“اذا لم تُشكل الحكومة، نحن رايحين على جهنم”. بهذه العبارة ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون على سؤال عن مصير لبنان بحال عدم تشكيل الحكومة، ولعل هذه العبارة هي ترجمة فعلية ودقيقة لما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة، حيث أن سقوط المبادرة الفرنسية يعني دخول لبنان في مرحلة من الفوضى السياسية والاقتصادية، مع اقتراب انتهاء اموال المصرف المركزي المخصصة للدعم.
عون والمبادرة الحكومية
اقترح الرّئيس عون مبادرة حكومية تنصّ على عدم حصريّة الوزارات السيادية بالطوائف الكبرى، ومنحها للطوائف الصغرى بحسب الكفاءة، وأعاد التّشديد على عدم اعترافه بأي عرف ينصّ على حصول طائفة على حقيبة، مشيرا الى أنّ السلطة الإجرائيّة منوطة بالحكومة ككل، وهذه المبادرة بحسب مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر جاءت بعد انسداد الافق، واقتراب الرئيس المكلف مصطفى أديب من رمي المنديل الابيض والإعتذار.
تشير المصادر عبر “أحوال” الى أنّ كلام رئيس الجمهورية اليوم هو الأوضح منذ فترة، فالوضع في لبنان سيء جداً، وغياب الحلول يعني سقوطنا من على حافة الإنهيار التي نسير عليها، مشددة على أن هذه المرحلة تتطلب تنازل الجميع لأجل مصلحة لبنان.
ترى المصادر في الوطني الحر أن الوقت اليوم ليس لرسم أعراف جديدة، ولا لبناء أسس لنظام لبناني جديد، وعليه فلتشكّل الحكومة لتنهض بلبنان من أزمته، ولندخل في حوار جدي يقوده رئيس الجمهورية لأجل تطوير النظام الحالي والبحث جدياً في سبل الدخول الى الدولة المدنية الشاملة، حيث لا تعود حقوق الطوائف أولوية، بل حقوق المواطن، مشددة على أنّ هذا الحوار لا يمكن أن يقوم اليوم قبل تشكيل حكومة وإنقاذ البلد.
تعتبر المصادر أن تشدد أي فريق بالحصول على مكتسبات حكومية، سيعني تشدد البقية بنفس الأمر، وهذا يؤدي الى اصطدامنا بالحائط جميعنا، داعية الى تلقّف مبادرة الرئيس عون قبل فوات الأوان، خصوصا أنّ المهل أمامنا ليست مفتوحة، بل هي ضاغطة للغاية.
ضرب الأعراف يبدأ من أعلى الى أسفل
بالمقابل ترى مصادر سياسية في الفريق الشيعي أنّ ضرب الأعراف يجب أن ينطلي على الجميع، ويبدأ من أعلى الى أسفل، لا على فئة واحدة، وبالتالي نحن مع إنهاء الأعراف في كل الوظائف العامة بالفئة الأولى، وعندها لا يعود لأي طائفة ان تطالب بأي حق، مشيرة الى أن طرح الرئيس عون إلغاء “الطائفية” يكون بالتغيير في كل النصوص والأعراف، ولا يكون بمبادرة على مستوى الحكومة وحسب، لأنه عندها سيكون موجّها ضد فئة بعينها، مؤكدة في الوقت نفسه أن الفريق الشيعي لم يكن يوما ولن يكون رافضا لأي حوار يمكن ان ينتج الحلول، ولكن على قاعدة المشاركة الكاملة بصنع القرار.
تشير المصادر الى أن إبقاء القديم على قدمه فيما خص الأعراف الحكومية هو الحل اليوم، فمن غير المقبول تهميش الكتل النيابية التي نتجت عن انتخابات نيابية، ولا يجوز تهميش فئة وطائفة لأجل أهداف خارجية، بانتظار الحوارات التي يمكن أن تحصل بعدها لاجل إطلاق التغيير، مشددة في الوقت نفسه على أن المسار في المنطقة حاليا لا يوحي بأن الأطراف الخارجية المتدخلة في الشأن اللبناني تريد الحل، بل على العكس تزداد الازمات، مع استعادة نغمة العقوبات الاميركية في لبنان وإيران، والتباين الواضح بوجهات النظر بين الفرنسيين والاميركيين فيما يخص العقوبات على إيران مؤخرا، وفيما يخص الملف اللبناني، حيث بات ثابتا أن الاهداف الاميركية لم تتلاق مع الاهداف الفرنسية.
أما فيما يتعلق بما يُقال عن اقتراح فرنسي بأن يحصل الفريق الشيعي على وزارة المال مقابل إعلانه بأن هذا الأمر لا يتعلق بالميثاقية، بل بالتقسيم السياسي، فتجدر الإشارة الى ان “احوال” كان أول من كشف عن هذا الأمر من خلال الحديث عن الاتفاق بين الفرنسيين والفريق الشيعي حول هذا الإقتراح في ليلة لقاء السفير الفرنسي بحزب الله، وتشير المصادر في هذا السياق الى أن الحل سقط يوم قرر سعد الحريري تسمية الوزير الشيعي، وبالتالي ما يجري اليوم هو محاولة إعادة تعويم اتفاق سابق، ولكن لم يصل أي حل الى خاتمة سعيدة بعد.
في الساعات الماضية ارتفعت حدة الخطاب الطائفي، ما يوحي بأن الامور تتجه نحو التشدّد أكثر في مقاربة الملف الحكومي، ما يضع مصير البلاد على المحك طيلة الفترة المقبلة.
محمد علوش