حزب الله يفضل استمرار الحريري وإلا فهذا خياره
لم يعلن الرئيس سعد الحريري بعد عن قراره النهائي في ما خص مستقبله السياسي الغامض، الأمر الذي يفتح الباب على تكهنات متضاربة في هذا الشأن.
البعض يتوقع أن ينسحب الرجل من الحياة السياسية حتى إشعار آخر واستطرادًا أن يمتنع عن الترشح إلى الانتخابات النيابية التي لا يستطيع تحمل كلفتها المالية في ظل ما آل إليه وضعه المادي، والأهم أنّه لا يقدر على خوضها وسط “الحَجر” السعودي المستمر عليه والذي ألزمه بإقامة مقيّدة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن البعض الآخر يرجح أنّ الحريري يناور لأسباب تكتيكية عبر الترويج لاحتمال اعتزاله الشأن العام، وهو ينتظر التوقيت المناسب للعودة إلى الساحة وخوض الانتخابات سواء مباشرة أو غير مباشرة، تبعًا لما تقتضيه مصلحته وقدرته.
أين يقف حزب الله من المصير الغامض الذي يحيط بالحريري؟
يؤكد العارفون أنّ الحزب يفضل أن يستمر رئيس تيار المستقبل في العمل السياسي وأن يترشح إلى الانتخابات، فهذا هو الخيار الأنسب والأسلم على كل الصعد، “أمّا إذا أصرّ على الانسحاب فماذا نفعل؟ علينا عندها أن نتعاطى مع الأمر الواقع كما هو وليس كما نفضله”.
ويلفت المواكبون لتجربة الحزب إلى أنّه سبق له أن تمسك بالحريري في مناسبات عدّة، إذ حاول أن يقنعه بعدم الاستقالة بعد حراك 17 تشرين الأول 2019، ثم أيّد عودته إلى رئاسة الحكومة ودعم ضمنا تكليفه مرّة أخرى وظلّ يدافع عن خيار تسميته إلى أن قرّر هو الاعتذار في نهاية المطاف، علمًا أنّ موقف الحزب آنذاك أزعج التيار الوطني الحر الذي كان يستعجل التخلص من رئيس “المستقبل” واستبداله بشخصية أخرى في رئاسة الحكومة.
وعند احتجاز الحريري في السعودية، سعى الحزب بكلّ ثقله إلى تحريره انطلاقا من المخاطر الكبيرة المترتبة على هذا الاحتجاز، وهو شكّل إلى جانب الرئيس ميشال عون قوّة ضغط كبيرة لاستعادته. وحين زار أحد مسؤولي الحزب النائب بهية الحريري لاحقًا قالت له جملتها الشهيرة: “لولا حزب الله لكان بيت الحريري قد أُقفل”.
ويعتبر الحزب، وفق المطلعين، أنّه يجب الإقرار بأنّ الحربري، وعلى رغم الخلاف معه، “لا يزال الأكثر اعتدالًا والأكثر تمثيلا في طائفته وليست لديه نعرة أو نزعة مذهبية حادّة كما هو وضع قيادات أخرى في الطائفة وبالتالي يمكن التوصل معه إلى تفاهمات وتسويات، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى السني الشيعي، وغيابه عن الساحة سيكون مضرًا للشيعة على الصعيد الاستراتيجي كما هو مضرّ للسنّة لأنّ هناك حاجة دائمة إلى محاور سني واقعي وبراغماتي”.
بناء على هذه الاعتبارات، يفضّل الحزب أن يستمر الحريري في العمل السياسي، ولو أنّ هناك خصومة بينهما. كلّ ما يريده الحزب من الحريري هو ألّا يكون خنجرًا في خاصرته، أي جزءًا من أدوات المواجهة التي تخوضها المملكة ضده، “وكلّ ما عدا ذلك يمكن تقبله”، علمًا أنّ خلافاتهما غالبًا ما كان يجري تنظيمها تحت سقف معادلة ربط النزاع.
لكن إذا قرّر الحريري أن يحسم خياره في اتجاه الاعتكاف السياسي والامتناع عن الترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة فإنّ الحزب سيتعامل مع الواقع المستجد بالطريقة التي يجدها مناسبة.
وتفيد المعلومات أنّ الحزب سيسعى عندها إلى تحويل التهديد فرصة استنادًا إلى قاعدة أنّ الطبيعة لا تقبل الفراغ، وبالتالي لا بدّ من ملء الشغور الذي سيتركه انكفاء الحريري، اذا حصل، عبر التمدّد بشكل أوسع في البيئة السنية ودعم بدائل معيّنة وتوثيق العلاقات مع الشخصيات الحليفة أو حتى تلك التي تقف في الوسط داخل الطائفة السنيّة.
عماد مرمل