علماء حذّروا من مخاطر تغيّر المناخ منذ الثمانينات بينهم نساء
الأقطاب السياسية تجاهلت منذ البداية
يستقطب “تغيّر” المناخ اليوم اهتمام كافة المحاور، وقد أصبح القضية الساخنة الإقليمية الجديدة، التي تتنازع عليها أقوى الأضداد. منه انطلقت الصين وأميركا، معلنتان بذلك منافسة ضروسة لقيادة العالم. فهذه القضية تتيح بالمجال الأكبر للاتفاق والتعاون وربما حتى القيادة المشتركة على المسرح العالمي.
واستضاف الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل/ نيسان الجاري قمة مناخية افتراضية لمدة يومين حضرها 40 من زعماء العالم الآخرين، بما في ذلك الزعيم الصيني شي جين بينغ.
وأعلن بايدن خلال القمة عن أهداف طموحة للولايات المتحدة، وتعهّد بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50-52٪ أقل من مستويات الانبعاثات لعام 2005 بحلول عام 2030. كما أعلن الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان عن أهدافهم الجديدة. في غضون ذلك، أعاد الرئيس الصيني شي جين بينغ، تأكيد تعهده من الصيف الماضي، بتحقيق ذروة الانبعاثات بحلول عام 2030، وتحقيق حياد الكربون في نهاية المطاف بحلول عام 2060.
ووفقًا لتقرير Climate Data Explorer الذي نشره معهد الموارد العالمية، ساهمت الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في أكثر من 50٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. وفي عام 2016، شكّلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الصين 26٪ من إجمالي الانبعاثات العالمية.
وتفوّقت الصين على الولايات المتحدة بما يقرب من اثنين إلى واحد على الاستثمار المتعلّق بتحويل الطاقة بين عامي 2010 و 2020، وفقًا لبيانات BNEF، (بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة) بحسب ما ذكره فريق أبحاث ESG التابع لبنك أميركا في تقرير الشهر الماضي.
أوراق بحثية تتكدّس في الجوارير
لكن قضية تغّيّر المناخ ليست مستجدة، ولم تخلق فجأة. بل كشفها علماء منذ الثمانينات، إنّما تجاهلتها أقطاب السياسة. فمن هم العلماء الذين كرّسوا حياتهم لدراسة المناخ، مدركين أنّ عملهم قد يذهب أدراج الرياح ولا يفعل الكثير لتفادي كارثة مناخية؟ وكيف يتعاملون معها؟ كما قال أحدهم: “لدي كم هائل من البيانات على كتفي، لكني أشعر بالعجز الشديد.”
حتى جائحة الفيروس التاجي كشفت التحديات الهائلة التي يواجهها العلماء. فقد خاضت السياسة والعلوم معركة قاسية، حيث بدا أن بعض الحكومات ترفض أو تقلّل من الأبحاث الراسخة حول انتشار الفيروس. وعلى الرغم من انخفاض الانبعاثات بنسبة 7٪ العام الماضي مع توقف الأرض تقريبًا عن الحركة العادية، استمرّت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الارتفاع، وباتت أعلى من أي نقطة في تاريخ البشرية؛ إذ لم نشهد على أي عام أكثر سخونة من عام 2020.
حتى مع الأحداث الصاخبة التي وقعت العام الماضي، فإنّ تغيّر المناخ يتأرجح بلا هوادة في الخلفية. يذوب الجليد في التندرا السيبيرية حيث يشهد القطب الشمالي درجات حرارة قياسية؛ تحترق أستراليا وكاليفورنيا وستحترقان مرة أخرى. وتعصف العواصف الاستوائية أكبر وأقوى من أي وقت مضى.
نشرت وكالة رويترز لائحة بعلماء عملوا على متابعة تغيّر المناخ، وأشارت “أن هذا ليس تصنيفًا لأفضل علماء المناخ، بل مقياساً للتأثير، والذي يتطوّر بشكل طبيعي بمرور الوقت”. رويترز استقت بحثها بناءً على المعلومات المتاحة اعتبارًا من كانون الأول /ديسمبر 2020. وتم توفير البيانات من قبل شركة Digital Science ومقرّها بريطانيا.
جيمس هانسن: الحقيقة تنصفه بعد 30 عاماً
في عام 1988، مثل العالم الأميركي جيمس هانسن أمام الكونغرس وأدلى بشهادته حول بحثه في ارتفاع درجة حرارة الكوكب. بعد أكثر من 30 عامًا، تحقّق توقّع هانسن بأنّ متوسط درجة الحرارة العالمية يمكن أن يرتفع بنحو درجة واحدة مئوية (ما يقرب من درجتين فهرنهايت) بحلول عام 2019. بالمقابل، تجاهل صانعو السياسة إلى حدٍ كبيرٍ تحذيراته ونداءاته، على الرغم من تأكيد سيل من الأبحاث من الأجيال اللاحقة من علماء المناخ على دقة معلوماته.
مايكل أوبنهاور: أول من حذّر أن العالم يزداد سخونة
تكشف الحياة المهنية الطويلة للباحث الميركي أوبنهايمر، أحد علماء المناخ الرائدين في العالم، عن انتصارات وإخفاقات حصلت معه عند محاولته إيقاظ العالم لتغيّر المناخ. وفيما يشعر بعض أقرانه باليأس من مأزق الكوكب، أوبنهايمر يحتفظ بإيمان قوي لايجاد حل.
منذ عام 1969، تحدث عن “تعديل كوكب الأرض بواسطة الإنسان”. اليوم، بعد أكثر من نصف قرن، يقول أوبنهايمر، البالغ من العمر 75 عامًا، حينها كانت المرة الأولى التي فكر فيها أن البشرية قادرة على إحداث أضرار بيئية على هذا النطاق الواسع، بما يتجاوز الحرب النووية.
كورين لي كوريه: غاصبة من التمييز الجنسي
فيما يهيمن الرجال على علوم المناخ، وصلت لي كوريه إلى القمة – وفعلت ذلك بطريقتها الخاصة.
تشتهر العالمة المولودة في كيبيك، بالتحقيق في كيفية دوران الكربون عبر الغلاف الجوي والمحيطات، ما يجعلها على رأس قائمة رويترز الساخنة. من بين أفضل 1000 باحث، أقل من واحد من كل سبعة هنّ من النساء. ولطالما شعرت بالغضب من التمييز الجنسي الذي تراه في المجال الذي يهيمن عليه الذكور، ومع ذلك استمرّت.
تعمل العالمة اليوم كرئيسة للمجلس الأعلى للمناخ في فرنسا، وهي مكلّفة بمراقبة جهود البلاد لتقليل الانبعاثات وتقديم اقتراحات حول كيفية إبعاد فرنسا عن الوقود الأحفوري. تعمل أيضًا في لجنة تغير المناخ في المملكة المتحدة، والتي أصدرت تقريرًا أدى إلى اعتماد البرلمان البريطاني لخطة لخفض انبعاثات الكربون في البلاد إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.
كين كالديرا: يحصد اهتمام الأثرياء
كان رائدًا في البحث في كيفية تأثير الوقود الأحفوري على محيطاتنا؛ الآن يحصد اهتمام بيل غايتس في ما كشفه.
في حياته المهنية التي امتدت لثلاثة عقود، أنتج العالم الأميركي بحثًا رائدًا حول الاحتباس الحراري وتحمض المحيطات التي قتلت الشعاب المرجانية. لكن تأثيره كان كاستشاري أكثر من باحث، سواءً من الطلاب أو أغنى الرجال في العالم، الذين يقومون بتمويل الأبحاث حول المناخ، ومنهم بيل غايتس.
كارلوس دوارتيه: يعمل في السعودية
عالم مناخ إسباني يعمل مع السعوديين. وعمّا إذا كانت أموال النفط تساعد في إنقاذ الكوكب، يقول: إنّ الحكومة السعودية تبنّت وموّلت العديد من الحلول التي دافع عنها منذ فترة طويلة. وتعتبر السعودية مصدراً للنفط الخام في العالم، وقد لعبت دورًا مهمًا في الاحتباس الحراري. لكنها أيضًا دولة معرّضة بشكل خاص لتأثيرات تغير المناخ، بحسب تعبيره.
تجدر الإشارة إلى أنّ الدولار النفطي السعودي هو الذي يموّل أحلام دوارتيه في إنشاء أنظمة بيئية بحرية “الكربون الأزرق” – المحميات المحيطية التي، جنبًا إلى جنب مع الغابات والحياة البرية المنشطة على الأرض، يمكن أن تنظف بلطف الغلاف الجوي لثاني أكسيد الكربون الزائد. ويقدّر بعض الخبراء، بمرور الوقت، أنّ مثل هذه الترميمات يمكن أن تزيل 300 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون، أي حوالي ثلث الكمية التي أضافها البشر إلى الغلاف الجوي منذ الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر. فاستعادة مروج الأعشاب البحرية، على وجه الخصوص، لها وعود هائلة. في الواقع، يقدّر دوارتي أن بإمكانهم تخزين ما يصل إلى 15 مرة من الكربون أكثر من مناطق مماثلة في الغابات.
لطيفة الحسنية
المصدر: رويترز_ وكالات