“الفساد اللبناني” يتسلل الى مشاريع البنك الدولي شمالاً
بالرغم من الأوضاع المعيشية والإجتماعية الصعبة والظروف الإقتصادية الضاغطة، باشرت فرق الأشغال التابعة لمتعهدين منذ بضعة أشهر، تنفيذ إعادة تأهيل الأوتوستراد بين طرابلس وزغرتا والطرق العامة المؤدية إلى بعض القرى في محافظة الشمال، لجهة تركيب أقنية جاهزة من الباطون على الجانبين، وإقامة جدران دعم قرب الأماكن المرتفعة، وتنفيذ حواجز من الباطون المسلح قرب المنحدرات والمنعطفات الحادة، وفلش الطرق بالاسفلت بطبقة أو طبقتين وفق وضع تلك الطرق. ولكن على هامش التنفيذ سُجلت بعض الأخطاء التي لا يمكن غض الطرف عنها:
ماجد فارس، أحد أصحاب المحلات التجارية على طريق عام يشهد إعادة تأهيل، لفت إلى بعض الأخطاء في التنفيذ ومنها مثلاً أن “هناك جوانب من الطرق قد تم رصفها بشكل كامل بالأقنية، بينما تم غض النظر عن مواقع أخرى، وباستنسابية غير مبررة إطلاقاً، كذلك الأمر ينطبق على مفارق الطرق حيث جرى تمرير الأقنية بدون أية محاذير، في حين تم تجاوز ذلك في مواقع أخرى، وبدون أية قاعدة ثابتة”.
ويضيف فارس “هذا الأمر يذكرنا بمستوى المشاريع التي كانت تمولها وتنفذها الدولة اللبنانية، حيث للمحسوبيات وللوساطات تأثير واسع على كيفية التنفيذ وكأنه ليس هناك من مراقبي تنفيذ بعد إنتهاء الأشغال، أو أن هناك أسباب أخرى دفعتهم إلى غض الطرف عما يحصل كنوع من “شوفة الخاطر” التي تُترجم عادة بدفع رشوة ما، لهذا المسؤول أو ذاك وهو ما بات قاعدة في الإدارات والمؤسسات اللبنانية”.
يوسف عبود، مسؤول البيئة في إحدى الجمعيات المدنية، لاحظ “تفاوتاً في كيفية تنفيذ بعض الأشغال لجهة تلبيس بعض الجدران بالحجر المصقول، بينما تم تجاهل الأمر بالنسبة للجدران الأخرى” ويضرب أمثلة على ذلك، أنه قد “جرى تعبيد الطرق بالأسفلت بعد تنفيذ أقنية الباطون بشكل مقوّس، فيما حصل العكس في أماكن أخرى حيث يظهر سوء التنفيذ بشكل لافت، مع إمكانية تعرض تلك الأشغال للتلف عند تعرضها لأي ضغط ولو بسيط، فيما المخطط لها أن تحافظ على نوعية جيدة لعشرات السنوات على الأقل.
أحد متعهدي التنفيذ (الذي تحفظ عن ذكر إسمه لإسباب خاصة) أشار إلى أن “هذا المشروع الذي يموله البنك الدولي قد تم تلزيمه منذ سنتين. ولكن ظروف عدة ساهمت بتأخير التنفيذ حتى هذا العام. ومنها وباء الكورونا (COVID 19) والتحركات الشعبية التي بدأت في خريف العام 2019، والانهيار الحاد في أسعار العملة اللبنانية. وهذا ما أدى في بعض الأحيان إلى ظهور أخطاء في التنفيذ أو تقاعس عن استكمال بعض الأشغال”.
ويوضح المتعهد أنه “مما لا شك به أن هناك ثغرات واضحة في التنفيذ في بعض الأماكن، وذلك ناتج بسبب تدخلات (خارجة عن إرادتنا) بتقليص مجموع الأمتار من مسافات الأقنية في منطقة محددة ونقلها إلى منطقة أخرى، أو أمور تتعلق بتحجيم كميات الباطون من مكان ما لصالح مكانٍ آخر”.
وبانتظار أن يتم إقتلاع الفساد من الدولة وتركيبتها، ويتوجه الناس نحو بناء وطن يلتزمون بأدبياته، ستبقى الكثير من الأمور عرضة للتشكيك مع توجه عام بالذهاب إلى تقديم المنفعة الشخصية على أية مصلحة عامة.