ملفات ساخنة

بالأرقام – سوريا بعد عام من السقوط.. نموذج استثنائي للفشل

أحوال ميديا

بعد مضي عام واحد على “التغيير السياسي الكبير”، تقدم سوريا نموذجاً فريداً للفشل الشامل في التجارب الانتقالية بالمنطقة. بينما شهدت دول عربية أخرى تعثراً في مساراتها بعد التغيير، بينما برزت الحالة السورية كدرس في الانهيار المتسارع على كل المستويات.

الأمر لا يتعلق بمجرد صعوبات طبيعية في مرحلة انتقالية، بل يتعلق بتأسيس نظام حكم على أسس خاطئة منذ البداية. فسلطة الأمر الواقع لم تنبثق من مفهوم الدولة، بل من مفهوم “الفصيل”، فحملت معها ولاءات ضيقة وهياكل تنظيمية عاجزة عن بناء مؤسسات محايدة.

المفارقة أن سلطة الجولاني لم تقم بقطيعة حقيقية مع الماضي، بل أعادت تدوير رموز السلطة القديمة وعلاقاتها. عاد رجال أعمال ارتبطوا بالنظام السابق، وتكررت شبكات المحسوبية عبر تعيين الأقارب والمقربين، في نظام هجين يجمع أسوأ ما في النظامين القديم والجديد معا.

فسقطت البلاد مبكراً في فخ الفساد الممنهج: عقود وهمية، استثمارات ورقية، وأنظمة دفع غير رسمية مثل “شام كاش” وصناديق سيادية بلا رقابة. تحولت المالية العامة إلى ساحة للنهب بينما تراجعت الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ورواتب.

وركزت هذه السلطة على إنتاج شرعية رمزية عبر الخطابات والإعلام، بينما أهملت البنية التحتية والخدمات العامة. وزعت المناصب القيادية على أساس الولاء التنظيمي والعائلي بدلاً من الكفاءة، فغابت التخطيط الاستراتيجي والإدارة الفعالة.

بينما حافظت دول مثل العراق وليبيا واليمن على حد أدنى من القدرة المؤسساتية رغم صعوباتها، شهدت سوريا انهياراً شاملاً للبنى التحتية للدولة، ثم جاءت حكومة انتقالية بلا أدوات أو موارد كافية لملء الفراغ.

سوريون أفقر وأكثر يأساً

اليوم، وبعد عام واحد فقط، يجد السوري نفسه في وضع أسوأ مما كان عليه العراقي بعد 2003 أو الليبي بعد 2011. هذه ليست مجرد نتيجة لظروف صعبة، بل لتصميم نظام حكم عاجز عن إنتاج دولة قادرة على الحياة، بحيث أصبح السوريون أفقر وأكثر يأساً بعد عام على استلام “الثورة” زمام السلطة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى