ملفات ساخنة

تصريح روبيو عن “التطرف الإسلامي”.. مؤشر إنتهاء صلاحية!

إعداد أحوال ميديا

وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في تصريحٍ له، ما أسماه “الإسلام المتطرف” بأنه ظاهرة “ثورية” تسعى للتوسع والهيمنة وتمثل تهديداً “واضحاً ووشيكاً” للغرب والولايات المتحدة.
الكلام ، رغم ظاهره العام ليس منفصلاً عن سياقه الجغرافي والأمني في سوريا والمنطقة، بل إن قراءته بعمق تكشف عن رسائل مشفرة، خصوصاً تجاه الكيانات المسلحة ، وفي مقدمتها ما يُعرف بـ ” الجيش السوري الجديد” وقائده أبو محمد الجولاني.

أكثر من مجرد تحذير
وقال روبيو في مقابلة على قناة”فوكس نيوز” وأعادت نشرها الخارجية الأمريكية: “لقد أظهر الإسلام المتطرف أن رغبته لا تقتصر على احتلال جزء من العالم والاكتفاء بخلافته الصغيرة، بل يسعى إلى التوسع.
إنه ثوري بطبيعته… وهذا تهديد واضح ووشيك للعالم وللغرب عمومًا، وخاصةً للولايات المتحدة”.
هذا الخطاب الحاد ، الصادر عن رأس الدبلوماسية الأمريكية ، ليس مجرد تكرار لسردية قديمة.
ووفق العديد من المراقبين ، إنه إعلان عن انتهاء الصلاحية لكل الكيانات المسلحة التي تنتمي الى هذه الخانة الأيديولوجية، بمن فيهم من تمايزوا مؤخراً تحت عباءة “المعارضة المعتدلة”. والجولاني ، الذي صُنّف طوال سنوات على رأس قوائم “الإرهاب”، يقع في صميم هذا الوصف.
التصريح يأتي ليقطع الطريق على أي محاولات لتلميع صورة هذه الكيانات أو إعادة تسويقها.
الدعم الدولي “المشبوه”
السؤال المركزي الذي يفرض نفسه: إذا كان هذا التوصيف الأمريكي الرسمي حقيقياً، فكيف نفسر سنوات الدعم اللوجستي والسياسي والإعلامي غير المباشر والمباشر اليوم الذي حظيت به “هيئة تحرير الشام” ؟
الإجابة ، وفق مصادر أمنية مطلعة ، قد تكمن في استراتيجية المخابرات الكلاسيكية: “الإيواء ثم الكشف ثم الإزالة”.
النظرية تقول إن السماح لهذه الكيانات بالتحرك بحرية ، بعد استلام السلطة بدمشق ، كان جزءاً من خطة أكبر هدفها:
· جذب العناصر: استدراج المقاتلين المتطرفين من مختلف الجنسيات واخراجها من وكرها ، بعيداً عن العواصم الغربية.
· التعرّف الشامل: بناء قاعدة بيانات ضخمة (داتا) تتضمن هوياتهم، وعلاقاتهم، وطرق تمويلهم، واتصالاتهم حتى بصمات عيونهم.
المعلومات تشير إلى أن عمليات جمع البيانات هذه كانت دقيقة ومستمرة.
· الضربة الحاسمة: الانتظار حتى اكتمال الصورة، ثم شن عملية استئصال شاملة.
“الداتا” الكاملة وتسليم 24 ألف مقاتل
تكتسب المعلومات المتداولة على نطاق خاص، والتي تفيد بأن “الجولاني” قد أعلن البارحة لممثلي الأمم المتحدة بأنه موافق على اجتثاث المقاتلين الذي سلم أسمائهم لاميركا والتحالف الدولي وروسيا والصين بقاعدة بيانات كاملة تضم معلومات تفصيلية عن قرابة 24 ألف مقاتل (منهم مقاتلون أجانب)، أهمية بالغة.
إذا صحت هذه المعلومات، فهي لا تعني “تعاوناً” بالمعنى السياسي، بل قد تكون الدليل المادي النهائي الذي طالما انتظره مخططو الاستراتيجية الدولية.
لماذا الآن؟
يأتي تصريح روبيو بالتزامن مع هذه التطورات ليضع الإطار السياسي لما قد يكون عملية أمنية وعسكرية وشيكة.
إنه التبرير العلني المُعلَب مسبقاً لأي إجراءات مستقبلية، فالخطاب يجهّز الرأي العام الغربي والعالمي لفكرة أن “التهديد التوسعي” لا يزال قائماً.
في الوقت نفسه ، يقطع التصريح الطريق على أي حلفاء إقليميين أو محليين ممن راهنوا على “هيئة تحرير الشام” كورقة تفاوض أو عنصر ضغط.
الرسالة واضحة: هذا الكيان ، بأيديولوجيته وقادته، هو العدو الغير معلن لواشنطن، وليس شريكاً لها.
كلام روبيو ليس حدثاً إعلامياً عابراً، بل من خلال ربطه بالمعلومات المتداولة حول تسليم قوائم المقاتلين وبالسياق التاريخي للدعم “المشبوه”، يأتي بمثابة نعي لمشروع “التطرف الإسلامي”.
إذا كانت”هيئة تحرير الشام والفصائل التابعة لها تحت اسم الجيش السوري الجديد” قد اعتقدت في مرحلة ما أنها تلعب لعبة التوازنات الدولية، فإن التصريح الأمريكي الجديد يؤكد أنها كانت، في أحسن الأحوال مجرد بيدق في لعبة الشطرنج الكبرى في العالم.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى