إثر انفجار مرفأ بيروت، هرع العالم لمساعدة لبنان في محنته، وقدّم أفراد ودول هبات ومساعدات لوجستيه لمساعدته على الوقوف بعد نكبته؛ ومن بين هذه الهبات توربينان بقدرة توليد ٤٠ ميغا واط لكل منهما، تقدمة من شركة سيمنز الألمانية، التي أكّدت صلاحيتهما لمدة سنة وتغذّي 65 ألف مواطن بالكهرباء. المفارقة أنّه في 2 أيلول استيقظ الشعب اللبناني على مفاجأة مفادها أنّ سيمنز عدّلت هبتها، وبدل التوربينين عرضت قطع غيار لمعملي الزهراني ودير عمار لتحسين إنتاجيتهما. فماذا حصل؟
مصادر خاصة من مؤسسة كهرباء لبنان أكدت لـ “أحوال” أنّ وزارة الطاقة عبر الوزير ريمون غجر رفضت التوربينين بحجة عدم وجود فيول لتشغيلهما، ممّا دعى شركة سيمنز لتعدّل في هبتها. ولفتت المصادر أنّ هذا الأمر أثار استياءً واسعاً في مؤسسة كهرباء لبنان، “فحسب التقنيين كان يمكن للبنان الاستفادة بشكل كبير من التوربينين”. وكشفت المصادر نفسها أنّه رغم اختلاف نوع الفيول الخاص بهما عن فيول البواخر، إلا أنّ تأمينه سهل، وأنّه عندما عُرض موضوع التوربينين على مؤسسة كهرباء لبنان، أوصت الأخيرة بضرورة الحصول عليهما لأهميتهما، “وكان يمكن إطفاء تشغيل مجموعة من البواخر وتوليد الطاقة عبرهما، إلا أنّ الوزارة ضربت التوصيات بعرض الحائط ورفضت التوربينين بحجة عدم توفر الفيول.”
وفي ما يتعلّق بالتقنين القاسي اليوم، أفادت المصادر نفسها أنّ معمل الزهراني هو الوحيد الذي يعمل بكامل طاقته، بينما ضربت الأعطال المعامل الثلاثة الباقية في آن واحد، حيث أنّ محركات الاحتراق (reciprocating engines) في معملي الجية والذوق، تعملان فقط بقدرة ٩٠ ميغا واط، بحجة عدم استطاعة شركة MEP تأمين الدولار لقطع الغيار من أجل الصيانة، ومعمل دير عمار يعمل بنصف طاقته التشغيلية بحجة عدم توفر الغاز أويل. وهذا يطرح تساؤلاً جديداً عن مقاربة الصدف، بحسب المصدر.
وأضافت المصادر أنّه عند شعور التيار الوطني الحرّ بقرب خسارة سيطرته على وزارة الطاقة، بسبب الضغط الداخلي الذي يرافقه ضغط دولي مستجد لتفعيل عمل الهيئة الناظمة لقطاع الطاقة، نقل العديد من موظفيه من مواقعهم في مؤسسة كهرباء لبنان إلى مديرية النقل في المؤسسة دون وجه حق. وتستفيض المصادر عن مخالفات يعتمدها التيار في المؤسسة مؤخراً، حيث يُستثنى المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك من أغلب القرارات، بينما يسيطر على القرار مسؤول التيار، الموظف درجة خامسة فادي بو عبدالله، الذي حتى عندما يستدعيه المدير العام يرفض مقابلته بحجة “أنه لا يتحملّه”. وذهبت الأمور إلى أبعد من ذلك، تتعلّق بنفوذ بو عبدالله الذي أصبح يطال مستشاري وزير الطاقة، حيث كلمته هي التي تنفذ. ويحاول التيار قبل خسارة امتيازاته في الطاقة أن ينفض يده من الفشل الذريع، عبر تقديم المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك ككبش محرقة على قاعدة “ما خلانا”.
يبدو أنّ الفريق المسيطر على قطاع الطاقة في لبنان منذ ١١ سنة، لن يرحل عنها بدون معركة عنيفة، يضرب فيها كل من لا يرغب بسطوته.
محمد شمس الدين