3 نقاط تمحورت حولها زيارة وزير الخارجية الإيرانية
آتياً من العاصمة الروسية موسكو، حطّت طائرة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في مطار بيروت، من حيث استهلّ زيارته إلى لبنان والتي جال فيها على عددٍ من المسؤولين. زيارةٌ حظيت باهتمامٍ لافتٍ، ولا سيما أنّها تأتي بعد تشكيل حكومة ميقاتي في لبنان وتولّي الوزير الإيراني منصبه في حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي ووصول البواخر التي تنقل المشتقات النفطية الإيرانية إلى لبنان.
عروض اقتصادية إيرانية
لم يتوانَ أمير عبد اللهيان عن عرض استعداد إيران لمساعدة لبنان رابطاً ذلك بطلب الجمهورية اللبنانية. وفي ظل أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان، أكّد أن “الشركات الإيرانية مستعدةٌ لبناء معملين للطاقة الكهربائية للبنان، في 18 شهراً فقط”. وعن إعادة إعمار المرفأ، لفت إلى أن الشركات الإيرانية “مستعدةٌ أيضاً للمساهمة، من خلال خبراتها، في إعادة بناء مرفأ بيروت، إن طلب لبنان ذلك.”
وقد أشارت مصادر إعلامية التقت أمير عبد اللهيان قبل مغادرته لبنان إلى أنّه تطرق إلى قدرة إيران على إنشاء مترو أنفاق في بيروت ولا سيما أن الإيرانيين استطاعوا بالإعتماد على خبراتهم أن يبنوا مترو أنفاق طهران خلال عشر سنوات تقريباً. ولفت الوزير الإيراني إلى أنّ القانون الدولي لا يسمح بعرقلة الولايات المتحدة لأي مساعدات أو علاقات إقتصادية بين لبنان وإيران، مستشهداً بعلاقات طهران الإقتصادية مع أفغانستان والعراق في قطاع الطاقة، فمثلاً طهران أنهت المرحلة الأولى من عملية بناء محطة كهرباء في البصرة.
وتنقل المصادر عن وزير الخارجية الإيراني أن أحد المسؤولين اللبنانيين طلب منه أن يتحدث الجانب الإيراني مع الجانب الأميركي من أجل الحصول على إذن لإحضار المازوت والبنزين إلى لبنان، ولكنّ أمير عبد اللهيان أكّد أن إيران لا تتحّدث بالنّيابة عن أيّ بلدٍ وأن حضور البلد المعني بأي مفاوضاتٍ تطاله هو أمرٌ ضروريٌ لا تتجاوزه إيران.
في أكثر من محطّةٍ، تحدث الوزير الإيراني عن استعداد بلاده لدعم لبنان باستمرار في عدّة مجالات كالطاقة والغذاء والمواد الطبية. يأتي ذلك في سياق العروض الإيرانية المستمرّة لمساعدة لبنان على أساس العلاقات الاقتصادية البحتة، بعيداً عن كل ما يُشاع حول مساعٍ إيرانيةٍ لفرض نفوذٍ وتحقيق مكتسباتٍ في الداخل اللبناني، فكل هذه التصريحات جاءت خلال لقاء مسؤولين رسميين كرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، أيّ أنّها تسعى إلى تطوير العلاقات مع الجانب الرّسمي اللبناني على أسس المساواة والعلاقات الاقتصادية بين دولةٍ مكتملة السيادة ودولةٍ أخرى مكتملة السّيادة أيضاً، ترزحان تحت ضغط الحصار الأميركي.
والوضع الحالي الذي يعيشه لبنان، والذي يستعرض بعض مسؤوليه ولاءهم أمام الجانب الأميركي عبر رفض العروض الإيرانية وكذلك الصينية والرّوسية، يحتّم عليه قبول هذه العروض والتوقّف عن انتظار رضى أميركي أو سعودي.
وحدة المحور ودور حزب الله فيه
تحيّةٌ وجّهها الوزير الإيراني من بيروت إلى الشهداء القادة عماد مغنية وقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، مؤكّداً أن لبنان بشعبه وجيشه وحكومته ومقاومته، قادرٌ على الصمود وتحدي الاحتلال الصهيوني، وفي ذلك رسالةٌ مفادها أن محور المقاومة الذي اختلطت دماء شهدائه ماضٍ في تماسكه ووحدة أهدافه وبوصلته القدس في مواجهة محور التطبيع، قائلاً “إنّنا لا نعترف إلاّ بفلسطين”.
وأشاد الضيف الإيراني بدور حزب الله واعتبر أن “المقاومة في لبنان لديها مكانة خاصة، وأن حزب الله كان في طليعة المدافعين عن الشعب اللبناني، وهو من قدّم فكرة الحصول على المشتقات النفطية من إيران، والقطاع الخاص هو من يقوم بها”.
بقوله هذا، يشير أمير عبد اللهيان إلى أن محور المقاومة لا يواجه سياسات الولايات المتحدة في المنطقة عسكرياً وسياسياً فقط، بل اقتصادياً أيضاً، وفي الحالة اللبنانية، يتم ذلك عبر حزب الله لا عبر القنوات الرّسمية، التي وإن جاهر بعض مسؤوليها برفضهم ما اعتبروه انتهاكاً للسيادة الرسمية، لم يجرؤ أحدٌ منهم على اتخاذ أيّ خطوات فعلية لعرقلة ذلك أو محاسبة المعنيين، خاصةً بعد أن لقي استيراد المشتقات النفطية ترحيباً واسعاً من الشريحة الأكبر من اللبنانيين كحلٍّ جزئيٍّ لأزمة المحروقات التي أرخت بظلالها على مختلف القطاعات.
التأكيد على تماسك المحور جاء أيضاً على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي قال، خلال لقائه أمير عبد اللهيان، إن إيران “أثبتت أنها الحليف الصادق الذي لا يخذل أصدقاءه مهما كانت الظروف الصعبة”.
رسائل خارجية
في أكثر من محطة خلال زيارته، تطرّق أو سُئل أمير عبد اللهيان عن العلاقات الإيرانية السعودية والحوار بين الجانبين، فلفت إلى أنّه “قطع مرحلةً جيدةً حتى الآن” و”يسير في الاتجاه الصحيح”، مضيفاً: “وصلنا والسعودية إلى اتفاقات معينة في مواضيع محددة ونرحّب بهذا الحوار”، وأن “الحوار الإيراني مع السعودية يصب في مصلحة المنطقة.”
أن يصب أي تقارب بين طهران والرياض في مصلحة دول المنطقة، هو ما يعلّق عليه بعض اللبنانيين آمالهم، رابطين مصيرهم بمصير هذه المحادثات، وبمفاوضات العودة إلى الاتفاق النّووي بين إيران والولايات المتحدة. في هذا الإطار، أشار الوزير الإيراني إلى أن “إيران مستعدّةٌ للعودة إلى الاتفاق النووي إذا كان الطرف الآخر جاداً في ذلك” مضيفاً أنّه “إذا كانت أميركا جادةً في العودة للاتفاق النووي، يمكننا التعويل على هذا الأمر”.
آلاء ترشيشي