في ظل الوضع المزري في لبنان.. هل أصبحنا نتذوق الذل ولا ننكره؟
الفساد.. هذه الكلمة التي أصبح يعرف بها واقعنا اللبناني ، بحيث أن جميع الفرقاء السياسيين يتهمون بعضهم بالفساد والكل يتنصل منه و يرميه على الطرف الآخر ، وكأن هذا الفساد السياسي والإداري هو شبح خفي وجميعهم منه براء .
وما يدعم براءتهم الهشة دائما جمهور المصفقين العمي، الذين كسروا حياتهم وعقولهم و ثقافتهم للدفاع المستميت عن أرباب الأحزاب الطائفية التابعين لهم .
وجميعهم مخدرون بالكلمات السحرية :حقوق الطائفة – العمالة – حرب الوجود – إلغاءنا – المحاصصة الطائفية – الموقع الطائفي السياسي خط أحمر …الخ ؛ فعند كل حصار شعبي او فضيحة فساد يقوم الزعيم بوضع هذه الكلمات في خطاب سحري ينشر به غاز التنويم المغناطيسي للتابعين ، فتزيدهم حمية التبعية حتى لو انهم لمسوا فساد و سرقات زعمائهم أم العين .
فكيف لزعيمنا الفاسد أن يحاسب او يتغير قبل زعيمكم؟!
بات الفساد منتشرا في كل قطاعات الدولة كالوباء، وحتى بين الشعب تجارة و معاملة و خصوصا بالعقلية الفاسدة التي تجذرت منذ أجيال، والقائمة على التبعية و الواسطة والمحسوبية . حتى أن اللبناني بات لا يؤمن بقدراته بلده و مبرمج على أنه أن لم يكن محسوبا لواسطة حزبية طائفية فهو من الهوامش ..
الكل يستغرب ، لم الشعب مازال مخدرا أو راضيا بكل أنواع الذل الذي يعيشه؟! والاستغراب الاكبر أنه رغم كل ما يفعله و فعله زعماء البلد لا زالوا يتبعونهم حد العبادة !!
نحن بحاجة إلى ثورة في عقولنا وتفكيرنا.. والأهم أن نتيقن أننا لسنا مجرد أتباع بل نحن قادرين و يمكننا أن نكون في موقع من نسميه الزعيم الأبدي والوراثي، وان نعمل ليكون بلدنا بلد مؤسسات والمسؤول موظف يمكن أن يخطئ و يصيب ، ولديه فترة معينة بمركزه ليعود و يترك مكانه لغيره من دون توريث .
والاشكالية الموجودة هي في صراع الاجيال، فالجيل القديم لا يزال متمسكا بعقلية الزعيم الوراثي بينما هناك جزء كبير من الجيل الشاب يرفض هذا الواقع..
واقعنا المتناقض العالم الجاهل بجميع الأسباب التي أوصلتنا إلى هنا .
فنعلم مثلا أن المؤسسات الدينية والطائفية هي غطاء ديني لتقديس رؤساء الأحزاب و تحريم مخالفتهم أو تخوين من يقوم بذلك ؛ وهي أصلا المتجذرة بالفساد !! ولكن لا أحد يتجرأ على فصلها عن السياسة او مواجهتها .
وأيضا يقين الاغلب بأن الطبقة السياسية لا أمل فيها و جميعهم مشاركين بالفساد والانهيار ، ولكن بكلمة واحدة يصبح الدفاع عنهم كنوع من الواجب الديني والحزبي والطائفي .
والاتهام بالمؤامرة والعمالة لأي معارضة للرموز الكبرى للفساد قيد التصديق دون تفكير أو دليل .
وفي ظل وضعنا المزري والمخزي نسأل: هل أصبحنا نتذوق الذل ولا ننكره؟
هل نحن فعلا فاسدين بأنفسنا وخياراتنا التي لا نسعى لتغييرها ؟
أم أنه كان يجب أن نتلقى هذه الصفعة لنستيقظ من عبوديتنا العمياء وانقسامنا؟
دائما ما يكون الحل بالتغيير ..
وهو على مر العصور أكثر ما تخاقه القوى الظالمة المستبدة من الإقطاعية للعبودية ثم الزعائمية…
بالتغيير نجاتنا وتحسين اختيارنا لمن يمثلنا وطريقة إدارة لبلد بكامله ، ممكن أن يكون أقوى إقتصاد و أفضل شعب وأكثر إنتاج و محاربا للفساد .
لا بلد يعيش على المعونات والمساعدات والرعاية . بلد واحد لا دويلات تحكم بلد وتنهشه كلّ على مصالحه و حصصه .
أحمد بللي