صادق الصباح: “الهيبة” ليس الأنجح ولهذه الأسباب نصوّر مسلسلات مصريّة في بيروت
يخطو المنتج صادق الصباح خطوات سباقة على صعيد الإنتاج الدرامي، من خلال إصراره على العمل رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
ويعتبر صادق الصباح من المنتجين الذين تخطوا حدود الجنسيات والهوية، بجمعه اقطاب الدراما العربية، ليعيد امجاد الصناعة الفنية التي يعتبر أن لا هوية لها سوى العمل الناجح.
الفن لا هوية له
بهذا الخصوص يوضح صادق الصباح في لقاء مع “سكاي نيوز”: مسألة التعصب لجنسية الممثل، مستغرباً أن ينساق المثقف وراء هذه الفكرة، يقول: “أزعل حين أسمع هذا خصوصاً أن من سبقنا بطريقة فطرية لم يتكلموا يوناً بهذا الموضوع، في أواخر الستينات صور أكثر من مئة فيلم بين لبنان وسوريا لم أسمع يوماً هذا المنطق، على سبيل المثال دريد لحام ونهاد قلعي صورا دراما في تلفزيون لبنان، أبو صياح صوّر في مصر”.
ويتابع “أعتقد أن هناك جانب مهم في وسائل التواصل الاجتماعي يكبّر الموضوع أكثر من حجمه، وبرأيي أنه حين يتكلم المثقف عن جنسيات الاعمال الناجحة ينتقص من قيمته فيها، فنحن شركة عربية ومعنية بأن تؤمن الابطال والفنيين والتقنيين بأعمالها، لان الفن لا هوية له”.
تصوير الدراما المصريّة إلى بيروت
وعن سبب نقل تصوير الدراما المصرية الى لبنان، يؤكد الصباح: “ما دفعني لتصوير الأعمال المصرية في لبنان هو الصدى الكبير للأزمة الصحية، في البداية وجدنا صعوبة حين صورنا “سكر زيادة” مع نبيلة عبيد وناديا الجندي، لكن الآن أسسنا مدينتين نعمل فيهما براحتنا، وحتى الممثلين المصريين أسعدهم ذلك. وأفكر بتطوير وتوسيع بقعة التصوير في احدى الدول الخليجية، فالمدن التصويرية موضة موجودة في العالم، ليس عائقاً مكان التصوير المهم أن يكون النص جيد وابطال مميزين وفريق العمل من ممثلين وتقنيين على مستوى جيد”.
سلامة الممثل الأهم
عن مواجهتهم كشركة إنتاج لجائحة كورونا وتحديه لها كي لا تتوقف أعماله كما حصل معه العام الماضي، حيث أدى عنصر مفاجأة الحدث الى توقف بعض الأعمال لأنهم لم يعرفوا كيفية التعامل مع الوباء. وعن خطواتهم التالية يقول الصباح: “عندما رأينا أن المسألة ليست لفترة وجيزة اضطررنا لنكمل حياتنا من دون أن نعيش بأزمة، وبدأنا نستوعبها ونتعاون معها بما تطلبه المرحلة التالية، فقررنا مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان بالتنسيق مع وزارة الصحة -التي تعاني من زيادة عدد الإصابات- وعملنا وفق بروتوكول مع احدى المستشفيات وحجزنا عدداً من الاسرة واستوردنا الادوية والاوكسيجين من مصر والامارات، على حساب شركات الإنتاج، خصوصاً أنه حصل لدينا بعض الإصابات إلا أنها لم تتطلب الدخول الى المستشفى وان شاء الله لن نستعملها”.
حركة الإنتاج
وعن تأثر عجلة الصناعة الإنتاجية بالوضع العام، أكد الصبّاح أنهم اعتادوا على نمط التعاطي الجديد وبات من التفاصيل التي يتعاملون فيه للحفاظ على فريق العمل لتخفيف من الوباء.
أما عن الخسائر التي بتكبدها المنتج، قال الصباح: “مع أنها ليست خسائر ضخمة، لكن إذا اصيب شخص سيؤثر علينا لأننا سنتوقف لعدة الأيام، لذا نجري كل أسبوع أو أسبوعين فحوصات PCR”.
عن صناعة النجم شرح الصباح المراحل التصاعدية للنجومية: “هناك مراحل تصاعدية ليصير الفنان نجماً هي حضور والاعلام والاعلان وبعدها يصير مطلوباً، وليست شركة انتاج أو محطة او شركة اعلان من يقرر أن هناك نجم أو نجمة، حين تتفق المحطة أو المنصة والاعلام وشركة الإنتاج لا يتطلب الأمر نقاشاً، أما الخيار فيكون فنياً من يناسب الدور أو لا، ولا يمكن لشركة انتاج أو المتابعين تنصيب النجم فجأة، فهذا أمر غير موزون”.
ويتابع في السياق نفسه: “العمل كله مغامرة وهذه سنّة الحياة، فمؤسسة عريقة مثل مؤسستنا لا تستطيع الاستكمال بعدد محصور من النجوم خصوصاً، كما يتطور العمل يتطور الحضور، ولم أعد أنا المنتج على الأرض مثلما كنت سابقاً، فهناك اشخاص يسلمون اشخاصاً ومرحلة تسلم مرحلة، والأمر نفسه بالتمثيل عندما يكون لدينا أعمال أكثر، وعلينا تقديم وجوه جديدة ونعطيهم حظوظهم، وهذا أمر يحصل من زمن، وكل ما نفعله نكون سبّاقون ونقوم بتجارب محسوبة أكثر، قد ننجح نفرح وحين نفشل فندوّر الزوايا ونتابع المسيرة. يقال لي إنه إذا لم ينجح عمل قد أجلد نفسي، لذا نحلل العمل لنرى أين الضعف لنحسّنه، أقوّم أعمالي بكل رؤية صادقة”.
النقد للنقاد فقط
أما عن الانتقاد فيؤكد الصبّاح أنه لا يتأثر بما يقال: “لا أحزن ممن ينتقد عملا شارك فيه بل أحزن عليه، لأنه كان معنا في الملعب وصفق وكان سعيداً، لا يجوز أن ينتقد فنان زميلاً له، وحين نود أن ننقد نقداً بنّاءً هناك نقّاد متخصصون هم من ينتقدون النص والعمل ككل، والأساس هو تقويم الشارع، فالدراما ليست كالسينما تحتاج تقويما فنيا بل هي جماهيرية لها أسبابها ونتيجتها وردات فعل، واليوم لدينا منصات لا يمكن أن نتكلم فيها بالإحصاءات بل بالأرقام لأن هناك أناس يدخلون اليها ويشاهدون”.
الهيبة ليس الأنجح
وفي رده حول من يعتبر أن مسلسل “الهيبة” هو الدجاجة التي تبيض ذهباً، نفى الصبّاح هذا الأمر قائلاً: “لا أبداً، قد تكون هناك استفادة لمشاريعنا الأخرى من “الهيبة”، ولكنه كعمل ليس أنجح عمل تجاري في مؤسستنا مع أنه توزع على المنصات، إنما أكيد أن ساعد “الهيبة” على توزيع أعمال كانت نائمة، لا يبحث الموضوع من زاويته فقط بل يبحث من قلب رحم المؤسسة وينشط مكتبة الإنتاج الماضي والجديد والمستقبلي”.
وعن تحفظات العروض خارج المنصات الالكترونية، يقول الصبّاح: “أكيد هناك مساحة أجرأ في المنصات، وعلى رغم هذا يبقى دخول الصندوق “عالم التلفزيون” الى البيت من دون استئذان، ولأن المسلسل يمكن أن يشاهده مختلف الأعمار، لذا علينا المحافظة على بعض القواعد من دون كسرها، كما يحصل في المنصات.
يبقى الشعب العربي- على الرغم من كل مشاكلنا- شعب محافظ، لدينا بعض الأعمال فيها بعض الايحاءات، إذ لا يمكن أن نرى في الشارع شخصين يقبلان بعضهما البعض، وهذه طبيعة الحرية المحدودة والمنطقية”.
لا دين ولا سياسة
وحول دعم الشركة للنجم السوري الرجل على حساب العنصر النسائي، أكد الصباح أنه شعر أنه مقصراً في هذا الشأن: “أحب حضور النجمات السوريات لأننا بحاجة الى هذا الجيل الذي أثبت نفسه، سبق ورأيتم ديما قندلفت وسترون سلافة معمار”.
وعن مصير الدراما السورية رد صادق الصباح السؤال بسؤال معاكس: “لما لا تعتبرون الأعمال التي نعملها في لبنان هي دراما سورية؟ الاعلام هو من قرر تسميتها دراما سورية أو دراما مشتركة أو بان آراب، بالنسبة إليّ أسميها دراما شامية كوننا بلاد الشام، صناعة الدراما ليس لها هوية محددة، حين أعمل درما مصرية هل اسميها دراما لبنانية؟ إذا اعطينا مثل (نصور دراما في أبو ظبي وسنتوسع أكثر للتصوير في الخليج، إذا كانت الدراما أبطال لبنانيين ونصورها في أرض الخليج لا نسميها دراما خليجية).
أما عن المواضيع الدقيقة من المجتمع المحدد، فبرأيي أن المشكلة التي حصلت في سورية لم نرَ كل جوانبها لذا اعتبر أن الدخول فيها خطأ في الوقت الحالي، مع أن الدراما السورية مثل مسلسل “غداً سنلتقي” الذي تكلم عن جزء من المعاناة في بدايتها، ولكن إذا أردنا أن نناقش حقيقة المعاناة الحقيقية في سورية لا بد من الخوض في السياسة، وهذا ما لا أحبه، ونحن لا نقدم أعمالاً فيها دين وسياسة، بل نحب أن نقدم أعمالاً ترفيهية تسلي الناس وتوصل رسالة، وبرأيي الجزم أن الدراما السورية الحقيقية التي كانت قبل الثورة، هي تصور في لبنان وأبو ظبي وإن شاء الله تعود الى سورية حيث مكانها الحقيقي”.