارتطمت بشجرة على الطريق السريع في منطقة “غاليري سمعان”، وقضى خمسة سجناء فارون داخلها.  تعاون الرقيب الأول وأرسلني بواسطة سيارة الشرطة إلى المكان، وهناك كانت الفاجعة…”.

وجد أبو جودة نفسه أمام مشهد دموي بوليسي. سيارته التي أنهى تقسيطها لخمس سنوات مؤخراً محطّمة وفي داخلها ضحايا. لا ذنب له في هذه الحادثة الذي أودت بحياة آخرين. يتساءل ” في هذه الحالة ، إلى من أشكو، وعلى من أشتكي”، ويؤكد شعوره بالحزن تجاه ما حصل مع الضحايا . أما عن نفسه فيقول ” الله يعوّض”.

منذ وقوع الحادثة انتشرت صور السيارة  المحطمة على مواقع التواصل الاجتماعي. انطلقت حملة دعم تطالب بتعويض لأبو جودة على خسارته . لكن حتى موعد كتابة هذه السطور لم يتحرّك أحد لتعويض الرجل خسارته، لم تتواصل أي من الجهات الرسمية أو غير الرسمية معه. كما أنّ  شركة التأمين التي تعاقد معها لن تعوّض عليه خسارة سيارته، فهي غير مسجَّلَة ضد جميع المخاطر، وهو ينتظر أن تنتهي فترة الإغلاق ليتقصّى عن الموضوع.

يؤمّن أبو جودة قوت عيشه من السيارة التي خسرها، إضافة الى ذلك هو يعمل  في محل لبيع قطع السيارات، كي  يستطيع إعالة أسرته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

حتى الساعة، يجهل مصيره، ومن سيعوّض عليه. ظروفه لا تسمح حتى بتصليح  السيارة. ورغم مأساته يقول ” الله يرحم اللي ماتوا، وأنا سأعيش على أمل أن أتلقّى اتصالاً يعوّض عليّ خسارتي”.

 

 

زينة برجاوي

صحافية لبنانية تعمل في مجال الصحافة المكتوبة وإعداد البرامج. تحمل الإجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية الأميركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى