هل يعزف ميقاتي عن الترشّح للانتخابات النيابيّة المقبلة؟
عشية تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة المقبلة، طُرحت تساؤلات حول إذا ما كان زعيم “تيّار العزم” سوف يفضّل عدم الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة في ربيع العام 2022 مثلما فعل يوم كُلّف تأليف حكومته الأولى عام 2005، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط من ذلك العام، وشكّل حينها حكومة لم يكن لا رئيسها ولا أحد من أعضائها من بين المرشحين للانتخابات.
عندما شكّل ميقاتي أولى حكوماته قبل نحو 16 عاماً، وأتاحت له حينذاك الوصول إلى السّرايا الحكومي الكبير ودخول نادي رؤساء الحكومات، كان من المطالب الأساسية عامها على أيّ حكومة أن تكون محايدة، أقلّه لجهة أن لا يخوض رئيسها ولا أعضاؤها الانتخابات النّيابية، وقد وافق ميقاتي حينها بلا تردّد على ذلك، كونه سيحمل لقب “دولة الرئيس” للمرّة الأولى، وهو لقب يدغدغ شعور أيّ شخصية سنّية بارزة تعمل في الشّأن العام، وكذلك لأنّه فضّل وقتها الابتعاد عن خوض غمار انتخابات هيمنت عليها بقوة العصبيات السّياسية والمذهبية، السنّية تحديداً، بعد اغتيال الحريري.
لم يصدر عن ميقاتي أيّ توضيح بهذا الشّأن، لا تأكيداً ولا نفياً، وأوضح مصدر مقرّب منه لـ”أحوال” بأنّ “أحداً لم يفاتحه بالأمر، أو يشترط عليه عدم الترشّح للانتخابات النيابيّة المقبلة مسبقاً قبل تسميته رئيساً مكلّفاً”، موضحًا أنّ “تفكيره وجهده حالياً يقتصر على تأليف الحكومة بأقصى سرعة”.
لكن كصدر متابع أشار إلى أنّ ميقاتي “لا يتطلع فقط إلى تأليف الحكومة المقبلة التي يُنتظر في حال تأليفها أن تتخذ خطوات وقرارات صعبة وغير شعبية لإنقاذ الأوضاع الاقتصادية من مزيد من الانهيار، بل إلى تكليفه الحكومة المقبلة التي ستلي الانتخابات النيابية المقبلة، وأيضاً التي ستعقب انتخاب رئيس جمهورية جديد بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون خريف العام المقبل، وهو ما اشترطه ميقاتي مسبقاً لقبوله تكليف الحكومة الحالية، لكي يجني ثمار القرارات الصعبة التي ستبدأ بالظّهور لاحقاً، لا أن يجنيها غيره، أيّ كي لا يقع الغُرم عليه ويكون الغُنم لسواه”.
عليه، ترى المصادر أنّ “احتمال عزوف ميقاتي عن الترشّح يبقى أمراً وارداً، لكنّ القرار النّهائي بهذا الخصوص يعود إليه وحده، وهو لم يكشف عنه بعد”، إلّا أنّهم أكّدوا أنّه “سواء ترشّح ميقاتي للانتخابات النيابية المقبلة أم لا، فإنّه يبقى بحاجة ماسّة إلى كتلة نيابيّة تؤكّد حيثيته السّياسية والشّعبية، وتؤازره في حكومته المقبلة أو الحكومتين المقبلتين اللّتين يطمح إلى ترؤسهما، وأنّ الأصوات التي نالها في انتخابات 2018 وقد بلغت 21300 صوتاً، جعلته الأوّل بين النوّاب السنّة، متقدماً حتى على الحريري نفسه الذي نال 20751 صوتاً، هي أصوات لا يمكن أن يُفرّط بها ميقاتي بسهولة ويُسر، أو تجييرها لسواه، فليس في السياسة أعمال خيرية ولا كاريتاس”.
ونعتبر المصادر أنّ عزوف ميقاتي عن “الترشّح ليس معناه النأي بنفسه عن العمل السّياسي، بل للتفرّغ له أكثر”، ضاربين مثلاً بكلّ من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، إذ “برغم أنّهما عزفا عن الترشّح لأي انتخابات نيابية تباعاً، فإنّهما بقيا في صلب الحياة السّياسية اللبنانية، كما لدى كلّ منهما كتلة نيابية وازنة، وهو ما يمكن أن يقوم به ميقاتي أيضاً”.
عبد الكافي الصمد