السلاح المتفلّت يجتاح طرابلس والشمال.. والوطن بحاجة للخلاص
هل تفاقمت الرجولة عند البشر لتدفعهم نحو الجهل الإرادي، ولتصل بهم إلى القتل بدمٍ بارد كل يوم؟ أو انفلت الشارع بشكلٍ “هَمَجي” ليصبح السلاح المتفلّت في كلّ مكان حديث الناس وعلى كل لسان؟
يجتاح السلاح المتفلّت مدينة طرابلس بشكل كبير، وشمال لبنان بشكل أكبر، وكل لبنان بشكل واسع وهمجي وبربري وغير أخلاقي. يقتل الناس بعضهم البعض كل يوم بدمٍ بارد، لأسباب معلومة ولكنها “تافهة” ولا تدخل في معجم الخلافات الحقيقية، بل هي فقط تباينات اندمجت مع ضغوطات الحياة وأدّت إلى إطلاق رصاصات قاتلة بشكلٍ مفاجئ، قد تكون “لا إرادية” ولكنها واقعية، رغم أنها غير منطقية.
في طرابلس سقط عدد من الجرحى والقتلى في بداية شهر رمضان المبارك، كما قبله، سقطوا بسبب خلاف على أفضلية مرور أو توزيع حصص أو خلافات سابقة، لكنّهم سقطوا وبقي التفلّت سيّد الموقف. التفلّت هذا ليس على المستوى الأمني فقط، التفلّت هو أخلاقي واجتماعي، إنّه الإنهيار الذي يجتاحنا كل يوم لأسباب مقصودة حتمًا.
ساسة الوطن يتصارعون على حصصٍ ومعايير، وأبناء الوطن يتصارعون على تصفية بعضهم البعض؛ أما الوطن فلا أحد يتصارع على مضمون نهوضه طالما لا حصة له في هذا النهوض.
إنتقلت ساحات الصراع السياسية إلى ساحات الصراع الداخلية كنتيجة هذه المرة، وليس مناصرة للمواقف، فلا أحد عاد يكترث للموقف كإكتراثه للواقع الإجتماعي المذري.
ما يحصل في طرابلس والشمال يحصل في كل لبنان، “هستيريا” السلاح المتفلّت والعشوائية في التعاطي بين اللبنانيين.
اليوم، لا أحد يمكنه إيقاف هذه المهزلة والفوضى سوى عودة الدولة ومؤسساتها إلى الإهتمام بمشاكل المواطن الحياتية بالتفصيل، إلى جانب تشكيل الحكومة وإيقاف الإنهيار، باعتبارهما الحل الأوحد لعودة الإستقرار إلى البلد برمّته، وطرابلس وشمال لبنان بالتحديد؛ فالوطن اليوم بات بحاجة للخلاص.
زكريا حمودان