منوعات

جولة روسية في الجنوب السوري: موسكو نحو استعادة وجودها؟

في ما بدا مؤشّراً إلى تفاهمات سورية – روسية محتملة على ملء الفراغ في الجنوب السوري، أجرى وفد دبلوماسي وعسكري روسي، ترافقه قوات من الأمن العام ووزارة الدفاع السوريَّيْن، جولة استطلاعية، الإثنين الماضي، انطلقت من مدينة سعسع في ريف دمشق، في اتجاه بلدة بيت جن المجاورة لمحافظة القنيطرة، وصولاً إلى بلدة خان أرنبة. واستطلعت الجولة عدداً من القرى التي شهدت – وما زالت – توغّلات إسرائيلية متصاعدة، بدءاً من قريتَي أم باطنة ورويحينة في الريف الأوسط للقنيطرة، وصولاً إلى منطقة حوض اليرموك، مع التركيز على الأماكن التي شكّلت نقاط مراقبة عسكرية روسية قبل سقوط النظام، مثل تَلّ أحمر، التي كانت أحدث قاعدة من بين ثماني قواعد روسية أُنشئت خلال عامين. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، ركّزت الجولة الاستكشافية على موقعَين أساسيَّين، ضمّا وجوداً روسيّاً قبل الانسحاب منهما في أيار 2023، ويبعدان ثلاثة كيلومترات عن الحدود، وهما منطقتا الناصرية وحيران، التي كانت توجد فيها ثكنة عسكرية تابعة للجيش المُنحلّ، وهدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلية في آب 2025.

وأثارت الجولة الميدانية للوفد الروسي، تساؤلات حول طبيعة الدور الذي ستؤدّيه روسيا في جنوب سوريا، في وقت تُصرّ فيه إسرائيل على إدامة احتلالها للمناطق التي دخلتها بعد سقوط النظام. وبحسب قناة «كان» العبرية، فإن «زيارة الوفد العسكري الروسي كانت جزءاً من مُقترح قدّمته موسكو لإعادة الشرطة العسكرية إلى مناطق الجنوب السوري»، وإن هذه العودة تمثّل جزءاً من «اتفاقية أمنية» بين موسكو ودمشق، تقضي بأن تكون القوات الروسية بمثابة حاجز فصل بين الجيش السوري والقوات الإسرائيلية، بعد تعثّر المفاوضات لتوقيع اتفاق «سلام كامل» يكون هو وحده ضامناً للانسحاب، وفق المصدر ذاته.

أولوية النقاش تتركّز حالياً على بحث تفاهمات تتيح نشر قوات عسكرية روسية جنوباً

من جهته، لا يستبعد مصدر مطّلع، تحدّث إلى «الأخبار»، أن يكون الحضور الروسي المُرتقب في جنوب سوريا، مقدّمة لصياغة اتفاق من نوع خاص مع إسرائيل، يكون هذا الحضور بموجبه بوابةً لمنع أي تصعيد خلال فترة قياس النوايا، من دون أن يُحدِث تغييراً في الواقع العسكري على الأرض في المدى المنظور. ويكشف المصدر أن «هناك رغبة سورية نابعة من دفع تركي نحو استعادة الدور الروسي في جنوب سوريا، في وقت تبدو فيه طبيعة هذا الدور غير واضحة، خصوصاً أن إسرائيل لم تعبّر عن استعدادها للانسحاب في المستقبل القريب. ويبدو أن التلاقي الأبرز بين سوريا وإسرائيل من جهة، وتركيا وروسيا من جهة أخرى، هو وجود آلية استقرار، أكثر من كونها ترتيبات أمنية ظرفية يفرضها الأمر الواقع».

وبحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فإن موسكو عبّرت، خلال زيارة وفدها إلى دمشق – والتي تزامنت مع وصول الوفدَين الأميركي والتركي ظهيرة الأحد -، عن توجّسها في شأن قدرة سوريا على الوفاء بالالتزامات المتبادلة، في إشارة إلى زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو، قبل انضمام بلاده إلى «التحالف الدولي ضدّ داعش». في المقابل، ترى دمشق أن أولوية النقاش يجب أن تتركّز حالياً على تحقيق تفاهمات تتيح انتشار قوات عسكرية روسية جنوبي البلاد. ويُتوقّع، وفق تلك المعطيات، أن تبدأ المراحل الأولى لاختبار الانتشار في مناطق محدّدة من ريف القنيطرة، قبل الشروع في انتشار أوسع قد يكون شبيهاً بالحالة التي كان عليها الوجود الروسي سابقاً، وذلك بصيغة تقبلها تل أبيب.

وفيما لم يصدر أيّ تعليق رسمي سوري، حتى اللحظة، ينفي أو يؤكّد صحّة ما أوردته تقارير عبرية عن انسداد أفق التفاوض، وحول وجود مشاركة روسية في الدفع نحو اتفاق أمني مع إسرائيل، سبق للرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، أن أجاب على سؤال عن إمكانية القبول بمنطقة منزوعة السلاح: «إنه من الصعب الحديث عن منطقة كاملة منزوعة السلاح»، متسائلاً: «مَن سيحمي المنطقة في حال حدوث فوضى؟ ومَن سيكون مسؤولاً عنها في حال استخدامها كمنصّة من قِبَل بعض الأطراف لمهاجمة إسرائيل؟».
إلى ذلك، رفعت قوات «اليوندوف» التابعة للأمم المتحدة ، قبل خمسة أيام من الجولة العسكرية الروسية، علمها في موقع عسكري متقدّم، يبعد مسافة كيلومتر واحد عن تَلّ أحمر الخاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية، ليمثّل نقطة عسكرية ثابتة لها، فيما من المُنتظر أن تتّضح طبيعة المهمّة الأممية وحجم انتشار تلك القوات، خلال الفترة المقبلة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى