خطاب نصرالله فرض معادلات جديدة.. أسابيع حاسمة في ملف الترسيم والغاز!
حطيط لـ"أحوال": المقاومة استعدت للحرب وحضّرت المفاجآت الميدانية
لم يكن توقيت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، محضُ صدفة، بل تعمد نصرالله توجيه رسائله النارية والنفطية لبايدن عن قرب ولكي يفرض على جدول أعماله بند ترسيم الحدود البحرية وحقوق لبنان في ثروته الغازية.
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور أمين حطيط في حديث لـ”أحوال” أن “خطاب السيد نصرالله هو أخطر خطاب في تاريخ المقاومة، كونه أرسى مفاهيم ومصطلحات ومعادلات جديدة أبعد من ملف ترسيم الحدود، وتطال تعديل قواعد الاشتباك في البر والبحر والجو وبالتالي تحدث تحولاً في التوازن العسكري والاستراتيجي على مستويي الجبهة الجنوبية والساحة الاقليمية وربما الدولية. ويضيف: كانت معادلة المقاومة أن الحزب لا يريد الحرب لكنه لا يخشاها، الآن أصبحت المعادلة الحرب باتت الخيار الوحيد أمام الحزب ولبنان وقد يبدأ بها إن أصر الأميركيون على حصار لبنان وخنقه حتى الموت وإن مضى العدو الاسرائيليي بالضرب بعرض الحائط كل الخطوط الحمر والحقوق النفطية والسيادية اللبنانية باتجاه استخراج الغاز بشكل منفرد.
ويكشف حطيط عن مخطط أميركي – اسرائليي – خليجي لتدمير لبنان وفق خطة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو الذي زار المنطقة ولبنان في حزيران الـ 2019 وكانت أحداث 17 تشرين أولى الترجمات العملية للمشروع، ومنذذالك الحين، بدأ مسلسل الانهيارات والتدمير الممنهج للدولة والمؤسسات والاقتصاد والمجتمع وتعميم الفراغ السياسي في المؤسسات، تمهيداً لنشر الجوع والفقر والهجرة والفوضى الكاملة للوصول الى الانفجار الأمني في الشارع والحرب الاجتماعية وتنتهي الخطة بعدوان عسكري كبير على لبنان للقضاء على المقاومة ليتاح لإسرائيل استخراج الغاز وسرقة ثرواتنا بكل حرية وأريحية.
ويشير حطيط الى أن لبنان بات قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حالة الارتطام الكبير من دون مظلة هبوط آمن وبالتالي الانفجار الأمني في الشارع ويزيد الخطر مع وجود مليون ونصف نازح سوري في لبنان. مؤكداً أن “حزب الله لن يسمح بالوصول الى نقطة التدمير وسيقطع الطريق على استمرار تنفيذ المخطط، وسيختار الحرب العسكرية على الجوع والدمار. ويلفت الى أن “وضع السيد نصرالله الحرب العسكرية كخيار أخير إذا سدت أبواب الحلول، يعني أن المقاومة في أهبة الاستعداد الميداني للبدء بحرب طويلة فور تلقيها الاشارة الاولى لاعلان الحرب من قيادة المقاومة.
ويرى العميد حطيط أن تهديدات السيد نصرالله بمثابة إعلان حرب وتشبه خطاباته ورسائله التي كان يطلقها في عدوان تموز 2006.. لذلك دخل ملف ترسيم الحدود المرحلة الحرجة والحاسمة وأمامنا ستة أسابع فقط ليظهر الاتجاه الذي سيسلكه الملف: إما سلماً بتسليم الأميركيين والاسرائيليين بأن لا خيار أمامهم سوى العودة الى طاولة المفاوضات مع لبنان والرضوخ لمطالبه لكي يتمكنوا من استخراج الغاز من كاريش، وإما الحسم سلباً من خلال حرب سيبدؤها الحزب بخطوات متدرجة تصاعدية لشلّ عمل منصة كاريش وتعطيل استخراج الغاز. ويتوقع حطيط تحركاً عسكرياً للمقاومة خلال أسبوع كرسالة ثانية للأميركيين والاسرائيليين تؤكد الرسالة الاولى (المسيّرات الثلاث)، على أن المقاومة لن تسمح للاسرائيلي باستخراج الغاز قبل تحقق الأمور التالية:
*ترسيم الحدود البحرية عبر المفاوضات غير المباشرة وبوساطة أميركية وأممية.
*منح لبنان كامل حقوقه التي تقررها الدولة.
*السماح لشركات التنقيب الثلاث “آيني” الايطالية و”توتال” الفرنسية و”نوفاتيك” الروسية، باستئناف أعمال التنقيب في البلوكات غير المتنازع عليها وتلك التي ستمنح للبنان بعد إنجاز الترسيم.
*استخراج الغاز وتصديره ومساعدة لبنان على تأمين أسواق لبيعه واستثمار عائداته في إنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار.
ويشير مطلعون على ملف الترسيم لـ”أحوال” إلى أن “خطاب نصرالله سيعجل بالحل لأزمة الترسيم من خلال عودة سريعة للوسيط الأميركي الى لبنان لاستئناف التفاوض”، مع ترجيح الاتفاق على منح لبنان الخط 23 مع حقل قانا كاملاً مقابل كاريش لـ”اسرائيل”، إلا إذا اصر الأميركيون والاسرائيليون على موققفهم، فهذا يعني أن الخيار الأخير ستكون الحرب.
ويكشف حطيط أن العملية المقبلة للمقاومة ستكون إرسال مسيّرات حربية قد تحمل عبوات أو قنابل أو صورايخ صغيرة الحجم يجري اطلاقها بالقرب من الباخرة اليونانية التي تعمل في حقل كاريش، ما سيدفع الشركة الى المغادرة حرصاً على سلامتها، بعدما تحول المقاومة منطقة العمل النفطي والمساحة البحرية المتنازع عليها، الى منطقة عمليات غير آمنة، وقد تتحول الى نقطة اشتباك عسكري في أي لحظة، وهذه الرسالة التي أراد ايصالها حزب الله من إطلاق المسيّرات الأسبوع الماضي، وقد أعلن السيد نصرالله في كلمته أمس بأن الحزب سيقوم بما يراه مناسباً لوقف أعمال استخراج الغاز.
ويضيف الخبير العسكري أن نصرالله سلط الضوء على مفاجآت عسكرية جديدة قد يكشف عنها في الحرب المقبلة التي ستكون حاسمة، وهذه المفاجآت ستغير مسار الحرب وتفرض معادلات جديدة عسكرية وسياسية وتفاوضية مع العدو. وقد تكون امتلاك المقاومة قدرات وامكانات عسكرية نوعية في البر والبحر والجو.