فيما تخوض القوى والأحزاب السياسية رحلة البحث عن مرشحين لرئاسة الجمهورية في اطار التوافق لتسهيل انتخاب الرئيس في موعده الدستوري لإبعاد خطر الشغور في سدة الرئاسة الأولى، وحده حزب القوات اللبنانية يرفع سقف التحدي بطرح مشروع ومرشح المواجهة لحزب الله ولحلفائه، ويفتح معركة الرئاسة من باب الواسع بانتخاب رئيس يطرح مشروع مواجهة مع حزب الله لا سيما طرح مسألة السلاح على بساط البحث تمهيداً لاحتوائه ضمن اطار الدولة والجيش اللبناني كما يقول رئيسه سمير جعجع. كما لا يرى الأخير بتأليف حكومة جديدة مدخلاً للحل، ويصر على أن انتخاب الرئيس الأولوية، علماً أنه سبق ووعد جمهوره واللبنانيين بأن اجراء الانتخابات النيابية ستكون الحل وستفتح المجال لتغيير الواقع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، كما وعد بخفض سعر صرف الدولار إذ انتخب اللبنانيون مرشحو “القوات”.
فما أهداف القوات برفع سقف المواجهة طالما أنها لم تطرح مرشحين حتى الساعة ولا تملك أكثرية نيابية لفرض المرشح؟ وإن كانت تستطيع تعطيل نصاب انعقاد الجلسة مع كتل نيابية متحالفة معها كالكتائب وبعض قوى التغيير.
فيما تتهم جهات في التيار الوطني الحر، “القوات” بالهجوم على العهد لتشويه صورته قدر الإمكان في نهاية الولاية الرئاسية، تشير لـ”أحوال” الى أن القوات تريد أن تتحول الى الصانع الأساسي للرئيس المقبل وشريكة في النفوذ والمكاسب الوزارية في حكومة العهد الأولى. لذلك ترفض القوات تأليف حكومة قبل الرئاسة لأنها لن تشارك فيها وقد تحكم لفترة طويلة.
ويشير رئيس جهاز التواصل والإعلامي في حزب القوات شارل جبور لـ”أحوال” الى أن “حكومة تصريف الاعمال يحق لها تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية ولا شيئ بالدستور يمنع ذلك”، معتبراً أن انتخاب الرئيس هو الأولوية. موضحاً أن “تشكيل حكومة سيحصل كون حزب الله يريد منح العهد بالأسابيع الأخيرة لولاياته هدية، بعدما أعلن الرئيس ميشال عون أنه سيتجه الى خيارات دستورية اذا لم تشكل حكومة وتحذير النائب جبران باسيل بأنه سيقاطع حكومة تصريف الأعمال ما سيؤدي الى بلبلة دستورية قد يثيرها العهد”، ويضيف: “عون كان حليفا أساسياً للحزب خلال الست سنوات الماضية فأراد الحزب لعون أن يخرج مشرفاً من قصر بعبدا، كما أن الحزب يخشى من أي خطوة للعهد تأخذ البلد الى فوضى دستورية كسحب التكليف”.
ويرى جبور بأن “لا جدوى من تأليف حكومة في نهاية العهد، بل يجب التركيز على انتخاب رئيس جديد يعيد انتاج السلطة من جديد وتأليف حكومة جديدة وفي ضوء ذلك تقرر القوات الدخول بمرحلة جديدة، ولا يمكن للقوات أن تشارك في حكومة في نهاية العهد وأولويتنا انتخاب رئيس”.
ويلفت جبور الى أننا “سنرى شخصية الرئيس المقبلة وتطابق مشروعه مع العنوانين الأساسية التي طرحناها: السيادة والإصلاح، ونرى طبيعة المرحلة الجديدة ونقرر المشاركة في الحكومة المقبلة”. ويشدد على أن توازن القوى الموجود في المجلس يمنع على أي فريق فرض الرئيس.
وفي هذا السياق يكشف النائب غسان السكاف لـ”أحوال” أنه يحمل مبادرة رئاسية ويعمل على التواصل مع مختلف الكتل النيابية في محاولة للتوصل الى رؤية وقواسم مشتركة لمواصفات الرئيس المقبل تمهيداً لطرح عدة مرشحين تملك هذه المواصفات لانتخاب أحدها لدرء خطر الفراغ في سدة الرئاسة الأولى. لكن سكاف يلفت الى أن المساحة بين الكتل لاتزال بعيدة، وأن كل كتلة تتمسك بشروطها ومواصفاتها.
وعلم موقعنا في هذا الاطار أن بعض النواب التغييريين الذين زاروا رئيس القوات لم يتمكنوا من إقناعه بمرشح توافقي، ولم تتطابق مواصفاتهم مع المواصفات التي طرحها.
وتراهن القوات على ظروف إقليمية – دولية تفرض على رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الانضواء تحت جبهة تضمه والقوات والكتائب وقوى التغيير مع النواب السنة الذين يؤيدون السعودية لإنتاج أكثرية نيابية 65 صوتاً تفرض رئيس جمهورية من فريقها.
من جهته، يشدد جبور على أن “أي توافق على رئيس سيكون مع حزب الله وبالتالي سيتعطل دور هذا الرئيس”، ويؤكد بأن “القوات لا تعارض انتخاب رئيس غير مستفز لحزب الله، لكن أن لا يكون خاضعاً له، ويعمل على تنفيذ أجندة الدولة”.
ويعتبر جبور أن “السيادة تبدأ من حصر السلاح والقرار بيد الدولة، وهناك بيئة شعبية تعتبر أن أولويتها خارجية ليست داخلية، ومشكلة الانتماء موجودة منذ الستينات، ويجب الانتماء للبنان وأن تكون المرجعية الدولة والدستور”.
ويضيف: “أي رئيس جديد لن يتمكن من نزع سلاح حزب الله الذي يستخدمه لتحقيق مشروعه الديني والسياسي، لكن على أي رئيس أن يطلب ضبط الحدود والمعابر الغير شرعية مع سوريا ويمنع أي انتهاك للسيادة، ومنع الإساءة لأي دولة صديقة ويعيد علاقات لبنان الخارجية، ويفصل بين دور الدولة وحزب الله بالموقف السياسي. ودولة القضاء والمؤسسات والإدارات”.
محمد حمية
