بعد سطوها على ذهب المودعين… “الأمان” تواجه القضاء
على غرار ما تقترفه المصارف بحق المودعين، أقدمت شركة أمان وهي شركة ترهن ذهب زبائنها مقابل مبلغ مالي، على ممارسة الاحتيال على المواطنين عبر التهرّب من إعادة الذهب المرهون على الرغم من تسديد كافة المستحقات المالية.
وتقوم “الأمان” وهي شبيهة بمؤسسة “القرض الحسن” برهن ذهب زبائنها مقابل إقراضهم المال، على أن تُعيد لهم ذهبهم بعد تسديدهم المبلغ كاملًا على دفعات. إلّا أنّ الرياح جرت بعكس ما تفرض الأخلاق، إذ تفاجأ مواطنون بعد تسديدهم المبالغ المتوجّبة عليهم، بتخلّف الشركة عن ردّ ذهبهم المرهون، تحت العديد من الحجج التّي لا أصل لها من الصّحة.
هكذا إذن، وجد ما يقرب الخمسة آلاف مواطن أنفسهم ضحية هذه الشّركة، فلجأوا إلى الاعتصامات أمام فروع الشّركة للمطالبة بجنى أعمارهم، وليتقدّموا بدعوى بوجه صاحب الشّركة في القضاء.
وأكّد حسين كربلا أحد هؤلاء الزبائن في اتصال مع “أحوال”، أنّه بعد دفع كامل المبلغ المتوجّب عليه، اعتذرت الشّركة عن ردّ ذهبه، تحت حجّة أنّ الشّركة التي تأخذ الذّهب منها لتحفظه، متفقة معها على موعد سنة وثلاثة أشهر لتعيده إليها بعد سداد الزّبون أقساطه، وعندما اعترض على هذا القرار قال له مدير الفرع: إذا أصرّيت على أخذ الذّهب فإنّنا نعطيك أموالك التّي دفعتها، لكن لا يمكننا إرجاع الذّهب، فـ “لا ذهب لدينا لنعطيك إيّاه”.
وأشار كربلا إلى أنّه عندما حصل جدال مع المدير تدخّل عنصر الأمن وكان يحمل سلاحًا على خصره، وأمسكه بيده محاولًا إخراجه بالقوّة، عندها أدرك أنّ الأمور لن تحّل بالتّفاوض، لأنّه بات واضحًا أنّ هذه الشّركة هي شركة نصب، عندها تدخّل أحد أصدقائه النافذين في المنطقة، وأرغم المدير على إعادة الذّهب، ولفت إلى أنّ العشرات من الأهالي الذّين احتُجز ذهبهم داخل الشّركة، يتجمهرون يوميًّا على أبوابها لاسترداده، دون جدوى.
كلّ عمليّات الشركة مخالفة لقانون الدّفع والتسليف
وأشارت محامية الزبائن فداء عبد الفتّاح إلى أن مشروع شركة الأمان هو مشروع احتيال ونصب منذ لحظة تأسيسها، وهي مسجلة باسم شركة الأمان لتداول المعادن الثمينة لصاحبها جعفر بيلون، وتقتصر أعمالها على بيع وشراء الذّهب كأي محل ذهب يبيع ويشتري بالتّقسيط، وهذا الذي كانت تقوم به الشّركة في أوّل عام من عملها، لينتقل بعدها صاحبها إلى لعبة الإعلام ليغري الناس بإعطائه أرباحًا عبر رهنهم الذّهب لديه أو تأجيرهم إياه لفترة زمنية.
وكانت الشركة في الحقيقة تبيعهم أوراق A4، لأنّ كلّ العمليّات الماليّة التي بقوم بها عدا بيع وشراء الذّهب، هي أعمال مخالفة لقانون الدّفع والتسليف، ومخالفة لقانون الشّركة، وخارجة عن أيّة رقابة مالية، ووصلت بها الجرأة للتّعامل بالعملة الرّقمية Bitcoin، التي لم يبدأ لبنان بالتّعامل بها بعد، والتي يفترض أن تقوم بها شركات مالية مع مصرف لبنان، فصمّممت لها دعايات والمسرحيات الإعلامية، وهذا الأمر تمّ دفع نفقاته من أموال الناس المودعين، علمًا أنّه ومع بداية الأزمة النّقدية، سُيّل كلّ الذهب المرهون لديها، ما يعني أنّ الذهب غير موجود.
ولفتت المحامية عبد الفتّاح لـ”أحوال” إلى أنّ العقد بين الشّركة والزّبون هو عقد إذعان وليس عقد بين طرفين، وفي العقد يُعرّف الزّبون على أنّه تاجرٌ، وهذه مخالفة قانونية كبيرة، إذ لا يجوز إعطاؤه هذه الصّفة لما يلحق هذه التسمية من شروط، وهذا بهدف حماية نفسه من العمليّات الماليّة المخالفة للقانون التي يقوم بها.
صاحب الشركة متوارٍ
وقامت الشركة مؤخّرًا بأخذ توقيع الزّبائن على تفويض شامل ومطلق للمؤسّسة بالتصرّف بما تراه مناسبًا بمالهم، وهنا الزّبون وقع بين فكّي كماشة، فعليه أن يوقّع أو سيخسر ماله… وهو لا يعلم أنّه وفي كلتا الحالتين خسره.
كل الجرائم المالية موجودة في الدّعوى المرفوعة ضدّ الشّركة، والقاضية غادة عون وضعت يدها على القضيّة، وهي التي ستنظر فيها، وعلم “أحوال” أنّ صاحب شركة الأمان المطلوب للأجهزة الأمنية متوارٍ عن الأنظار.
المواطنون، الذين هربوا من خبث المصارف فوقعوا في شباك شركة أمان للنصب والاحتيال، يعلّقون آمالَهم على القضاء اللّبناني، فهل ينجح هذا الأخير باسترجاع حقّ هؤلاء الضحايا، أم أنّه سيخضع لحسابات وتدخلات وضغوطات سياسية، كما جرت عليه العادة في معظم قضايا الفساد التي يغرق بها مسخ الدولة هذه.
منير قبلان