يعيش بشقة ولا يملك سيارة… تعرّفوا إلى الرئيس الإيراني الجديد
عُلّقت الكثير من الملفات في لبنان والمنطقة ترقبًا لنتائج الانتخابات الايرانية، بدءًا من العودة إلى الاتفاق النووي مرورًا بتشكيل الحكومة اللّبنانية وصولًا إلى الملف اليمني والعراقي والسوري وفلسطيني. وقد أظهرت نتائج الانتخابات الإيرانية فوز السيد ابراهيم رئيسي بمنصب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية لفترة أربع سنوات قادمة، فمن هو الرئيس الثامن بعد الثورة؟.
من المؤكد أنّ لفوز رئيسي مفاعيل داخلية وخارجية كبيرة، فهو يُعتبر من صقور القيادات الثورية في البلاد، ويرى الرئيس المُنتَخَب، والذي وضعته أميركا على لائحة العقوبات، أنّ المواجهة مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية لا تهاون ولا تراجع بها.
من خلال مسيرته السياسية والإدارية التي تسلّمها، تميّز رئيسي عن أقرانه بانكبابه الدائم على دعم حركات المقاومة في كلّ المناطق التي تواجه الاحتلال والغطرسة من لبنان إلى فلسطين والعراق واليمن وغيرها، وهو من امتاز بشفافية مطلقة وابتعاده عن الأضواء لفترات طويلة وهو في مناصب حساسة، كذلك لفت انتباه الإعلام والرأي العام الإيراني بحجم ثروته المتواضع جدًا، والتي قدّم بها كشفًا مفصلًا عند إعلان ترشحه وهي عبارة عن شقة صغيرة بمساحة 140 متر مربع ولا يمتلك سيارة خاصة به بل سيارة لزوجته من الصناعة الإيرانية.
السيد إبراهيم رئيسي السياسي المحافظ والأصولي ورجل الدين، من مواليد العام 1960 في مدينة مشهد، أنهى دراسته للعلوم الدينية في حوزتي مشهد وقم، بالتوازي مع دراسته الأكاديمية، حيث أنهى مرحلة الدكتوراه في الفقه والقانون الخاص من جامعة الشهيد مطهري.
يشغل اليوم منصب النائب الأوّل لرئيس مجلس خبراء القيادة ورئيس جهاز القضاء الإيراني، الذي تم تعيينه في العام 2019، بعد تدرّجه في سلك القضاء منذ منتصف الثمانينات، مدّعٍ عام في طهران في 1989، رئيس هيئة التفتيش العامة 2004، نائب رئيس السلطة القضائية 2014، المدعي العام في إيران وفي محكمة رجال الدين 2019 ثم رئيس السلطة القضائية.
تولى مهام تنفيذية عديدة أهمها إدارة شؤون العتبة الرضوية ومؤسساتها عام 2016، عضو مجلس الخبراء، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، وفي العام 2017 ترشح للانتخابات الرئاسية منافسًا الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني.
في الخامس من شهر آب المقبل سيتم حفل التسلّم والتسليم بين الرئيس الحالي والرئيس المنتخب وسيكون السيد ابراهيم رئيسي سيد المقرّ الرئاسي، في شارع بستور في طهران، كثامن رئيس للجمهورية الإيرانية منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.
هناك من يقول أنّ المعارك السياسية والانتخابية في ايران تبقى تحت السقف المرسوم لها، وأنّ اللّعبة الداخلية معروفة النتائج، ولكن من يعرف هذه الدولة عن قرب سيعلم أنّ الأمر مختلف عن الصورة الخارجية المرسومة والاسقاطات المؤطرة، إذ ومنذ العام 2017 وقف التيار المحافظ خلف رئيسي وبقوّة، وها هو اليوم يصل إلى سدّة الرئاسة فهل سيكون الرئيس القوي الذي سيوقع الاتفاق النووي المزمع إعادته إلى الحياة؟ وكيف ستكون حالة الاقتصاد الإيراني مع من يضع أولوية مكافحة الفساد على رأس قائمة أولوياته؟ وكيف سيكون وضع المنطقة عامةً ولبنان خاصةً مع من يعتبر المقاومة خطًا أحمر، وهو من وضع في حملته الانتخابية صوره مع الشهيد قاسم سليماني كعنوان للردّ على الأصوات الإصلاحية التي تسرّبت بعض مصطلحاتها الخادشة لدور سليماني في المنطقة؟.
إيران الثورة الاسلامية اليوم، هي نفسها بلاد فارس العميقة الجذور، التي حملت الكثير من المميزات وربما أهمّها أنّها تعرف ما تريد وما ينبغي عليها أن تعمل، وتدرك حق الإدراك حدود اللّعبة الداخلية والخارجية، هي تدير اللّعبة الداخلية على حدّ التوازن وتلعب في الإقليم على حدّ السيف… وبكلتا الحالين هي تقدّم نموذجًا مختلفًا في تقديم صورة الإسلام السياسي وكيفية بناء مجتمع أساسه على العلم والتصنيع والوحدة الوطنية والاكتفاء الذاتي.
عامر ملاعب