جلسة الإثنين مفصلية ستحدّد مسار مفاوضات ترسيم الحدود
الوفد اللبناني يملك خرائط ووثائق ستفاجئ الإسرائيلي
تتجه الأنظار مجدداً إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة التي تشهد ثاني جلسات التفاوض على ترسيم الحدود البحرية بين الوفد العسكري اللبناني والوفد الإسرائيلي في الناقورة الإثنين المقبل، وسط ترقبٍ وحذرٍ شديدين يطغيان على الملف قبيل الجلسة المقبلة التي وصفتها مصادر رسمية لبنانية بالمفصلية لجهة الدخول في عمق الموضوع وتحديد وجهة المفاوضات والمرحلة المقبلة.
وطُرِحت شكوك عدّة حول النوايا الإسرائيلية الأميركية المبيتة وردّة الفعل الإسرائيلية على الثوابث والحقوق_ التي سيؤكد لبنان التمسك بها، سيُكشف عنها خلال مفاوضات الإثنين المقبل.
وفيما تردّدت معلومات عن تغييرات في الوفد اللبناني المفاوض، أكدت مصادر بعبدا لـ”أحوال” أنّه لا تعديلات في عداد الوفد، مشيرة إلى أنّ “رئيس الجمهورية مؤتمن على ملف التفاوض وصون حقوق لبنان النفطية ولن يفرّط بذلك”. فيما علم “أحوال” أنّ المشاورات قبيل انطلاق الجلسة الأولى أفضت إلى استبعاد المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير ومدير مكتب باسيل هادي الهاشم من الوفد.
التمسك بالنقطة بـ 1 شرط لاستكمال التفاوض
أشار الخبير العسكري وأستاذ القانون الدولي الدكتور أمين حطيط لـ”أحوال” إلى أنّ الجلسة المقبلة ستكون حاسمة وفاصلة على صعيد تحديد أي وجهة ستسلكها المفاوضات ومدى مصداقية وجدية الجانب الإسرائيلي في التوصّل إلى حل للنزاع. وبحسب حطيط، سيتم وضع جدول للانطلاق في العمل الجدي خلال الجلسة المقبلة التي ستكون تأسيسية. ولفت إلى أنّ الوفد اللبناني قد أتمّ الاستعدادات للجلسة من خرائط ووثائق والنقاط المرجعية القانونية التي سيطرحها على الطاولة، وينتظر ردة فعل الإسرائيلي والكشف عن نواياه سيّما قبوله بالعودة إلى اتفاقية الهدنة عام 1949 واتفاقية بولين نيو كامب الدولية.
ولفت العميد حطيط إلى الجانب التقني في الملف المتعلّق بإصرار الوفد اللبناني على الانطلاق من النقطة البرية بـ 1 في الناقورة كأساس لترسيم الحدود البحرية، وهذا شرط أساسي للبنان للاستمرار بالتفاوض.
وثائق ستفاجئ الوفد الإسرائيلي
ولفتت مصادر متابعة للملف لـ”أحوال” إلى أنّ “الجلسة الأولى كانت بروتوكولية، أمّا الجلسة المقبلة فستدخل في تفاصيل الملف من المنظار التقني والقانوني”، مشيرة إلى أنّ “الوفد اللبناني متماسك بغضّ النظر عن الوضع السياسي الذي يشهد تبايناً في المواقف بين رئاستي الجمهورية والحكومة من جهة، وبين رئاسة الجمهورية وثنائي أمل وحزب الله من جهة أخرى؛ بحيث سيعمل الوفد بعيداً عن التجاذبات السياسية ويركّز على الجانبين التقني والقانوني.
ولفتت المصادر إلى أنّ “الوفد اللبناني يعقد اجتماعات طويلة بشكلٍ دوري استعداداً للجلسة ويمتلك معطيات وخرائط ووثائق ستفاجئ الإسرائيلي وتجبره على الإقرار بحقوق لبنان”.
وإذ توقعت المصادر أن تمتد فترة المفاوضات إلى وقتٍ طويل، أوضحت أنّ الإسرائيليين سيحاولون فرض شروطهم ومنطقهم لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، ويتوقعون من لبنان أن يقدم تنازلات في الشق التقني، لكن المصادر أكّدت بأنّ لبنان لن يتنازل وسيتمسك بحقوقه ما سيدفع الإسرائيلي إلى المماطلة وممارسة الضغوط وبالتالي تأجيل الإتفاق.
وعن اتصال بومبيو برئيس الجمهورية الذي أعقب زيارة معاونه ديفيد شينكر إلى بيروت، لفتت المصادر إلى أنّ الأميركيين يريدون إنجازاً سريعاً يكون لمصلحة إسرائيل مراهنين على الضغوط الأميركية والعقوبات والأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية الصعبة في لبنان، لكن الدولة اللبنانية ستتمسك بحقوقها وهذا ما ظهر في بيان الرئيس ميشال عون بقوله “إنّنا نتمسك بالتفاوض التقني لحفظ مصالحنا في المياه الإقليمية”. وكشفت المصادر أنّ الخرائط التي بحوزة الوفد اللبناني تظهر حق لبنان بمساحة 2200 كيلومتراً مربعاً وليس 860 فقط، مشيرة إلى احتمال وجود حقول غاز مشتركة بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
تلازم الإستثمار
بالمقابل، ظهرت مخاوف مؤخراً وحذّر منها الخبراء وهي الأهداف الإسرائيلية المبيتة والتي تكمن في أن يتم توقيع اتفاق الترسيم وتبدأ إسرائيل فوراً بالتنقيب في آبار النفط والغاز المشتركة بين الجانبين بظلّ توفر الإمكانية التقنية والبحثية لذلك، فيما يحتاج لبنان إلى أربع سنوات ما يسمح لإسرائيل بسرقة وقرصنة حصة لبنان الكامنة في المياه الجوفية في ظل صعوبة تقنية للكشف عن ذلك، وهنا يستوجب على لبنان التحسب لهذه الثغرة التي يمكن حلّها بتضمين الاتقاق بنداً يفرض على الطرفين تزامن التنقيب وتلزيم شركة مشتركة للتنقيب واقتسام الحصص وفقاً لقانون البحار من دون أن يضطر لبنان إلى الاشتراك مع إسرائيل بأي عقد استثمار أو ما شاكل.
وأوضح حطيط هذه النقطة لافتاً أنّه على لبنان ألاّ يربط التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية مع ملف الترسيم، فيمكنه الابتعاد عن منطقة النزاع في محور البلوكات 8 و9 و10 التي تبلغ مساحتها 860 كلم مربع والبدء بالتنقيب، متسائلاً لماذا تلزيم التنقيب لشركات غربية تراعي المصلحة الإسرائيلية؟ فيما لو سُلّمت شركة روسية مثلاً لكنا بدأنا باستثمار ثروتنا منذ عام وأكثر. وتساءل حطيط لماذا حفرت شركة توتال 160 متراً في البلوك رقم 4 قبالة جونية وتوقفت؟ مشيراً إلى أنّ الهدف كان الضغط على الدولة اللبنانية لإجبارها على استثمار بلوكاتها الجنوبية وبالتالي الذهاب للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي.
محمد حمية