يكشف تحقيق نيويورك تايمز بعنوان «فرق الإعدام والقفزات القسرية نحو الموت: نقطة تحوّل في سوريا» عن موجة مروّعة من الانتهاكات ضد المدنيين في محافظة السويداء بعد عشرة أشهر من سقوط نظام بشار الأسد.
يظهر التقرير أنّ الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وهو مقاتل سابق في الجماعات الجهادية، فشلت في ضبط الميليشيات والقوات الموالية لها، ما أدّى إلى تصاعد العنف الطائفي ضد الأقليات، ولا سيما أبناء الطائفة الدرزية.
أسفرت أحداث السويداء عن مقتل نحو ألفي شخص، معظمهم من المدنيين الدروز، في واحدة من أكثر المجازر دموية منذ انهيار النظام السابق. وثّق التحقيق مقاطع فيديو وشهادات تُظهر إعدامات ميدانية، وإجبار مدنيين دروز على القفز من الشرفات، وإهانات متعمّدة بحق الشيوخ المسنّين عبر حلق شواربهم. كما حوّل الجنود المستشفيات إلى ساحات قتل، ونُفّذت عمليات إعدام جماعية في الشوارع أمام العامة.
هذه الفظائع هزّت الثقة بالحكومة الجديدة، ودَفعت الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، إلى الدعوة للانفصال عن سوريا، فيما جمّدت القوى الكردية تعاونها مع دمشق. وعلى الرغم من الوعود الرسمية بالتحقيق، لم تظهر مؤشرات جدّية على المحاسبة.
ويضع التقرير مجزرة السويداء في سياق الانقسام الطائفي العميق الذي تعانيه سوريا منذ عقود بين السنّة والعلويين والشيعة والمسيحيين والدروز، والذي تفاقم بعد سقوط النظام. لقد تحوّلت وعود الشرع ببناء «سوريا جديدة» إلى واقع من الانتقام والانقسام، لتغدو السويداء رمزًا مأساويًا لفشل الانتقال من الاستبداد إلى الاستقرار.
