بلدية بيروت تسجن موظف لأنه تذمّر!
في خطوة لا تمت للإنسانية بصلة، قرّر قائد فوج إطفاء بيروت معاقبة الاطفائي خليل فرشوخ بالحبس لمدّة 10 أيام تنفذ بتاريخ 29/1/2022، والسبب عدم تقيد العنصر بتعليمات القيادة والتحدث إلى وسائل الاعلام دون إذن مسبق من السلطة الآمرة.
لا يمكن القول إن فرشوخ لم يخطئ، بلى أخطأ، وكان يتوجب عليه طلب إذن من قيادة فوج الاطفاء كي تسمح له الحديث مع وسائل الإعلام حول مواضيع تتعلق بأحوال الفوج وعناصره، لكن من المستنكر أن يتم معاقبة فرشوخ بهذه الطريقة رغم مصائبه التي لا يمكن لبشر أن يتحملها.
سرد فرشوخ في حديث لأحد وسائل الإعلام ما تعانيه ابنته الصغيرة وعدم قدرته على معالجتها نظرًا لارتفاع أسعار الاستشفاء وسوء الخدمات الطبية في بلدية بيروت، كما كشف عن إصابة تعرّض لها في رئتيه خلال قيامه بمهمة إنقاذ لإحدى السيدات.
بدل أن يقوم العجوز بمعالجة الأسباب التي تدفع عناصر فوج الاطفاء لتقديم استقالتهم والبحث عن فرص عمل خارج سوار بلدية بيروت، وتأمين حاجاتهم دون اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي طلبًا لخدمات من المفترض أن تقدمها لهم البلدية كونه المؤسسة المسؤولة عنهم وعائلاتهم، قرّر قائد الفوج تنفيذ حكم “الحبس” بحق فرشوخ ليكون عبرة لكلّ من يريد تسليط الضوء على تردّي أوضاع موظفي البلدية خوفًا من العقاب اللئيم.
كان الأجدى بالعجوز ومن خلفه محافظ بيروت مروان عبود احتضان هؤلاء العناصر الذين يقدمون حياتهم في سبيل إنقاذ المواطنين على طول البلاد وعرضها، وكما على العناصر تفهم حجج البلدية الوهمية التي تمنعها من تحسين أحوال العناصر، كان على المحافظ والعجوز تفهّم أوجاع ومصائب العناصر التي تدفعهم للبحث عن طوق نجاة على وسائل الإعلام والتواصل.
من الضروري أن يقوم المجلس البلدي باتّخاذ قرارات جدية لتحسين أوضاع عناصر فوجي الإطفاء والحرس، بدل الاكتفاء بإقرار سلف مالية بمليارات الدولارات للإدارة تصرف هنا وهناك بطريقة عشوائية دون أن تنعكس إيجابًا على وضع العاصمة وأهلها وسكانها.
إنّ سياسة كم الأفواه لم ولن تجدي نفعاً، ولن تساعد إدارة البلدية على إخفاء فشلها وعجزها من القيام بواجباتها تجاه العاصمة وأهلها، وهنا لا بدّ من استذكار عناصر فوج الإطفاء العشرة الذين سقطوا على باب العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، دون أن نعلم حتى اللّحظة من طلب منهم تنفيذ المهمة المشؤومة دون إخبارهم بوجود تيارات الأمونيوم في العنبر، وحبذا لو يقوم المحافظ بالكشف عن التحقيق السري الذي يجريه منذ الرابع من آب، بدل التلهي بمعاقبة من يعبر عن أوجاعه ومصائبه.
محمد مدني