دراسة| أطفال سوريا اللاجئون لا يريدون العودة إليها
بعد عشر سنوات من الحرب، لا تستطيع الغالبية من أطفال سوريا تخيّل أي مستقبل في بلدهم، وفقًا لتقرير جديد صادر عن منظمة “Save the Children”. إذ كشفت دراسة أجرتها المنظمة في الأردن ولبنان وتركيا وهولندا، أنّ 86٪ من الأطفال اللاجئين السوريين لا يريدون العودة إلى بلدهم؛ فيما واحد من كل ثلاثة بين الأطفال النازحين داخل سوريا، يفضل العيش في بلد آخر.
ويكافح الأطفال الذين فرّوا من منازلهم ليشعروا بالأمان حيث هم الآن، حيث قال اثنان من كل خمسة أطفال ممن شملهم الاستطلاع من قبل منظمة إنقاذ الطفولة إنّهم يواجهون تمييزاً ونقصًا في التعليم.
ووفقاً لتقرير منظمة إنقاذ الطفولة، تم تمزيق كل جانب من جوانب حياة الأطفال، تاركينهم مشردين ومن دون إحساس حقيقي بالوطن.
أي مكان إلاّ سوريا
وحمل التقرير عنوان: “Anywhere but Syria” أو أي مكان إلاّ سوريا؛ وهو أكبر بحث من نوعه أعدته منظمة Save the Children. إذ أجرت المنظمة مقابلات مع أكثر من 1900 طفل نازح ومقدمي الرعاية لهم داخل سوريا وخارجها. وخلص التقرير إلى أنّ من بين الذين تمت مقابلتهم: 3٪ من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع في تركيا، و 9٪ في الأردن وهولندا، و 29٪ في لبنان يريدون العودة إلى سوريا؛
وكشفت المنظمة في بيان أنّه من بين جميع الأطفال الذين شاركوا في البحث، شعر النازحون داخل سوريا بأنهم أقل ارتباطًا بمجتمعاتهم، وكانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن تعرّضهم للتمييز أكثر من أقرانهم في الأردن أو لبنان.
حتى قبل التأثير الاقتصادي القاسي لأزمة كوفيد_19، كان 80٪ من الناس في سوريا يعيشون تحت خط الفقر الدولي؛ وكشفت الأرقام الأخيرة أن 6.2 مليون طفل في البلاد يعيشون دون طعام.
بالنسبة للأطفال في جميع البلدان، تمت الإشارة بشكل متكرر إلى وضع حد للعنف في سوريا (26٪) عند سؤالهم عن أكبر رغباتهم في المستقبل، يليها التعليم بنسبة (18٪)؛
هذا، وتعرّض 44٪ من جميع الأطفال في الدراسة للتمييز في الحي أو المدرسة. وحتى داخل سوريا، حيث أفادت الدراسة أنّ 58٪ تعرضوا للتمييز. وضمن نفس العينة، كان 42٪ من المستجيبين لا يذهبون إلى المدرسة، فيما 31٪ فقط لديهم إمكانية الوصول إلى التعلم في لبنان، وأقل من النصف (49٪) في الأردن.
هولندا موطن السعادة لأطفال سوريا
وقالت المنظمة إنّ معاناة الأطفال السوريين وعائلاتهم لم تتوقف عند حدود البلاد. في لبنان – الذي يعاني من أزمة اقتصادية وعدم استقرار سياسي وتفشي فيروس كورونا المستجد وتأثير انفجار العام الماضي في بيروت – تعيش تسعة من كل عشر عائلات سورية لاجئة في فقر مدقع، وفقًا للأمم المتحدة. وتابعت المنظمة أنّه وفقاً للاستطلاع، سلّط الأطفال الضوء أيضًا على أهمية الحصول على تعليم جيد، والتأثير العميق على رفاههم لأن هذا الأمر بعيد المنال بنظرهم.
على النقيض من ذلك، رأى 70٪ من الأطفال السوريين في هولندا، مستقبلاً إيجابياً؛ وتلقى جميع الأطفال الذين شملهم الاستطلاع تعليماً، وبلغ عدد أولئك الذين أرادوا البقاء في هولندا – أكثر من ثمانية من كل عشرة – وذكروا اللغة والتعليم والفرص الاقتصادية و “الحرية” كأسباب.
في هذا السياق، قال المدير الإقليمي لمنظمة Save the Children للشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، جيريمي ستونر: “سواء داخل سوريا أو خارجها، لا يزال الأطفال المتأثرون بهذا الصراع يكافحون ليشعروا بأنهم في وطنهم حيث هم. لقد كلّفت هذه الحرب التي دامت عشرة أعوام شباب سوريا طفولتهم، لكن على العالم ألا يسمح لها بنهب مستقبلهم. فقد أدى الصراع الذي طال أمده إلى الخوف والتشاؤم بشأن قدرة الأطفال على بناء حياتهم في بلد مزقته الحرب”. وتابع، يحتاج الأطفال إلى الشعور بالأمان؛ ويجب أن يشعروا بأنهم ينتمون إلى المجتمعات التي يعيشون فيها وأنهم مرتبطون بها.
تجدر الإشارة إلى أنّه يصادف الأسبوع المقبل مرور عشر سنوات على الصراع المميت في سوريا، والذي أدى إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد ملايين الأطفال وعائلاتهم وتدمير الاقتصاد والبنية التحتية.